مشروع إعادة هيكلة المصارف (2): 300-800 دولار شهرياَ للودائع

هدى علاء الدين

منذ العام 2019، تُخيّم أزمة الودائع كظل ثقيل على حياة اللبنانيين، تاركين وراءهم صرخة مُعلقة بانتظار جواب حاسم عن مصير مدخراتهم. رحلة البحث الطويلة عن حلول جدية لم تكلل بالنجاح بعد، ولا تزال غامضة على الرغم من وضع مشروع قانون يهدف إلى إعادة تنظيم القطاع المصرفي ومعالجة أوضاعه، والذي ستبدأ الحكومة بمناقشته اليوم. ويتضمن المشروع إعادة رسملة مصرف لبنان كحجر أساس لعملية إنقاذ القطاع والودائع. كما صنّف المشروع الودائع بين مؤهلة وغير مؤهلة، وحدد في مواده المبلغ المحمي من كل نوع، وطريقة تسديد المبالغ المحمية للعملاء.

 إعادة رسملة مصرف لبنان

وفي هذا الاطار، تضمنت المادة 44 في القسم الأول إعادة رسملة مصرف لبنان، وأنها بهدف حماية حقوق المودعين، تقوم الدولة بالمشاركة إلى أقصى حد ممكن في استعادة الملاءة المالية لمصرف لبنان بالعملة الأجنبية وذلك عن طريق:

  • إعادة رسملة مصرف لبنان بمليارين ونصف المليار دولار من خلال سندات مالية و/ أو أي وسيلة أخرى يتم تحديدها بموجب مراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية.
  • اتخاذ ما يلزم في سبيل استعادة الأموال المتأتية عن جرائم الفساد وفقاً للقوانين النافذة.
  • تسديد المصارف كامل ديونها بالعملة اللبنانية وبالعملات الأجنبية لمصرف لبنان عبر إجراء المقاصة بين الحسابات الدائنة والمدينة في حال وجودها.

وسيتم إطفاء العجز في رأسمال مصرف لبنان بالعملة اللبنانية بصورة تدريجية على مدى خمس سنوات من تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية كحد أقصى.

تصنيف الودائع

بحسب المادة ٤٥، تشمل الودائع المصرفية المستثناة من أحكام هذا الباب: الأموال الجديدة (Fresh Funds) أي الأموال المثبت تلقيها من المصرف المعني من الخارج أو كودائع نقدية بالعملات الأجنبية بعد تاريخ 17/10/2019 ويتوجب على المصرف تسديدها كاملاً للمودع عند الطلب، فضلاً عن الودائع بالليرة اللبنانية والتي يتوجب على المصرف تسديدها كاملاً للمودع عند الطلب، إلى جانب الودائع لدى فروع المصارف الأجنبية العاملة في لبنان.

أما الودائع، فقد تم تصنيفها وفقاً لمشروع القانون إلى ودائع مؤهلة وودائع غير مؤهلة. وبحسب المادة 47، تعد الودائع المؤهلة هي تلك المتعلقة بودائع العملات الأجنبية الموجودة لدى المصارف اللبنانية قبل تاریخ ۱۷ تشرين الأول ۲۰۱۹.

يتم تصنيف الودائع الموجودة في الحسابات التالية ودائع مؤهلة:

  • حسابات العميل التي تُعتبر بمثابة استمرار لحساباته المفتوحة لدى المصرف المعني قبل 17/10/2019.
  • الضمانات النقدية ((Cash Collateral، المُقدّمة من العميل قبل التاريخ المذكور مسبقاً لدى توجبها.
  • حسابات العميل التي كانت موجودة لدى أي مصرف (في ما بعد “المصرف المحوّل منه” بالعملات الأجنبية) قبل التاريخ المذكور وتم تحويلها بعد هذا التاريخ إلى مصرف آخر في ما بعد “المصرف المحوّل إليه” وبسقف لا يتعدى 100 ألف دولار.
  • تشمل هذه الحسابات الحساب الذي كان مشتركاً في المصرف المحوّل منه وأصبح فردياً في “المصرف المحوّل إليه” أو الحساب الذي كان فردياً في المصرف المحوّل منه وأصبح مشتركاً في المصرف المحوّل إليه.

أما الودائع غير المؤهلة، فهي التي حولت إلى عملات أجنبية بعد تاريخ 17 تشرين الأول 2019 وفقاً لسعر صرف تعامل مصرف لبنان مع المصارف قبل تاريخ 2/2/2024. وتعتبر بحكم الودائع غير المؤهلة جميع العمليات أو الأدوات التي يكون مصدرها أموالاً غير مؤهلة (تحاويل مصرفية، شيكات، أو غيرها من العمليات أو الأدوات…).

وسيتم احتساب الودائع المؤهلة والودائع غير المؤهلة في المصرف الواحد عبر اعتماد مبدأ حساب مجمع للعميل الواحد (مجموع لحساباته الشخصية بالعملات الأجنبية ‏وحصته من الحسابات المشتركة بالعملات الأجنبية في المصرف الواحد).

المبلغ المحمي

وبحسب المادة 48، يتكون المبلغ المحمي من الودائع المؤهلة لدى المصارف الخاضعة لاعادة الهيكلة من أحد المبالغ التالية :مبلغ 100 ألف دولار في حال كان مبلغ الودائع المؤهلة يساوي أو يتجاوز 100 ألف دولار أو ما يوازيه من سائر العملات الأجنبية، كامل مبلغ الودائع المؤهلة في حال كان مجموعها يقل عن مبلغ 100 ألف دولار أو ما يوازيه من سائر العملات الأجنبية.

في المقابل يتكون المبلغ المحمي من الودائع غير المؤهلة لدى المصارف الخاضعة لاعادة الهيكلة من أحد المبالغ التالية: مبلغ 36 ألف دولار في حال كان مبلغ الودائع غير المؤهلة يساوي أو يتجاوز 36 ألف دولار أو ما يوازيه من سائر العملات الأجنبية؛ أو كامل مبلغ الودائع غير المؤهلة في حال كان مجموعها يقل عن مبلغ 36 ألف دولار أو ما يوازيه من سائر العملات الأجنبية.

وسيتم تأمين السيولة لدفع المبلغ المحمي لدى المصارف الخاضعة لاعادة الهيكلة مناصفة من المصرف المعني وتوظيفاته بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان. وفي حال لم تكف توظيفات المصرف المعني المذكورة لدى مصرف لبنان لتغطية نصف المبلغ المحمي المنوه عنه، يتم تغطية الفارق من المصرف المعني إلزاماً.

أما المبلغ المحمي لدى المصارف التي صدر قرار بتصفيتها وشطبها من لائحة المصارف لدى مصرف لبنان فسيكون بحدود قيمة ابداعات المصرف المعني لدى مصرف لبنان على ألا يتخطى قيمة ٥٠ في المئة من المبالغ المذكورة أعلاه.

تجدر الاشارة إلى أن ابداعات المصرف المعني لدى مصرف لبنان والمبالغ الموظفة في شهادات الإيداع الصادرة عن مصرف لبنان والتي سيتم استعمالها لتسديد المبلغ المحمي مشمولة لا تكون بأي شكل كان في عملية تصفية المصرف المعني. ولا يمكن لأي دائن اتخاذ أي إجراء قضائي بهذا الخصوص.

وبعد احتساب الودائع المؤهلة والودائع غير المؤهلة لكل عميل في كل مصرف لبناني يتم جمع قيمة الودائع المؤهلة وقيمة الودائع غير المؤهلة للعميل الواحد في المصارف اللبنانية كافة، كل على حدة ويتم احتساب “المبلغ المحمي العائد للعميل الواحد من الودائع المؤهلة” و”المبلغ المحمي من الودائع غير المؤهلة” على مستوى القطاع المصرفي ككل ضمن المركزية المعتمدة من مصرف لبنان.

وفي حال كان للمودع ودائع مؤهلة وودائع غير مؤهلة، يستفيد أولاً من المبلغ المحمي من الوديعة المؤهلة ومن ثم من المبلغ المحمي من الوديعة غير المؤهلة (المبلغ المحمي المؤجل وذلك ضمن حدود الـ100 ألف دولار المحمية والسقوف المحددة من المجلس المركزي في مصرف لبنان)، على أن يتعهد المصرف أو المصارف المتوجب عليها تغطية المبلغ المحمي المؤجل بدفعه حين تتوجب عملية الدفع.

حساب خاص متفرع

ولأجل ذلك، نصت المادة 50 على أن يفتح المصرف المعني الخاضع لعملية إعادة الهيكلة لكل عميل حساباً خاصاً متفرعاً ويحول إليه المبلغ المحمي. أما بالنسبة الى المصرف الذي صدر قرار بتصفيته وشطبه من لائحة المصارف، فيتم فتح الحساب المعني في مصرف آخر تحدده الهيئة المختصة بإعادة الهيكلة بالتوافق مع المجلس المركزي في مصرف لبنان ويتم تحويل المبلغ المحمي إليه الذي هو بحدود قيمة ايداعات المصرف المعني لدى مصرف لبنان ضمن السقوف المذكورة في هذا القانون. أما بالنسبة الى الوديعة المتبقية من ناتج التصفية فسيتم تسديدها دفعة واحدة من مصفي المصرف المعني. وفي حال تعددت حسابات العميل لدى مصرف معين، على العميل أن يحدّد الحساب أو الحسابات التي سيتم التحويل منها إلى “الحساب الخاص المتفرع”. وفي حالة وفاة العميل، يستفيد الورثة أو الموصى لهم من المبلغ المحمي.

تسديد الميالغ المحمية

بالنسبة الى المبلغ المحمي من الودائع المؤهلة لدى المصارف الخاضعة لاعادة الهيكلة تدريجياً، فيتم تسديدها على فترة زمنية تترواح بين ١٠ و١٥ سنة من تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية بمبالغ شهرية تبدأ بـ ۳۰۰ دولار وتنتهي بـ ۸۰۰ دولار. أما بالنسبة الى المبلغ المحمي من الودائع غير المؤهلة، فيتم تسديدها على الفترة الزمنية نفسها إنما بمبالغ شهرية تبدأ بـ ۲۰۰ دولار نقداً شهرياً وتنتهي بـ ٤٠٠ دولار من تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية. ويعود الى المجلس المركزي لمصرف لبنان تعديل الفترة الزمنية وسقف القسط المشار اليه أعلاه أو دفعه بما يوازيه بالليرة اللبنانية على سعر الصرف الفعلي، كما تظهره المنصة الالكترونية المعتمدة من مصرف لبنان.

في المقابل، يتم تسديد الجزء من المبلغ المحمي من الودائع المؤهلة وغير المؤهلة لدى المصارف التي صدر قرار بتصفيتها من ابداعات المصرف المعني لدى مصرف لبنان تدريجياً، وتشمل تسديد ٥٠ في المئة من المبالغ المحددة أعلاه نقداً شهرياً ووفقاً للجدول المذكور فيها وذلك بالنسبة الى الودائع المؤهلة.

ويستفيد العميل المعني بمفعول رجعي عن الفترة الممتدة من تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية لغاية تاريخ صدور قرار إعادة هيكلة أو تصفية المصرف المعني من المبالغ المتوجبة له وفقاً لهذه المادة. كما يعود اليه سحب المبالغ المحددة أعلاه كلياً أو جزئياً في أي وقت يشاء وفي حال عدم سحب الحد المسموح به شهرياً تتراكم المبالغ غير المسحوبة إلى الأشهر التالية وتبقى في حسابه وتكون حقاً ثابتاً له يمكنه سحبها وقت يشاء.

كما أن المبالغ كافة المذكورة في هذه المادة تدفع شهرياً للعميل نقداً و/أو عن طريق تحويل إلى الخارج و/أو بواسطة البطاقات المصرفية التي يمكن استعمالها في لبنان والخارج و/أو ايداعها في حساب جديد‏(Fresh Account) ، وذلك من دون أن يتم ترتيب أي عمولة أو نفقة مباشرة أو غير مباشرة من أي نوع كانت على هذه العملية.

شارك المقال