لبنان يشهد تزايداً في احتياطات الدولار

سوليكا علاء الدين

كشفت أحدث بيانات مصرف لبنان عن ارتفاع في احتياطات الدولار بنحو 500 مليون دولار مُسجلاً 9 مليارات دولار من دون التصريح عن أسباب هذه الزيادة، وذلك بعد الانخفاض الكبير في موجوداته الخارجية التي بلغت 608.38 ملايين دولار أميركي (4.23 في المئة) خلال النصف الثاني من شهر تموز الماضي، بحيث تراجعت قيمة إحتياطات مصرف لبنان بالعملة الأجنبيّة إلى 8.76 مليارات دولار أميركي (131.37 تريليون ل.ل.) في نهاية تموز 2023.

مصادر “المركزي” أشارت إلى أنّ تأمين هذه الدولارات من السوق جاء نتيجة التعاون مع الدولة لتعزيز ايراداتها، مُعتبرة أن هذه الخطوة التي تأتي في زمن الحرب والأزمات، من شأنها أن تعزز الاستقرار النقدي الموجود منذ الصيف الماضي. إرتفاع حجم الاحتياطي شكّل مفاجأة إيجابية لا سيما أنّ لا جديد يُذكر سواء على صعيد إنهاء الفراغ الرئاسي أو الشروع في تنفيذ أي من الاصلاحات الاقتصادية أو التوافق الداخلي وإرساء الاستقرار السياسي أو غيرها من الاجراءات التي يُمكن أن يُعزى لها هذا الارتفاع في ظل الأوضاع الراهنة وحالة القلق والتوجس التي يعيشها لبنان خوفاً من أي حرب مُحتملة.

لا يُخفى على أحد أنّ مصرف لبنان يقوم بشراء الدولارات مقابل الليرات وجمعها من السوق المحلية من أجل تجفيف الليرة بحيث تقلص حجم الكتلة النقدية بالليرة مسجلاً مستويات متدنية عند 53 تريليون ليرة بعد انخفاضها نحو 10 تريليون منذ نيسان الماضي وبالتالي التخفيف من قدرة المضاربين على تسريع انهيار الليرة. ناهيك عن استفادة “المركزي” من بعض إيرادات الدولة التي تتم جبايتها، بعدما قامت الدولة بـ”دولرة” العديد من الرسوم والضرائب، ليصبح مصرف لبنان المتحكم الوحيد بسعر الصرف في السوق السوداء والذي بات يمتلك قرار شراء الدولار أو بيعه ما عزّز من الاحتياطات لديه بالعملة الصعبة.

وفي سياقٍ آخر، كانت ميزانية “المركزي” قد أظهرت أواخر الشهر الماضي إرتفاعاً في قيمة احتياطات الذهب التي يملكها المصرف مُسجلة نحو 18.42 مليار دولار أميركي، وذلك مقارنة بـ17.37 مليار دولار فقط في منتصف شهر تشرين الأوّل الماضي. هذا يعني أنّ قيمة الذهب الموجودة لدى المصرف المركزي قد ارتفعت بنحو 1.05 مليار دولار، خلال فترة لا تتجاوز الـ15 يوماً فقط، ويعود ذلك إلى تسجيل أسعار الذهب في الأسواق العالمية أفضل أداء أسبوعي لها خلال فترة سبعة أشهر على إثر الحرب الاسرائيلية على قطاع غزّة وتصاعد المخاوف بشأن الأوضاع المتوترة في منطقة الشرق الأوسط.

وفي مقارنة سنوية سريعة مع أرقام الفترة عينها من العام الماضي، أظهرت ميزانيّة مصرف لبنان نصف الشهرية الأخيرة لشهر تشرين الأول من العام 2022، تراجعاً بنسبة 0.67 في المئة أو 102.55 مليون دولار أميركي في قيمة إحتياطات الذهب إلى 15.32 مليار دولار أميركي. وتُشير هذه الأرقام إلى أنّ مصرف لبنان استطاع أن يحقق مكاسب إضافية بقيمة 3.1 مليارات دولار جراء ارتفاع أسعار الذهب العالمية بين العامين، الأمر الذي عاد بالفائدة على المصرف المركزي.

لا شك في أنّ هذه الزيادة هي الأولى التي يشهدها مصرف لبنان منذ فترة طويلة وتبقى خطوة مالية ونقدية واقتصادية إيجابية وسط التخبط الذي يشهده لبنان، لكنها ليست كافية وضامنة لعودة الدور المحوري لمصرف لبنان إلى مسار عودة النهوض والتعافي. وعلى الرغم من الاجراءات التي يتخذها “المركزي” للحفاظ على الاستقرار النقدي، أبرزها رفض المس بالاحتياطي الالزامي الدولاري، إلا أن عدم الاستقرار السياسي واستمرار سيطرة الشغور على كرسي الرئاسة الأولى والتوترات الأمنية والعسكرية المُستجدة تُشكل عوامل ضغط على الاستقرار النقدي الذي قد يهتز في أي وقت؛ الأمر الذي يتطلب الاسراع في الوصول إلى تفاهم سياسي يمهّد الأرضية لاستقرار اقتصادي هو أكثر ما يحتاجه لبنان اليوم لبدء الخروج من أزمته.

شارك المقال