الامارات 2024: اقتصاد تريليوني وتطلعات طموحة

سوليكا علاء الدين

تستقبل دولة الامارات العربية المتحدة عام 2024 بروح ملؤها الأمل والطموح والارادة، عازمة على تحقيق المزيد من الانجازات وتعزيز نمو اقتصادها الذي يشهد زخماً قوياً بفضل عوامل محلية وعالمية داعمة. وكان عام 2023 عاماً استثنائياً للدولة التي تركت بصمات إيجابية، ساهمت في تعزيز مكانتها كدولة قيادية وريادية، إذ نجحت في الانضمام إلى مجموعة “البريكس”، وإنشاء الممر الاقتصادي الجديد، وتوطيد العلاقات التجارية مع آسيا وإفريقيا، وتنظيم مؤتمر الأطراف “كوب 28”. وهذا ما يؤكد امتلاكها المقومات والمؤهلات اللازمة كافة لتعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام في العام الحالي.

قبل أيام قليلة من نهاية العام 2023، رفع مصرف الامارات المركزي توقعاته لنمو الاقتصاد الوطني في العام 2024 إلى 5.7 في المئة، بزيادة 1.4 في المئة عن تقديره السابق عند 4.3 في المئة. وجاء هذا الرفع في التوقعات بالتزامن مع إعلان منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك+” عن زيادة إنتاج النفط بصورة كبيرة في العام 2024، ما يدعم توقعات النمو الاقتصادي في دولة الامارات. من جانبها، توقعت شركة “أكسفورد إيكونوميكس” في أحدث تقرير لها، بتكليف من معهد المحاسبين القانونيين (ICAEW)، أن ينمو الناتج المحلي الاجمالي للامارات بنسبة 4.8 في المئة في العام 2024، مُضاعفاً بذلك نموه في العام 2023 البالغ 2.4 في المئة.

وعلى الرغم من أن النمو الاقتصادي لدولة الامارات العربية المتحدة على المدى القريب قد يواجه بعض القيود بسبب حصص إنتاج منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك+”، إلا أن زيادة حصة الامارات المرجعية في المنظمة تشير إلى إمكان تخفيف هذه القيود في العام 2024. ومن المتوقع أن يبلغ إنتاج النفط الاماراتي 3.35 مليون برميل يومياً في العام 2024، ويرتفع إلى 3.6 مليون برميل يومياً في العام 2025. ومع ذلك، يبقى إنتاج النفط الاماراتي أقل بكثير من الطاقة القصوى للدولة البالغة حوالي 4.5 مليون برميل يومياً.

ومن جانبها، توقعت مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” أن تسجل الامارات فائضاً كبيراً بالميزانية الاتحادية في العام 2024، وذلك بدعم من ارتفاع إنتاجها النفطي. إذ من المتوقع ارتفاع إنتاج النفط في الامارات سريعاً اعتباراً من الربع الأول من العام 2024، مشيرةً في الوقت ذاته إلى أن الامارات تتمتع بسعر “منخفض” للنفط لتحقيق التعادل بين الايرادات والمصروفات.

بالتوازي مع ذلك، تسعى دولة الامارات إلى التوسع في القطاع غير النفطي كجزء من خططها للتنمية الاقتصادية. وقد مثّل اندماج البلاد في مجموعة “البريكس” علامة بارزة، نظراً إلى دوره في تعزيز فرص التجارة والاستثمار ودعم استراتيجية التنويع والنمو. ومن المتوقع أن تكون قطاعات النقل والامداد والتكنولوجيا والبنية التحتية والتمويل من بين الرابحين الرئيسيين. وفي هذا السياق، توقعت وكالة “ستاندرد آند بورز” أن ينمو اقتصاد دولة الامارات بنسبة 4 في المئة في العام 2024، مدفوعاً بالقطاع غير النفطي، الذي من المرجّح أن يستفيد من النمو القوي في السياحة والمبادرات الحكومية والتقدم التكنولوجي.

بدورها، أكدت منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك+” أن النشاط الاقتصادي غير النفطي في الامارات العربية المتحدة يواصل تحقيق أداء قوي، ومن المتوقع أن يستمر هذا الأداء في العام 2024. وأشارت المنظمة إلى أن استمرار الاتجاه الصاعد في الأنشطة غير النفطية سيسهم في دعم النمو الاقتصادي في الامارات خلال العام الحالي. وأضافت أن فرص النمو في الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي في الامارات ستظل كبيرة، وذلك بدعم من تحسن ثقة الأعمال والاصلاحات الحكومية.

تمضي دولة الامارات العربية المتحدة قدماً في مسيرة نموها الاقتصادي القوي، وذلك في إطار سعيها الى تحقيق الازدهار الشامل والمستدام. وقد وضعت هدفاً طموحاً لمضاعفة الناتج المحلي الاجمالي للاقتصاد الوطني إلى 3 تريليونات درهم بحلول العام 2030. وتدأب وزارة الاقتصاد الاماراتية على تحقيق هذا الهدف، ولا سيما من خلال الاستثمار في القطاعات الواعدة، مثل الاقتصاد الدائري والتكنولوجيا الزراعية والمالية والحيوية والذكاء الاصطناعي والفضاء، نظراً الى ما تتمتع به هذه القطاعات من إمكانات كبيرة للنمو الاقتصادي، والدور الذي تلعبه في تحقيق النمو المنشود.

ومن ضمن خطط الامارات أيضاً، العمل على مضاعفة تجارتها الخارجية غير النفطية إلى 4 تريليونات درهم، وصادراتها إلى 800 مليار درهم بحلول العام 2031. ومن أجل تحقيق هذه الغاية، رسمت الدولة خططاً تجارية طموحة وباشرت في إبرام اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة مع عدد من الدول، وتحقيق الريادة العالمية في صادرات الخدمات، ومضاعفة قيمة عمليات إعادة التصدير. وتُعد دولة الامارات مركزاً تجارياً عالمياً رائداً، وذلك بفضل موقعها الجغرافي المتميز، وبيئة الأعمال المواتية، وتنوع شركائها التجاريين، وبنيتها التحتية اللوجيستية المتقدمة. وساهمت هذه العوامل في احتلالها المرتبة الأولى في المنطقة العربية، والثانية والثلاثين عالمياً في مؤشر مرونة التجارة العالمية لعام 2023.

يعكس رفع توقعات النمو الاقتصادي للامارات في العام 2024 قوة الاقتصاد الوطني واستقراره، وقدرة الدولة على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية العالمية. ومن خلال بذل الجهود المستمرة لتنويع الاقتصاد، وتعزيز دور القطاعات غير النفطية، وجذب الاستثمارات الأجنبية، فإن الاقتصاد الاماراتي لن يتوانى عن تحقيق كل التوقعات والطموحات في العام 2024، بل وأكثر.

شارك المقال