الذهب يحقق إنجازات تاريخية وسط توقعات بمزيد من الارتفاع

هدى علاء الدين

يحافظ الذهب على قوته في خضم أسواق مالية قوية وارتفاع أسعار الفائدة، محققاً إنجازات تاريخية جديدة. فقد وصل المعدن النفيس الى أعلى مستوياته على الاطلاق خلال أسبوع شهد 10 اجتماعات للمصارف المركزية حول العالم.

وسجل الذهب ارتفاعاً استثنائياً في خطوة غير مسبوقة، بحيث تجاوز سعره 2200 دولار للأوقية لأول مرة الأسبوع الماضي، محققاً رقماً قياسياً جديداً في سوق المعادن الثمينة. وبلغت ذروة هذا الارتفاع 2220.89 دولار، ما أثار انتباه المستثمرين ومحللي السوق على حد سواء.

ويأتي هذا الإنجاز المهم في شهر آذار، الذي شهد ارتفاعاً في قيمة الذهب بأكثر من 6 في المئة. ويُعد هذا الارتفاع إنجازاً كبيراً، ويضع الذهب على مسار لمضاهاة أو ربما تجاوز أدائه في آذار 2023، الذي كان أفضل شهر له في العام السابق.

سياسات المصارف المركزية

يعود هذا الارتفاع الكبير إلى تزايد اعتماد المستثمرين على التزام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بخفض أسعار الفائدة، ما يزيد من جاذبية السبائك التي لا تدر فائدة. ويرى المستثمرون أن خفض أسعار الفائدة سيجعل الذهب أكثر جاذبية كملاذ آمن، خصوصاً في ظل التقلبات الاقتصادية والسياسية الحالية.

ومنذ منتصف شباط الماضي، حقق الذهب ارتفاعاً بأكثر من 10 في المئة، بحيث تعكس هذه الزيادة إجماعاً متزايداً على تخفيف السياسة النقدية الأميركية، ما يوقد حماساً جديداً لاستثمارات السبائك بين المشاركين في السوق.

ويُتوقع أن يؤثر هذا الارتفاع على مختلف القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك أسواق الأسهم والسندات والعملات. كما قد يؤدي إلى زيادة الطلب على المجوهرات والتحف المصنوعة من الذهب.

وتميل أسعار الذهب إلى علاقة عكسية مع أسعار الفائدة، التي مع انخفاضها، يصبح الذهب أكثر جاذبية مقارنة بأصول ذات دخل ثابت مثل السندات، والتي ستحقق عائدات أضعف في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة.

شراء الذهب

بالاضافة إلى سياسات المصارف المركزية التي تفضل أسعار الفائدة المنخفضة، فإن المحرك الثاني وراء ارتفاع الذهب الأخير هو زيادة مشتريات الذهب من هذه المصارف في جميع أنحاء العالم.

ووفقاً لبحث “بنك أوف أميركا” الذي نشر هذا الأسبوع، قامت المصارف المركزية بتجميع الذهب بمعدل غير مسبوق، بحيث استحوذت على أكثر من 2100 طن من المعدن الثمين في العامين الماضيين.

وتعد الصين المحرك الرئيسي لكل من طلب المستهلكين ومشتريات المصرف المركزي من الذهب، ومن غير المرجح أن تتباطأ البلاد في هذا الشأن. ففي العام 2023، كان بنك الشعب الصيني أكبر مشترٍ للذهب، اذ اشترى 62 طناً من المعدن الثمين، وفقاً لمجلس الذهب العالمي.

ومن المتوقع أن يستمر طلب الصين على الذهب في النمو في السنوات القادمة. وهذا من شأنه أن يدعم أسعار الذهب العالمية، ما قد يفيد المستثمرين الذين يبحثون عن أصول آمنة في بيئة اقتصادية غير مؤكدة.

ويعد اكتناز المصارف المركزية للذهب، مدفوعاً باستراتيجيات إدارة الاحتياطيات، واحداً من ثلاثة عوامل كمبرر للإبقاء على الذهب كصفقة رابحة لعام 2024.

بالاضافة إلى ذلك، يعمل الذهب كتحوط ممتاز ضد تقلبات سوق الأسهم، بحيث يظهر أدنى ارتباط مع مؤشر S&P 500 بين فئات الأصول المختلفة، وبالتالي يعمل كملاذ آمن في أوقات الضغوط التضخمية أو التباطؤ الاقتصادي.

زيادة مشاركة المستثمرين

ويتعلق السبب الأخير لتوقع ارتفاع أسعار الذهب بزيادة مشاركة المستثمرين. وأشار المحللون إلى أن معظم مستثمري التجزئة غاب حتى الآن، عن ارتفاع الذهب، بحيث شهدت صناديق الذهب المتداولة الرئيسية خروج رأس المال بدلاً من دخوله.

ويتوقع “بنك أوف أميركا” أن يجذب انخفاض عائدات السندات الناتجة عن تخفيضات أسعار الفائدة المزيد من المستثمرين إلى سوق الذهب، ما قد يدفع الأسعار نحو نطاق 2,500-2,600 دولار (2,311-2,403 يورو)، وفقاً لتحليلهم الفني.

توقعات السوق

من المُتوقع أن يشهد شهر كانون الأول 2024 ارتفاعاً في أسعار الذهب، بحيث يُتوقع أن يبدأ الشهر بسعر 2211 دولاراً ويصل إلى أعلى مستوى له عند 2413 دولاراً، مدعوماً بالسياسة النقدية وتأثير قرارات المصارف المركزية بشأن أسعار الفائدة، وبمعدلات النمو الاقتصادي والتضخم العالمي، فضلاً على استمرار ارتفاع الطلب عليه والاستثمارات فيه. وعليه، سيحافظ الذهب على بريقه لفترة طويلة وسيجذب المستثمرين الباحثين عن ملاذ آمن في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية.

شارك المقال