موظفو “البنك الاسلامي” إلى الشارع بتعويض “بخس”… وتهديد بالتصعيد!

إسراء ديب
إسراء ديب

لم يُرحم القطاع المصرفي “المتأزّم” في البلاد من الضربات المتتالية التي أهلكته حين وقع بين مطرقة الجمود السياسيّ وسندان الأزمات الاقتصادية والمالية التي عصفت محلّياً وتفاقمت وطنياً منذ العام 2019، وهي مستمرّة في انعكاساتها على القطاعات المحلّية كافّة حتّى يومنا هذا، إذْ لم يكن خبر تنفيذ موظفي البنك “الاسلامي اللبناني” – فرع طرابلس والشمال اعتصام مطلبيّ (رفضوا فيه التهديدات التي يتلقونها بالصرف الذي وصفوه بـ “التعسّفي” عبر إعطائهم في نهاية خدمتهم التي تجاوزت الـ 14 عاماً، تعويضاً لا يُمكن أن يكون عادلاً)، غريباً على هذا القطاع الذي يتلقّى صفعات مختلفة تضرب الموظفين والمودعين.

في الواقع، لم يمرّ الاعتصام التضامنيّ الذي نفذه اتحاد نقابات العمّال والمستخدمين في الشمال وموظفو “البنك الاسلامي” يوم الخميس للمطالبة بعدم المساس بحقوق الموظفين الـ 4 شمالاً وغيرهم أيضاً في فرع البنك الكائن في بيروت، مرور الكرام، بحيث كشف حجم “المكائد” التي تُطيح حقوق بعض الموظفين في مقابل إقناعهم “ولو بالقوّة والظلم” بمردود أو بتعويض بائس قائم على إعطائهم “قروشاً بخسة” بعد إسكاتهم وتهديدهم بسحبها عند الاعتراض أو الرفض.

من هنا، لا يُخفي أحد الموظفين في المصرف غضبه من الحال التي وصل إليها القطاع بعد سنوات من العطاء، مؤكّداً لـ “لبنان الكبير” أنّهم “حرموا منذ بداية الشهر الحاليّ من الحصول على معاشاتهم المتدنّية وغير المقبولة أساساً في بنك يقوم بتصفية أعماله سعياً الى إقفاله، أيّ إقفال فرعيه في طرابلس وبيروت، ولم يكن سحبهم الآلات والأغراض وغيرها من الفرع إلّا دليلاً قاطعاً على الاقفال القائم على إعطائنا التعويض الذي يصل إلى 1500 دولار بعد 17 عاماً من الخدمة، بينما يتلقّى موظف بنك الاعتماد أيّ المجموعة التي ينتمي إليها المصرف ونتلقّى كموظفين رواتبنا منه 5000 دولار شهرياً فقط، أي ما يُعادل معاش 15 موظفاً في البنك الاسلامي ضمن الفرعيْن، أمّا نحن فكنّا نتلقّى راتباً يصل إلى 180 دولاراً أو 200 دولار شهرياً فقط، كما حرمنا من نسبٍ أخذها موظف الاعتماد ولم نكن نحصل عليها أبداً”.

ويقول: “صمتنا في الفترة الأخيرة، فكان جزاؤنا صرفنا عن العمل على حسب الليرة اللبنانية، لذلك قمنا بتنفيذ إضراب منذ 5 أيّام تقريباً، بسبب أزمة مستمرّة منذ 2019 عمدوا فيها الى عدم زيادة رواتبنا المتدنّية والتي لا تكفي ثمن الاشتراك الكهربائي، لكن منذ عام تحديداً تفاقمت الأزمة، واتفقنا مع موظفي بيروت على رفع الصوت لنناشد المعنيين التدخّل”.

بروتوكولياً، يتحدّث الموظف عن ضرورة تلقّي ما يُعادل 36 شهر عمل كتعويض عن تصفية الفرع الذي تمّ استغلاله، مُشيراً الى ضغوط عدّة تُمارس من إدارة البنك عليهم ليتراجعوا عن مواقفهم. ويوضح أن “مصدر الضغط كان من محمّد اللاذقي أيّ المدير العام للبنك الاسلامي وهو موظف في الاعتماد الذي اشتكينا له في السابق فردّ علينا بفوقية غير مقبولة لا سيما في طرابلس التي تُحرق مصارفها وتُغلق من دون وجه حقّ”.

ويضيف: “نطالب برفع السرية المصرفية عن معاشات القائمين على هذه المصارف، وإذا قمنا بهذه الخطوة فعلياً فلن يُقفل أيّ فرع مصرفيّ، ومستعدّون لعرض ورقة معاشاتنا لأن ما يحدث مع موظفي المصارف غير مسبوق في لبنان وهو الأوّل من نوعه. لذلك نحن مستمرّون بالمطالب التصعيدية ونطالب أيضاً باجتماع طارئ مع بديع قزي وهو مسؤول عن التعويضات في بنك الاعتماد لنتمكّن من تحديد الأنسب والأفضل، ونحن لا ننكر الأزمة التي نعيش فيها”.

وقائع

في السياق، وفي ظلّ أزمة ماليّة خانقة، يعمل أحد موظفي هذا المصرف في فرن بعد الظهر بعد عجزه عن تأمين قوت يومه، عدا عن موظفين كانوا قد صرفوا من فرع مصرف “الاعتماد” في التلّ ليعملوا كسائقي “توك توك” في المدينة بعد سنوات من العمل والجهد، الأمر الذي يُبيّن حجم الأزمة التي يُواجهها القطاع المصرفي في البلاد والذي يدفع إلى اتخاذ الموظفين وداعميهم قراراً الأسبوع المقبل بشأن تنفيذ خطوات تصعيدية إنْ لم يتمّ الاهتمام بالمطالب.

وفي معطيات لـ “لبنان الكبير”، فإنّ “المصرف الاسلامي” يملكه “الاعتماد اللبناني” وله أكثر الأسهم فيه، وبالتالي فإنّ الموظفين الذي يتلقّون راتباً لا يتجاوز الـ 200 دولار، يشعرون بالغبن خصوصاً وأنّ اللجنة الشرعية في المصرف يُديرها مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، الأمر الذي شكّل أزمة بين الموظفين والقائمين بحيث يتساءل الكثير منهم عن دور المفتي وأهمّية تدخله لانصافهم. كما تحدّث آخرون عن ضرورة تدخل مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمّد إمام مع المعنيين السياسيين في المدينة لفرض العدالة.

وفي وقتٍ يتحدّثون فيه عن تعويض للموظفين على 16 شهراً فقط وهو لا يكفيهم، يُؤكّد مصدر لـ “لبنان الكبير” أنّ البنك كان “يعمل ويربح في ظلّ وجود موظفين أفنوا شبابهم في خدمة المكان الذي خرجوا منه بتعويض فرنكات من الضمان لا يكفيهم شهرين وبتعويض لا يكفيهم ثلاثة أشهر، وهو ظلم كبير بحقّهم لأنّ أعمارهم باتت لا تسمح بالحصول على وظيفة لائقة”، مطالباً بـ”تنفيذ تعويض الدمج المصرفيّ المقترح من اتحاد موظفي المصارف في لبنان”.

الدّعم والتضامن

لا يغفل رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف جورج الحاج عن خطورة الأزمة والاشكالية التي يُواجهها هذا المصرف، ويقول لـ “لبنان الكبير”: “إنّ ما حدث مع موظفي البنك الاسلامي في طرابلس يرتبط بالتصفية وبالتالي عند هذه المرحلة سيتجّه كلّ الزملاء في الفرعين إلى المنزل، وهذه الاشكالية تكمن لدى إدارة البنك التي لا تتعاطى منذ شهريْن مع موضوع التعويضات الرئيس بطريقة حضارية أيّ صحيحة ولازمة في هذه الظروف، إذْ لا بدّ من جمع الموظفين جميعهم للحديث عن واقع الأزمة وعدم القدرة على الاستمرارية وبالتالي التفاهم على التعويضات، وهذا حقّ للمودع عند التصفية وكذلك للموظف أيضاً بمجرّد انتهاء عمله”.

وبعد تأكيده تضامن الاتحاد مع نقابة موظفي المصارف في لبنان وكذلك في الشمال، ودعمهم قرار عدم توجّه الموظفين إلى عملهم إلى حين اتفاق الادارة على التعويضات، “أعلمنا بما حدث في السياق ضمن طرابلس، حيث أعلن التضامن أيضاً بالتنسيق مع مجلس النقابة، لذلك ستُسجّل حركة ما الأسبوع المقبل ضمن هذا الاطار، لتُنتج تفاهماً عسى أن يُكلّل بالنجاح فيُقدّم تعويضات مناسبة وعادلة، بما يعني أنّ المصرف سيبقى مقفلاً مع إضراب الموظفين الذين يُعتبرون أيضاً مودعين وفي حال عدم تلقّيهم رواتبهم نقدياً سيُواجهون مشكلة عند فتح حسابهم في مصرف آخر، الأمر الذي يُشير إلى أنّهم يدفعون ثمناً مزدوّجاً أوّله فقدانهم العمل وثانيه يرتبط بخسارتهم ودائعهم الموجودة”.

وإذْ يرى الحاج أنّ أزمة القطاع المصرفيّ تطول مع تفاقم تداعياتها واستمراريتها، يُشدّد على أنّ بعض القرارات الحكومية الخاطئة كانت قد شكّلت انعكاسات سيئة مختلفة، معتبراً أنّ “الكثير من المصارف في الفترة الأخيرة باتت تواجه مشكلة الاقفال والانتقال منها إلى بيروت، ما يلفت إلى الوضع الصعب الذي يدفع إلى متابعة الحسابات المرافقة للبنك في فرعه في العاصمة”.

ويدعم رئيس اتحاد نقابات العمّال والمستخدمين في الشمال النّقيب شادي السيّد هذه المطالب، معتبراً أنّ أيّ ظلم أو إساءة ممنوعة في هذه الظروف المعيشية القاسية. ويقول لـ “لبنان الكبير”: “سندعم أيّ موظف، عامل، أجير أو مياوم في أيّ قطاع يتعرّض فيه إلى الظلم، ونقول حذار المساس بمصير الموظفين والاستهتار بحقوقهم ورواتبهم”.

ويُؤكّد أنّ الاعتصام لن يقتصر على طرابلس فحسب، داعيًا كلّ النقابيين للتضامن مع هذا القطاع وموظفيه “وصولًا إلى تسوية تُعيد بناء قطاع المصارف عبر إعادة النّظر في تفاصيله التي تستدعي إعادة بناء الثقة فيه، وذلك من دون إبداء أيّ ظلم للمصرف أو للمودع الذي يُواجه ظروفًا متعثّرة بتنا ندركها جيّدًا”.

شارك المقال