بين التباطؤ والركود… الاقتصاد العالمي يدخل عام 2024

هدى علاء الدين

على الرغم من الأداء الجيد للاقتصاد العالمي في العام 2023، إلا أن هناك بعض المخاطر التي لا تزال قائمة، أبرزها كيفية تعاطي المصارف مع أسعار الفائدة التي ارتفعت إلى أعلى مستوياتها بهدف مكافحة التضخم، فضلاً عن معضلة الجغرافيا السياسية التي لا تزال مصدر قلق كبير، بحيث أدّت الصراعات والحروب إلى اضطرابات سلاسل التوريد العالمية وركود في الاقتصاد العالمي.

ومع دخول الاقتصاد عامه الجديد، تكثر التكهنات حول مستقبله ومساره في العام 2024، لا سيما وأن وضع الاقتصاد الكلي في ذلك العام سيظل صعباً وغير مؤكد. على سبيل المثال، إذا لم يحدث تراجع اقتصادي كبير، فإن الهبوط النهائي إلى التضخم بنسبة 2 في المئة سيستغرق وقتاً أطول.

وفي ما يلي أهم 10 توقعات اقتصادية للعام 2024 وفقاً لـ S&P Global Market Intelligence:

1. سوف يعتدل التضخم أكثر:

من المتوقع أن يستمر التضخم في التراجع في العام 2024، بعد أن توقف انخفاضه الحاد في منتصف العام 2023. ويرجع ذلك إلى انتعاش أسعار الطاقة واستقرار التضخم الأساس، خصوصاً في قطاع الخدمات. ويتوقع محللو S&P Global Market Intelligence أن يبلغ معدل التضخم العالمي للاستهلاك 4.7 في المئة في العام 2024، بانخفاض عن 5.6 في المئة في العام 2023 وذروة بلغت 7.6 في المئة في العام 2022. كما أن من المتوقع أن تنخفض معدلات التضخم في معظم المناطق في العام 2024 مقارنة بالعام 2023.

2. نمو أقل من المتوقع في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية:

من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي والأوروبي بمعدل أقل من المتوقع في العام 2024. ويرجع ذلك إلى الجهود المبذولة لاعادة التضخم إلى مستوياته المستهدفة. ومن المتوقع أيضاً أن ينخفض معدل النمو العالمي الحقيقي للناتج المحلي الاجمالي إلى 2.3 في المئة في العام 2024، بانخفاض عن 2.7 في المئة في العام 2023. ومع ذلك، من المتوقع أن تساعد قوة الاقتصادات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في تجنب ركود عالمي حاد.

3. تعافٍ بطيء للاقتصاد الصيني:

من المتوقع أن يشهد اقتصاد الصين القارية تعافياً بطيئاً خلال العام 2024، معتمداً على سياسات تحفيزية أكثر مرونة، وتحسن تدريجي لثقة القطاع الخاص، واستقرار متوقع في سوق العقارات المتعثرة. وتتوقع الوكالة نمواً سنوياً حقيقياً للناتج المحلي الاجمالي في الصين القارية بنسبة 4.7 في المئة في العام 2024، مقابل 5.4 في المئة متوقعة في العام 2023.

4. خفض أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة:

مع تزايد الثقة بانحسار التضخم إلى مستوياته المستهدفة، من المتوقع أن تبدأ المصارف المركزية الرئيسة في الاقتصادات المتقدمة في تخفيف السياسة النقدية بحلول منتصف العام 2024. وستبدأ هذه العملية بتخفيضات أسعار الفائدة، والتي ستستمر حتى تزول مخاوف ضغوط الأسعار الأساسية. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يستمر التشديد الكمي (QT) من هذه المصارف.

5. التيسير المبكر للسياسة النقدية في الأسواق الناشئة:

بدأت المصارف المركزية في أميركا اللاتينية بتشديد سياستها النقدية مبكراً نسبياً، ما ساعد في الحفاظ على استقرار توقعات التضخم والحد من التأثيرات التراكمية. وعلى سبيل المثال، انخفضت معدلات التضخم في المنطقة بسرعة نسبية، بينما ظلت ظروف سوق العمل غير مشددة عموماً. ومن المتوقع أن تستمر دورات التخفيف التي بدأت بالفعل في تشيلي والبرازيل وبيرو، مع توقعات بخفض أسعار الفائدة في المكسيك أيضاً في النصف الأول من العام 2024.

6. انخفاض الدولار الأميركي:

من المتوقع أن يستمر انخفاض قيمة الدولار الأميركي خلال العام 2024، مدفوعاً بعوامل متعددة، بما في ذلك تباطؤ النمو الاقتصادي الحقيقي والتضخم الأميركي، العجز الكبير في الحساب الجاري للولايات المتحدة، والذي لا يزال يعتبر غير مستدام، والتباين المتوقع في السياسة النقدية بين الولايات المتحدة والدول الأخرى. كذلك من المرجح أن يرتفع الين الياباني مقابل الدولار بصورة أقوى من العديد من العملات الأخرى خلال العام 2024، بحيث يواصل المصرف المركزي الياباني سياسة نقدية فضفاضة.

7. استمرار الرياح المالية المعاكسة للنمو:

تتوقع S&P Global Market Intelligence أن يؤدي التأثير المتأخر لارتفاع أسعار الفائدة وتضاؤل ​​تأثير إجراءات الدعم المتعلقة بكوفيد-19 إلى ضعف قدرة تحمل ديون الشركات في العام 2024. ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع القروض المتعثرة في معظم المناطق. كما ستضطر المصارف إلى اتخاذ موقف أكثر تحفظاً تجاه الاقراض، ما سيتطلب ضمانات أعلى ويحد من الائتمان المتاح للمقترضين ذوي الجودة الائتمانية الأقل. ومن المتوقع أن يقل نمو الائتمان عن الاتجاه السائد في معظم البلدان، ما سيعوق النمو الاقتصادي.

8. استمرار انخفاض أسعار المساكن في أوروبا الغربية:

من المتوقع أن تستمر ظروف الائتمان الصعبة وارتفاع تكاليف الاقتراض في دفع أسعار العقارات إلى الانخفاض في العام 2024. تختلف سرعة هذا الانخفاض بين الاقتصادات، بحيث تعتمد على مدى حدة الاختلالات في أسواق العقارات المحلية، بالاضافة إلى مدة فترات تثبيت أسعار الرهن العقاري.

9. التقويم الانتخابي المزدحم سيخلق حالة من عدم اليقين السياسي:

ستظل العوامل الجيوسياسية مصدراً رئيساً للمخاطر وعدم اليقين المحيط بتوقعاتنا الاقتصادية، ومن المرجح أن تتفاقم بسبب إجراء انتخابات مهمة في عدد غير عادي من البلدان. ستحدد الحملات الانتخابية أجندة السياسات في عدة اقتصادات ناشئة مهمة، بما في ذلك الهند وإندونيسيا في الربيع والمكسيك في منتصف العام، بالاضافة إلى انتخابات البرلمان الأوروبي في حزيران. ومن المرجح أن يكون عدم اليقين بشأن نتيجة الانتخابات الأميركية، إلى جانب الآثار السياسية، عقبة أمام الآفاق الاقتصادية.

10. التحول في مجال الطاقة سيدعم النمو في الولايات المتحدة وكندا:

تحولت السياسة المالية الأميركية إلى تحفيزية إلى حد ما مرة أخرى، بحيث بدأ التمويل التدريجي في قانون استثمارات البنية التحتية ووظائف العمل في دعم المشاريع الفعلية. تدعم إعانات قانون خفض التضخم للطاقة الخضراء ارتفاعاً كبيراً في قطاع تشييد تصنيع الكهرباء والمنشآت ذات الصلة. كما يعزز قانون خلق حوافز مفيدة لانتاج أشباه الموصلات (CHIPS) على تعزيز إنتاج مصانع التصنيع في الولايات المتحدة. وتعد هذه المبادرات السياسية أحد العوامل العديدة التي تميل ضد الركود الأميركي. وفي كندا، نفذت بالفعل مبادرات المناخ في ألبرتا وساسكاتشوان، حيث توجد ثمانية منشآت قائمة لالتقاط الكربون. وهناك مشاريع جديدة مماثلة قيد التخطيط أو الانشاء.

شارك المقال