ثروات الأغنياء تتضاعف والفقر يزداد… “أوكسفام” تدعو الى إجراءات جذرية

هدى علاء الدين

كشف تقرير جديد لمنظمة “أوكسفام” حول عدم المساواة وقوة الشركات العالمية، عن تضاعف ثروات أغنى خمسة رجال في العالم من 405 مليارات دولار إلى 869 مليار دولار منذ العام 2020، أي بمعدل 14 مليون دولار في الساعة. في المقابل، أصبح ما يقرب من خمسة مليارات شخص أكثر فقراً.

التقرير الذي أشار إلى الزيادة الهائلة في الثروة المتطرفة التي شهدتها السنوات الثلاث الماضية، في حين ظل الفقر العالمي غارقاً في مستويات ما قبل الجائحة، اعتبر أن الاتجاهات الحالية اذا استمرت، فسيكون لدى العالم أول تريليونير في غضون عقد من الزمن، ولكن لن يتم القضاء على الفقر قبل 229 سنة أخرى.

ووفقاً لتقرير “أوكسفام” الذي نُشر أثناء اجتماع نخبة رجال الأعمال في منتجع دافوس السويسري، فإن سبع من كل عشر من أكبر الشركات في العالم لديها ملياردير كرئيس تنفيذي أو مساهم رئيسي. وتبلغ قيمة هذه الشركات 10.2 تريليون دولار، أي ما يعادل أكثر من الناتج المحلي الاجمالي لجميع البلدان في إفريقيا وأميركا اللاتينية مجتمعة.

وبحسب المدير التنفيذي المؤقت لمنظمة “أوكسفام” الدولية، فإن هذا التفاوت ليس من قبيل الصدفة بل هو نتيجة مباشرة لقوة الشركات والاحتكارات الجامحة، لافتاً إلى أن هذه الشركات تستغل العمال، وتتهرب من الضرائب، وتخصخص الدولة، وتحفز انهيار المناخ، ما يولد ثروات لا نهاية لها لأصحابها من الأثرياء.

المليارديرات أكثر ثراءً

أصبح المليارديرات أكثر ثراءً بمقدار 3.3 تريليون دولار عما كانوا عليه في العام 2020، ونمت ثرواتهم بمعدل أسرع بثلاث مرات من معدل التضخم.

وعلى الرغم من أن الدول الغنية في الشمال العالمي تمثل 21 في المئة فقط من سكان العالم، إلا أنها تمتلك 69 في المئة من الثروة العالمية وهي موطن لـ 74 في المئة من ثروة المليارديرات في العالم.

وفي انعكاس لثروات الأثرياء، من المتوقع أن تحطم الشركات الكبيرة سجلات أرباحها السنوية في العام 2023. وقد حققت 148 من أكبر الشركات في العالم معاً 1.8 تريليون دولار من إجمالي صافي الأرباح في العام حتى حزيران 2023، وهي قفزة بنسبة 52 في المئة مقارنة مع متوسط صافي الأرباح في الأعوام 2018-2021.

وكشف التقرير أن مقابل كل 100 دولار من الأرباح التي حققتها 96 شركة كبرى بين تموز 2022 وحزيران 2023، تم دفع 82 دولاراً للمساهمين الأثرياء.

أغنى رجال العالم

  • برنارد أرنو هو ثاني أغنى رجل في العالم ويرأس إمبراطورية السلع الفاخرة LVMH، والتي فرضت عليها هيئة مكافحة الاحتكار الفرنسية غرامة. كما يمتلك أكبر وسيلة إعلامية في فرنسا، Les Échos، وكذلك Le Parisien.
  • أليكو دانجوتي، أغنى شخص في إفريقيا، لديه “شبه احتكار” للاسمنت في نيجيريا. وقد أثار توسع إمبراطوريته في مجال النفط المخاوف بشأن احتكار القطاع الخاص الجديد.
  • جيف بيزوس الذي ارتفعت ثروته البالغة 167.4 مليار دولار بمقدار 32.7 مليار دولار منذ بداية العقد. ورفعت الحكومة الأميركية دعوى قضائية ضد شركة “أمازون”، مصدر ثروة بيزوس، بتهمة ممارسة “قوتها الاحتكارية” لرفع الأسعار، وتدهور الخدمة المقدمة للمتسوقين وخنق المنافسة.

الأجور الزهيدة تفشل في مهامها

وبحسب التقرير، يعمل الناس في جميع أنحاء العالم بجهد أكبر ولساعات أطول، وغالباً ما يحصلون على أجور زهيدة في وظائف محفوفة بالمخاطر وغير آمنة. فقد فشلت أجور ما يقرب من 800 مليون عامل في مواكبة التضخم وخسروا 1.5 تريليون دولار على مدى العامين الماضيين، أي ما يعادل ما يقرب من شهر (25 يوماً) من الأجور المفقودة لكل عامل.

ويظهر تحليل منظمة “أوكسفام” لبيانات التحالف المعياري العالمي لأكثر من 1600 من أكبر الشركات في جميع أنحاء العالم أن 0.4 في المئة منها ملتزمة علناً بدفع أجر معيشي للعمال ودعم أجر معيشي في سلاسل القيمة الخاصة بها. في المقابل، سوف يستغرق الأمر 1200 عام حتى تتمكن المرأة العاملة في القطاع الصحي والاجتماعي من كسب ما يحصل عليه متوسط الرئيس التنفيذي في أكبر 100 شركة من شركات الثروة في عام واحد.

كذلك أدت “الحرب على الضرائب” التي تشنها الشركات إلى انخفاض معدل الضريبة الفعلي على الشركات بنحو الثلث في العقود الأخيرة، في حين قامت الشركات بلا هوادة بخصخصة القطاع العام وفصل الخدمات مثل التعليم والمياه.

إجراءات سريعة وجذرية

دعت منظمة “أوكسفام” الحكومات إلى اتخاذ إجراءات سريعة وجذرية لتقليص الفجوة بين الأغنياء وبقية المجتمع. وتشمل هذه الإجراءات:

  • تنشيط الدولة: ينبغي للحكومات أن تكون فاعلة وقوية، وأن تلعب دوراً رائداً في توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، مثل الرعاية الصحية والتعليم. كما ينبغي لها أن تستثمر في السلع العامة، مثل الطاقة والنقل.
  • كبح جماح سلطة الشركات: يجب على الحكومات أن تضع حداً لسلطة الشركات المتطرفة، بما في ذلك تفكيك الاحتكارات وإضفاء الطابع الديموقراطي على قواعد براءات الاختراع. كما ينبغي لها أن تفرض ضرائب جديدة على الأثرياء والشركات، بما في ذلك ضرائب الثروة الدائمة والأرباح الزائدة.
  • إعادة اختراع الأعمال: ينبغي للحكومات أن تشجع الشركات على أن تكون أكثر مسؤولية وأكثر مساواة. وتشمل هذه الجهود تعزيز ملكية العمال للشركات، ووضع حد أقصى لأجور الرؤساء التنفيذيين، وسن تشريعات بشأن أجور المعيشة.
شارك المقال