قمح “شبارق” مطابق للمواصفات… “الزراعة” ترفض استخدامه وتحوّل الملف للقضاء

راما الجراح

أحدث ملف القمح الخاص بشركة “شبارق للتجارة” ضجة كبيرة بعد تسريبه الى الاعلام والرأي العام. وبعد أخذ ورد طويلين بين الشركة ووزارة الزراعة لم يصل الملف حتى اليوم إلى خواتيمه. وتعود قصة القمح إلى شباط ٢٠٢٣، عندما رفضت وزارة الزراعة إدخال أطنان من القمح الأوكراني استوردتها شركة “شبارق للتجارة” بعدما أكدت نتائج تحاليل المختبر الرسمي وجود تكتل وعفن في العيّنات من خلال أخذهم عينة أولية من الصوامع، وتقدمت بعدها الشركة بطلب إعادة العينة.

وتقدمت وزارة الزراعة ممثلة برئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل، منذ تشرين الثاني ٢٠٢٣ باعتراض في وجه شركة “شبارق للتجارة”، وذلك بناء على قرار سابق، طالبة الرجوع عن قرار ادخال كميات من القمح الى الأسواق اللبنانية، بعد فحصها في مختبرات مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، لاسباب جدية تتعلق بصحة الانسان كما ورد في الاعتراض، وهو الفحص الثاني بعد نتائج تحليل للقمح في الجامعة الأميركية، والتأكد من وجود عفونة تستوجب رد الحمولة أو تلفها بدل ادخالها وتوزيعها على المطاحن. وبعد أخد ورد، صدر قرار قضائي بتاريخ ٢٩ شباط الماضي، يقضي برد الاعتراض الراهن شكلاً، وبالتالي السماح بادخال القمح الذي تسرب اليه العفن الى الأسواق.

وأكد مصدر خاص من وزارة الزراعة عبر “لبنان الكبير” أن “الوزارة رفضت الموضوع وتم تحويله إلى القضاء، بعدها تم تحويله ثانيةً الى وزارة الزراعة ورفض مرة أخرى، وفي هذه الأثناء الموضوع في عهدة القضاء”.

رئيس نقابة أصحاب المطاحن أحمد حطيط، قال في حديث لـ “لبنان الكبير”: “لغاية هذه اللحظة القمح مرصوص في الصوامع حتى ينفك من وزارة الزراعة، وهذه الكمية مستوردة من شركة شبارق خصوصاً وليست لكل المطاحن. وزارة الزراعة لا تزال رافضة فكرة استعمال القمح، على الرغم من أن النتيجة بيّنت أنه صالح للاستعمال، وبالمنطق القاضي لا يتخذ قراراً بادخال أي بضاعة إلا اذا كانت النتائج صالحة”.

وفي التفاصيل، أوضح مدير شركة “شبارق للتجارة” وائل شبارق لـ “لبنان الكبير” أن “الباخرة وصلت إلى لبنان منذ حوالي عام تقريباً، وأخذ موظفو وزارة الزراعة عينة من وجه البضاعة عندما كان الطقس عاصفاً، لذلك طلبنا منه تأجيل أخذ العينة لكنه رفض. وهذه العينة تذهب إلى ٤ مختبرات لفحصها والتأكد منها من ضمنها مختبر تل عمارة الذي يجري الفحوص نظرياً أو عينياً، وتبين لديهم أن هناك آثار تعفن، والوزارة أخذت هذا الفحص بالذات في الاعتبار بغض النظر عن المختبرات الأخرى، عندها طلبنا إعادة أخذ عينة وفحصها من جديد للتأكد من النتيجة ولكنهم أعادوا الفحص على العينة نفسها، فطلبنا من وزارة الزراعة أن تأخذ عينة جديدة لأن هذه الطريقة ليست منصفة ولكنها رفضت الموضوع وطلبت مني الذهاب إلى القضاء ومن خلاله أطلب منهم أخذ عينة جديدة”.

أضاف: “لجأت إلى القضاء، وطلبنا أخذ عينة جديدة من خلال خبير تم تعيينه من القضاء من أجل أخذ العينة بإشراف الجمارك ووزارة الزراعة، وقام بتحليلها على موجب Libnor المواصفات القياسية اللبنانية، وتبين أنها مطابقة للمواصفات وحُكم بالافراج عن البضاعة. من هنا قدمنا التحاليل والحكم إلى وزارة الزراعة، ولكنها رفضت بحجة وجوب إعادة الفحص مرة أخرى للتأكد أكثر من النتيجة، فلجأنا مرة ثانية الى القضاء وتم تحويلنا إلى قاضي الأمور المستعجلة رالف كركبي الذي عيّن خبيراً جديداً وهو رئيس نقابة الخبراء الكيميائيين في لبنان جهاد عبود الذي طلب من معهد البحوث الصناعيةIRI أخذ عينات جديدة تحت إشراف الوزارة والجمارك، لأنها تملك آلة متطورة ويمكنها أخذ عينات من كل القمح من الأسفل إلى الأعلى، وتكلفتها غالية جداً، ولكن نريد إبراز حقنا”.

وعن نتائج العينات، أشار الى تحليلها في معهد البحوث الصناعية، وإرسالها أيضاً إلى مختبرات الجامعة الأميركية، وعدة مختبرات أخرى والنتيجة واحدة “مطابقة للمواصفات اللبنانية”، وقدّم تقرير إلى المحكمة وصدر قرار بالافراج عن البضاعة للمرة الثانية، “عندها تسرب الموضوع إلى الاعلام وتم تدواله بصورة جزئية وغير منصفة لغاية معينة، ونحن نعمل تحت سقف القانون ولا نخاف، وليست لدينا أي علاقات سياسية مع أحد، ونلتزم دائماً في عملنا بالحرص على المواصفات اللبنانية، وسأستمر في المضي حتى آخر الموضوع للوصول إلى نتيجة محقة في القانون وخصوصاً بعد أن خرج إلى الرأي العام والاعلام”.

بالنسبة الى المواصفات، لفت شبارق الى أن “وزارة الزراعة حتى اليوم تتبع مواصفات صدرت عام ١٩٩٩ وتم تجديدها عام ٢٠٠٨ أي مضى عليها الزمن. ففي العام ٢٠١٣ اجتمعت المطاحن في Libnor بوجود وزارات ومطاحن وأفران والجمارك، ومختبرات، وحددوا مواصفات جديدة للقمح الخاص بالاستهلاك البشري، وما اكتشفناه أن الوزارة لا تزال تعمل بمواصفات القمح الخاص بالبذور وليس للاستهلاك البشري، وعام ٢٠٢٠ صدر مرسوم من مجلس الوزراء بالالزام القانوني بتطبيق المواصفات الجديدة للاستهلاك البشري ولكن حتى اليوم لم يتم تطبيقه، وأبقوا على تطبيق كل القمح على الاستهلاك الزراعي”.

وفي معلومات خاصة لـ ” لبنان الكبير” أن “هناك إشكالاً داخل وزارة الزراعة حول هذا الملف، وخصوصاً مختبر تل عمارة الذي طرحت بشأنه علامات استفهام، فبعد حكم القاضي بأخذ عينات جديدة ماطلت وزارة الزراعة فيها لأكثر من شهرين”.

إزاء هذا الملف، أشار رئيس تجمع الفلاحين والمزارعين في البقاع إبراهيم ترشيشي إلى مشكلة زراعية في لبنان تتمثل في وجود كميات كبيرة من القمح الوطني الطازج ما يتعدى الـ ٢٠ ألف طن لا تزال موجودة في المستودعات، وليس هناك من يشتريها، وللأسف المسؤولون اللبنانيون ينجذبون دائماً الى الاستيراد بسبب الدعم والسمسرات، معتبراً أن هذا التصرف هو استهتار كبير بحق المزارعين والمحاصيل الزراعية.

شارك المقال