لبنان يدفع ثمن توتر البحر الأحمر… ارتفاع تكاليف الشحن وتأخير الصادرات

هدى علاء الدين

تُلقي تطورات الاضطرابات في البحر الأحمر بظلالها على الاقتصادات في المنطقة، خصوصاً تلك التي تعتمد بصورة كبيرة على التجارة البحرية. وفي تصريح له مطلع هذا الشهر، حذّر مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، من التأثيرات الاقتصادية السلبية لهجمات الحوثيين على سفن الشحن في البحر الأحمر.

وأشار إلى انخفاض حركة الحاويات في البحر الأحمر بنسبة 30 في المئة تقريباً، ما أدى إلى زعزعة استقرار سلاسل القيمة ورفع تكاليف الشحن. وعزا أزعور هذا الانخفاض إلى مخاوف السلامة المتزايدة الناجمة عن هجمات الحوثيين، الأمر الذي دفع شركات الشحن إلى إعادة توجيه مساراتها أو تجنب المنطقة تماماً.

ووسط هجمات الحوثيين المستمرة على الشحن في مضيق باب المندب، ارتفعت تكاليف الشحن وتراكم البضائع في لبنان. وتأثر التجار اللبنانيون بالجغرافيا السياسية للمنطقة حيث تجنبت شركات الشحن الكبرى طريق التجارة الحيوي. وتطلب هذا الواقع إعادة توجيه البضائع نحو رأس الرجاء الصالح في أقصى جنوب إفريقيا، ما يضيف عدة آلاف من الكيلومترات إلى العملية.

تضاعف تكلفة حاويات الشحن إلى 4000 دولار

ووفقاً للرئيس السابق لغرفة الشحن الدولية، تضاعفت تكلفة حاويات الشحن وفقاً للمعايير في لبنان إلى 4000 دولار بعد أن كان متوسطها 2000 دولار عقب أحداث البحر الأحمر. بالاضافة إلى ذلك، قفزت تكاليف التأمين بنحو 700 في المئة على خلفية ارتفاع أقساط التأمين المرتبطة بمخاطر الحرب. وبصورة إجمالية، من المتوقع أن يؤثر تغيير مسار خطوط الشحن على حوالي 40 في المئة من الصادرات اللبنانية و18 في المئة من الواردات اللبنانية. وهذا بدوره سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية داخل البلاد، بحسب ما جاء في النشرة الأسبوعية لـ “بنك عودة”.

والجدير بالذكر أن المتمردين الحوثيين في اليمن بدؤوا اعتباراً من منتصف كانون الأول، بمهاجمة سفن الشحن المدنية بصورة عشوائية في مضيق باب المندب. وقد أدى هذا إلى تعطيل جزء كبير من شبكة التجارة العالمية وكذلك اقتصادات البلدان المرتبطة بخط مستقيم (أي مصر حيث انخفضت عائدات الدولار من قناة السويس بنسبة 40 في المئة في النصف الأول من كانون الثاني).

ويعتبر لبنان من أكثر الدول المتضررة من هذه المشكلة، بحيث يصدر المنتجات الزراعية إلى دول إقليمية مثل الامارات وقطر والعراق وغيرها عبر هذا الممر المائي. بالاضافة إلى ذلك، يستورد لبنان كميات كبيرة من السيارات والمنتجات الرقمية من المنتجين الآسيويين عبر الطريق المستقيم.

ومن المحتم أن يتسبب تعطيل مضيق باب المندب في حدوث مشكلات في التدفق النقدي للمستوردين اللبنانيين إذا وصلت المنتجات متأخرة. وفي موازاة ذلك، سيتعين على الصناعيين والمزارعين المحليين أن يتحملوا تكاليف إضافية، وهو ما من شأنه أن يقلل من قدرتهم التنافسية العالمية.

وبحسب رئيس جمعية فلاحي البقاع، فإن مئات الأطنان من الخضار والفواكه مخزنة في مرفأ بيروت بانتظار التصدير. وبقي المخزون لمدة ثلاثة أسابيع بسبب عدم قدرة السفن على الوصول إلى الميناء. في المقابل، فقد المزارعون اللبنانيون بعض أسواقهم وثقة عملائهم بسبب المشكلة الاضافية المتمثلة في أن المنتجات الزراعية بطبيعتها قابلة للتلف، ما يجعل وقت الانتظار الاضافي مشكلة كبيرة.

انخفاض إيرادات قناة السويس بنسبة 46 في المئة

ومع احتدام الاضطرابات في البحر الأحمر، شهدت قناة السويس تراجعاً حاداً في إيراداتها خلال شهر كانون الثاني 2024، بحيث انخفضت بنسبة 46 في المئة على أساس سنوي، من 804 ملايين دولار إلى 428 مليون دولار فقط.

وعزا رئيس هيئة قناة السويس، أسامة ربيع، هذا الانخفاض إلى عدة عوامل، أبرزها انخفاض عدد السفن العابرة للقناة بنسبة 36 في المئة، بحيث عبرت 1362 سفينة في كانون الثاني 2024 مقابل 2155 سفينة في كانون الثاني 2023، فضلاً عن التوتر الأمني في البحر الأحمر، والذي أدى إلى تحويل مسار بعض السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح، وهو أطول وأكثر تكلفة. وأكد ربيع أن هذه هي المرة الأولى التي تواجه فيها قناة السويس أزمة بهذا الشكل.

شارك المقال