الامارات تسير بثبات نحو نمو اقتصادي متميز

سوليكا علاء الدين

توقّع أحدث التقارير الصادرة عن “أكسفورد إيكونوميكس”، بتكليف من معهد المحاسبين القانونيين في إنكلترا وويلز “ICAEW”، أن ينمو إجمالي الناتج المحلي للامارات العربية المتحدة بنسبة 4.8 في المئة في العام 2024. إذ إنّ الدولة تسير على الطريق الصحيح لمضاعفة نموّها الاقتصادي، مدفوعاً بارتفاع إيرادات النفط وبتوسع قوي في القطاع غير النفطي الذي تعتمده كجزء من استراتيجيتها لتعزيز التنمية الاقتصادية. وتلعب خطط التنمية التي تنفذها الدولة دوراً مهماً في دعم النمو الاقتصادي، لا سيما في القطاع غير النفطي. وقد ساهم بيع السندات السيادية الناجح، والذي جمع 1.5 مليار دولار، في دعم هذه الجهود.

ولفت التقرير إلى أن الناتج المحلي الاجمالي للامارات شهد نمواً فعلياً بنسبة 3.7 في المئة على أساس سنوي في الربع الثاني من العام 2022، مدعوماً بأداء القطاع غير النفطي. ومن المرجّح أن تتجاوز الفوائض المالية 5 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي على المدى القريب والمتوسط. وفي العام الماضي، تجاوزت الفوائض المالية 9 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، وهي ثاني أعلى نسبة في المنطقة بعد قطر، على خلفية نمو الايرادات بنسبة 31.8 في المئة، وهو ما يرجع إلى حد كبير إلى ارتفاع عائدات النفط. وقد تمّ تعزيز هذه المرونة المالية بصورة أكبر من خلال نمو القطاع غير النفطي، والذي يحقق بذلك تدفقاً بديلاً ومستقراً للايرادات.

تقرير “أكسفورد إيكونوميكس”، ذكر أنّ الاندماج المرتقب للامارات ضمن مجموعة البريكس، في شهر كانون الثاني 2024، يمثل علامة فارقة مهمة، بحيث من شأنه أن يُعزّز فرص التجارة والاستثمار ويدعم استراتيجية التنويع والنمو للدولة. ومن المتوقع أن تستفيد قطاعات الخدمات اللوجيستية والتكنولوجيا والبنية التحتية والتمويل خصوصاً من هذا الانضمام.

وأضاف التقرير أنّ القراءات الأخيرة لمؤشر مديري المشتريات (PMI) سجّلت أعلى مستوى له منذ جائحة كوفيد-19 في تشرين الأول 2023، حيث بلغ 57.7 نقطة. واستمر هذا النمو في تشرين الثاني، بحيث سجل المؤشر 57 نقطة. كما أظهر أنّ قطاع الائتمان أيضاً يسير على مسار النمو، بحيث ارتفعت قروض التجزئة بنحو 10 في المئة على أساس سنوي على الرغم من ارتفاع تكاليف الاقتراض. كما أنّ من المتوقع أن يبلغ متوسط إنتاج النفط 3.35 ملايين برميل يومياً في العام 2024، وهو ما يعتبره التقرير إشارة إيجابية، على الرغم من أنه أقل بكثير من الطاقة القصوى للدولة البالغة حوالي 4.5 ملايين برميل يومياً.

وتُحرز دولة الامارات تقدماً كبيراً في مجال الاستدامة، بحيث تقوم بتمويل الصكوك الخضراء، وتخصيص الأموال للمشاريع المستدامة، وتعزيز تحولها إلى اقتصاد خال من الانبعاثات. ومن المنتظر أن تكثف دولة الامارات جهودها في ها المجال، لا سيما بعد استضافتها مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ “كوب 28”.

وكانت الامارات قد أعلنت عن خططها لخفض انبعاثاتها بنسبة 40 في المئة عن مستويات العام 1990 المستخدم بموجب اتفاقية باريس، ارتفاعاً من 31 في المئة سابقاً، في طريقها إلى صافي الصفر بحلول العام 2050. كما أعلنت عن هدف إنتاج 1.4 مليون طن من الهيدروجين بحلول العام 2031، منها مليون طن من الهيدروجين الأخضر، الذي يتم إنتاجه باستخدام الطاقة المتجددة. ومن المتوقع أن يصل إجمالي إنتاج الهيدروجين في دولة الامارات إلى 15 مليون طن بحلول العام 2050. بالاضافة إلى ذلك، تخطط لمضاعفة قدرة الطاقة المتجددة لديها ثلاث مرات بين عامي 2023 و2030.

تقود الامارات جهود خلق وبناء مستقبل أكثر استدامة بحلول العام 2030، وذلك من خلال مجموعة من المبادرات والمشاريع التي تهدف إلى تعزيز أهداف التنمية المستدامة وتحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. وتسعى الدولة إلى تنويع اقتصادها وتقليل اعتمادها على النفط، بحيث قطعت أشواطاً مهمة في هذا المجال. وكان آخر إنجازاتها الاستضافة الناجحة لمؤتمر “كوب 28″، ما ساهم في تعزيز مكانتها كدولة رائدة في مجال العمل المناخي وزيادة الاستثمار في القطاعات غير النفطية. وفي حال تحققت توقعات النمو الاقتصادي المرتفعة للدولة، فإن ذلك سيكون مؤشراً إيجابياً لاقتصاد الامارات، ويعكس جهود الدولة الرامية إلى تعزيز النمو والتنمية الاقتصادية.

شارك المقال