سياسة التلاعب وتلميع الصورة الاسرائيلية

حسناء بو حرفوش

لن يعود الشرق الأوسط كما كان في أعقاب هجوم 7 تشرين الأول 2023. وما يحصل هو عمل تضليلي فادح يجري منذ سنين طويلة لصالح إسرائيل والولايات المتحدة، وذلك بهدف خلق صورة لامعة لاسرائيل لا تتوافق أبداً مع واقعها الاستيطاني.

والحقيقة المروعة، حسب مقال في موقع counterpunch الأميركي هي “أن الأمر تطلب مقتل أكثر من 34 ألف فلسطيني لكي يدعو كثر في الولايات المتحدة والعالم أخيراً الى تحرير فلسطين. ذلك أن الجسم السياسي الأميركي روّج لفترة طويلة لتلميع صورة إسرائيل وهذا تناقض صارخ مع الإبادة اليومية في غزة.

وتهيمن إسرائيل منذ فترة طويلة على السياسة والحكومة الأميركية. ويواصل أولئك الذين يرغبون في الحفاظ على هياكل السلطة القائمة، إنكار الابادة الجماعية التي يشهدها العالم مباشرة، وقد حشدوا جهودهم لسحق أولئك الذين يعارضون حرب إسرائيل ضد الفلسطينيين.

ولعقود من الزمن، تلاعبت إسرائيل بالسياسيين الأميركيين عاطفياً ومالياً لتعزيز طموحاتها التوسعية. وقامت جماعات الضغط الاسرائيلية، بضخ المليارات في خزائن السياسيين المتقبلين. وأدى الإنفاق المؤيد لاسرائيل إلى زيادة دعم الكونغرس لنظام الفصل العنصري. وفي العام 2024، تخطط أيباك لإنفاق 100 مليون دولار في محاولة لإقالة أعضاء الكونغرس التقدميين (ثمانية) الذين انتقدوا السياسة الاسرائيلية ودعوا إلى وقف إطلاق النار في غزة.

وفي يناير/كانون الثاني 2024، نشرت صحيفة غارديان تحليلها لبيانات الحملة الانتخابية. ووجدت أن أعضاء الكونغرس المؤيدين للحرب حصلوا على أكبر قدر من الأموال من جماعات الضغط الاسرائيلية.

كما استغلت إسرائيل الأيديولوجية الدينية لإضفاء الشرعية على سرقة الأراضي، وطرد الفلسطينيين والترويج للإبادة الجماعية التي تشنها على غزة. واستخدم اليمين المتطرف مثل هذه الاشارات لتبرير قتل الفلسطينيين منذ فترة طويلة. ووجد الصهاينة حلفاء أقوياء في البيت الأبيض وفي الكونغرس الأميركي.

أما في سياق الصحافة، تم تشكيل الرأي العام الأميركي بحيث ينظر بعين العطف إلى إسرائيل. وأصبحت الصحافة السائدة إلى حد كبير بمثابة خدمة اختزالية للمصالح الأميركية الاسرائيلية. على سبيل المثال، يأتي معظم النقاد ومن يسمّون بالخبراء على شاشات التلفزيون من مؤسسات الفكر والرأي التي تمولها الجماعات المؤيدة لاسرائيل.

ويقابل التحليل أو النقد الصادق فكرياً لاسرائيل بضغوط منسقة من جماعات الضغط اليهودية أو بالوصف المخيف لمعاداة السامية. وقد استُخدمت مثل هذه التكتيكات لخلق مناخ من الترهيب، ما أدى في كثير من الأحيان إلى الرقابة الذاتية. ومنذ هجوم تشرين الأول/أكتوبر، واجه عدد من الصحافيين الرقابة أو الانتقام أو الفصل بسبب تقديمهم الرواية الفلسطينية أو انتقادهم العنف الاسرائيلي.

وكثفت القوات الموالية لاسرائيل ضغوطها على الاداريين، مع تزايد المظاهرات في حرم الجامعات. واستخدم المانحون الأثرياء التهديدات لحجب التبرعات إذا سمح بانتقاد إسرائيل. وفي وقت سابق من شهر أبريل/نيسان، ألغت جامعة جنوب كاليفورنيا، بسبب مخاوف أمنية غير محددة، خططاً لإلقاء خطاب التخرج للطالبة المتفوقة لهذا العام، وصودف أنها طالبة مسلمة.

واستخدم الموالون لاسرائيل وسائل الاعلام ببراعة لتشكيل التصورات والمواقف العامة وامتلأت شاشات السينما والتلفزيون بالصور الايجابية والمتعاطفة عن إسرائيل والتي شكلت التصورات العامة. وعلى الرغم من أن المعسكر المؤيد لاسرائيل وحلفائها يواصلون السيطرة والتأثير على الكونغرس والسلطة التنفيذية، لا يمكنهم نفي أنهم بدأوا بفقدان السيطرة التدريجية على السردية السائدة”.

شارك المقال