القطاع العقاري السعودي يُحلق عالياً بدعمٍ من رؤية 2030

هدى علاء الدين

يُعدّ القطاع العقاري في المملكة العربية السعودية أحد أهم ركائز الاقتصاد الوطني، بحيث يأتي في المرتبة الثانية بعد قطاع النفط من حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي. وتشير التوقعات إلى أن حجم السوق العقاري سيصل إلى 101.62 مليار دولار بحلول العام 2029، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 8 في المئة خلال الفترة من 2024 إلى 2029.

ومن المتوقع أن يشهد سوق العقارات نمواً قوياً خلال السنوات القادمة، مدعوماً بمجموعة من العوامل المحفزة، بما في ذلك رؤية المملكة التي تولي اهتماماً كبيراً بتطوير القطاع العقاري وتُشكل مشاريعها الضخمة في مختلف المجالات دافعاً قوياً لنمو السوق. فقد حددت السعودية قطاع الإسكان كأحد مشاريعها الرئيسية في إطار رؤية 2030، بحيث تهدف وزارة الإسكان إلى بناء 300 ألف وحدة سكنية على مدى السنوات الخمس المقبلة، بالشراكة مع القطاع الخاص، وذلك لسدّ العجز في المساكن ودعم التملك العقاري للمواطنين.

ومن أبرز العوامل أيضاً نمو السكان، ومن المتوقع أن يصل عدد سكان المملكة من 50 إلى 60 مليون نسمة، 25 مليوناً منهم سعوديون و25 مليون وافد بحلول العام 2030، فضلاً عن زيادة الدخل إذ تُساهم خطط التنمية الاقتصادية في المملكة في تحسين مستوى المعيشة وزيادة دخل الأفراد، ما يُعزز قدرتهم على شراء العقارات، إلى جانب اعتماد التكنولوجيا في عمليات البناء والتشييد التي تساعد على تحسين كفاءة القطاع العقاري وخفض تكاليفه.

ولتحقيق المعروض السكني البالغ 4.96 ملايين مسكن بحلول العام 2030، ستحتاج المملكة إلى بناء حوالي 1.2 مليون منزل إضافي خلال العقد المقبل. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على المساكن من 99,600 منزل في العام 2021 إلى 153,000 منزل بحلول العام 2030، مع بناء 124 ألف مسكن في المتوسط ​​سنوياً خلال تلك الفترة.

وهنا لا بد من الاشارة إلى أن السعودية حققت في العقد الماضي، تقدماً كبيراً في إصلاح صناعة الإسكان. ومن المتوقع أن تحقق أهدافها المتمثلة في ملكية 70 في المئة من المنازل والمساهمة بنسبة 8.8 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي الوطني بحلول العام 2030.

توقعات “ستاندرد آند بورز”

أصدرت وكالة “ستاندرد آند بورز” توقعات إيجابية لطلب العقارات في المملكة العربية السعودية، حيث رجّحت بقاء الطلب قوياً مدعوماً باستثمارات رؤية المملكة 2030، والتي ستؤدي إلى جذب شركات جديدة ووافدين.

وبحسب الوكالة، فإن العوامل التي تدعم انتعاش السوق العقاري هي:

  • انخفاض أسعار الفائدة: أسهم انخفاض سعر الفائدة ابتداءً من النصف الثاني من العام 2023، في انتعاش الطلب على الرهن العقاري بعد انخفاضه بنسبة 35 في المئة في العام ۲۰۲۳ (وفقاً لمؤسسة النقد العربي السعودي).
  • نظام الإقامة المميزة الجديد: يدعم هذا النظام تملك العقارات للأجانب، ما سيحفز الطلب على العقارات، خصوصاً مع توقعات بنمو ملحوظ لنموذج البيع على الخريطة.
  • النمو الاقتصادي والسكاني: من المتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي والنمو السكاني نمواً بنسب تتراوح بين 2 في المئة و3 في المئة، ما يُعد من الحوافز التي تدعم نمو الطلب على العقارات.
  • انتعاش قطاع السياحة: سيساهم الانتعاش القوي في قطاع السياحة في دعم قطاعات الطيران والترفيه والضيافة والبيع بالتجزئة، ما سيدعم الطلب على العقارات.

رافد أساسي للاقتصاد السعودي

في العام 2022، برزت الأنشطة العقارية كرافد أساسي للاقتصاد السعودي، بحيث ساهمت بنسبة 12.8 في المئة في الناتج المحلي غير النفطي خلال الربع الثالث من العام. وفي الربع الثالث من العام 2023، بلغت مساهمة الأنشطة العقارية في الناتج المحلي غير النفطي 12.2 في المئة، بينما ساهم قطاع التشييد والبناء بنسبة 11.3 في المئة.

وتشير هذه الأرقام إلى الدور المحوري للقطاع العقاري في تنويع موارد الاقتصاد، وتعزيز مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي. وتكتسب هذه المساهمة أهمية خاصة بالنظر إلى ارتباط القطاع العقاري بما لا يقل عن 120 صناعة متنوعة، ما يعكس تأثيره الواسع على مختلف القطاعات الاقتصادية.

في المقابل، من المتوقع أن يُساهم نظام الإقامة المميزة في زيادة كفاءة السوق العقاري السعودي، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، ما سيؤدي إلى زيادة الطلب على العقارات من المستثمرين الأجانب. كما أن تحسين بيئة الأعمال في المملكة وتعزيز الشفافية في السوق العقاري سيُؤدي إلى تنمية السوق بصورة مستدامة.

يُشكل الترابط الوثيق بين القطاع العقاري وبقية القطاعات رافعة أساسية للاقتصاد السعودي، ورافداً حيوياً لدفع عجلة الاقتصاد وتوفير فرص العمل. ويُعزز ذلك من مكانة القطاع العقاري كأحد ركائز الاقتصاد الوطني، ويُؤكد أهمية الاستثمار فيه ودعمه لتعزيز مساهمته في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وضمان استمرارية دوره كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي.

شارك المقال