الدولار 89 ألفاً… أين الصرافون؟

حسين زياد منصور

أين هم الصرافون الآن؟ سؤال كثيراً ما يطرح، خصوصاً بعد حصول “شبه تثبيت” لسعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي عند 89 ألف ليرة، فلم يعد الكثيرون بحاجة الى التوجه للصرافين، وأصبح من الممكن التصريف في الدكاكين والصيدليات والمطاعم، من دون نسيان الصرافين غير الشرعيين الموزعين على مجمل الأراضي اللبنانية، منهم من اتخذ مكاتب ومحالاً لهم، وآخرون منتشرون بين الشوارع والسيارات، يلوحون بمئات الآلاف من الليرات اللبنانية، مضاربين على الصرافين الشرعيين.

مما لا شك فيه اليوم، ومنذ “شبه تثبيت” سعر الصرف، لم تعد الاتهامات والضجة تطارد الصرافين، في ما يتعلق بالتلاعب بسعر صرف الليرة، خصوصاً وأن الصرافين غير الشرعيين، شوّهوا صورة الشرعيين منهم، فلم نعد نشهد “العجقة” أو الزحمة عندهم، لذلك نعود ونطرح السؤال: “أين هم الصرافون الآن؟”.

يقول رئيس نقابة الصرافين في لبنان مجد المصري في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “في ظل شبه استقرار سعر الصرف اليوم لا شك في أن الأرباح أصبحت قليلة ومحدودة جداً، والمنافسة كبيرة فليس هناك من يتلاعب بسعر الصرف والمراهنة صعوداً ونزولاً وتحديداً من الصرافين غير الشرعيين. والصراف الشرعي يطلق صرخته، ليس بسبب سعر الصرف وحسب، بل بسبب المضاربة من الصراف غير الشرعي”.

ويضيف: “السوق عاد اليوم الى حجمه الذي كان عليه قبل الأزمة، لكنه أقل من ذلك لأنه الآن أصبح مدولراً، ولس مثلما كان قبلاً. سوق الصرافة بالليرة الآن أصبح شبه معدوم، مثلاً يدخل الزبون يصرف من ١٠٠ دولار ١٠ أو ٢٠ دولاراً على اللبناني والباقي يريده دولاراً”.

ويؤكد أن “ليست هناك أسواق من ناحية الليرة، ومع ذلك نتنافس مع عدد كبير من الصرافين غير الشرعيين، فعدد الشرعيين منهم في كل الأراضي اللبنانية 304، لكن في المقابل هناك الآلاف من غير الشرعيين”، مشيراً الى أن “المشكلة أيضاً أن الصرافين غير الشرعيين بعدما لم يجدوا افادة من سوق الليرة، انتقلوا الى سوق العملات الاجنبية التي من الممكن أن تصل الى لبنان من يورو وباوند…، وهذا جزء من المحاربة التي يواجهها الصراف الشرعي أمام غير الشرعي، وطبعاً هذه المنافسة غير عادلة لأن الصراف الشرعي تنطبق عليه تعاميم وقوانين مكافحة تبيض الأموال من أوراق ومستندات وتصاريح وايجارات وموظفين وتدقيق حسابات، في المقابل كل هذه الأمور لا تنطبق على الصراف غير الشرعي، مثلاً: نحن نرضى بـ 50 ليرة ربحاً، اما الصراف غير الشرعي فيرضى بـ 20 ليرة”.

ويلفت المصري الى أن “هناك الكثير من الصرافين الذين بدأوا بتصغير أحجامهم، فمن عنده 5 أو 6 موظفين أصبح يستغني عن اثنين أو 3، لأن رواتب الموظفين ليست صغيرة أو قليلة، مثلاً الصراف الذي كان يصرف 1000 دولار والآن يصرف 20 دولاراً من أين سيؤمن الأموال لتلبية الاحتياجات اللازمة والرواتب؟”.

ويضيف استناداً الى إحصاءات أجروها وأكد عليها خبراء ماليون أجانب ومحليون: “بين السنة الماضية واليوم، انخفضت نسبة الأعمال لدى الصرافين الشرعيين 70٪، وأصبح العمل مقتصراً على 30٪، فمثلاً الكونتوار الذي كان يعمل 500 دولار الآن يعمل 150 دولاراً”.

ويوضح المصري أن “التقارير التي نعدها كصرافين شرعيين ونعطيها لمصرف لبنان يمكنه من خلالها معرفة حجم السوق، لكن في هذه الحالة نحن نشكل 10٪ من حركة السوق الموجودة، والأرقام غير الصحيحة تمنع مصرف لبنان من التدخل بصورة سليمة واتخاذ القرارات الصحيحة”، قائلاً: “في هذه الحالة المنظمات العالمية المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال، عندما تجد أن الأرقام شيء والواقع شيء آخر، تصنّف لبنان كبؤرة لتمويل الارهاب ما يؤدي الى وضع لبنان على اللائحة الرمادية أو السوداء، وهذا يعني أن حتى الكريديت كارد لا يمكن استعمالها والشراء من خلالها أونلاين، ولا يمكن التحويل الى الخارج فتصبح لدينا عزلة بسبب ذلك”.

ويشدد على “ضرورة توقيف كل الصرافين غير الشرعيين لأن ذلك سيؤثر على لبنان ويسيء اليه”.

في المقابل، يرى أحد الخبراء الاقتصاديين والمتابعين لملف الصرافين منذ البداية، أن “الوضع اليوم مختلف جداً عن الأشهر الماضية، أي ما قبل التثبيت المؤقت عند 89 ألف ليرة، عمل الصرافين، وخصوصاً الشرعيون حالياً انخفض بصورة كبيرة، وهناك عدد منهم غير قادر سوى على تصريف جزء صغير جداً من المبالغ التي كان يصرفها”.

ويقول في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “في العادة تنشط أعمالهم عندما يبدأ الدولار باللعب، وهو موسم الافادة عندهم، لكن حالة الاستقرار الممتدة منذ أشهر، ليست في صالحهم، ان كانوا شرعيين أو غير شرعيين. فالصرافون الشرعيون استفادوا من الأزمة، ولكن غير الشرعيين استفادوا أكثر، وذلك لعدة أسباب، وبجشع البعض شوهت صورة الصرافين الشرعيين”.

شارك المقال