المصارف الأجنبية في لبنان… بين تسهيل أمور المودعين والتهرب

محمد شمس الدين

قصة الأزمة اللبنانية أصبحت معروفة لدى الجميع، حتى الصغار يخبرونك كيف حصلت ومتى تدهور الوضع، وتوقفت المصارف عن دفع الودائع للمودعين، ولكن في لبنان مصارف أجنبية عاملة فيه، وهنا ليس المقصود مصارف الشراكة أو التي يملكها لبنانيون، بل هي مصارف من خارج الأراضي اللبنانية كلياً وتعمل في السوق اللبنانية، ووفق البيانات هناك 6 مصارف من هذا النوع، ويعاني المودعون أيضاً في الحصول على ودائعهم منها.

وعلم “لبنان الكبير” أن أحد هذه المصارف تذرع بالأزمة الاقتصادية ليتهرب من تسديد الأموال للمودعين.

وأشار الخبير الاقتصادي والمصرفي د. نسيب غبريل في حديث لموقع “لبنان الكبير” إلى أن المصارف عند اندلاع الأزمة “توجهت إلى السلطات، التنفيذية والتشريعية والنقدية، مطالبة باجراءات، ولكن عندما بدأ تقاذف المسؤوليات وأدركت هذه المصارف أن الكابيتال كونترول لن يطبق، توجهت إلى مصرف لبنان مطالبة بجزء من ودائعها في الحسابات الجارية بالدولار، إلا أن الأخير رفض طلبها الذي كان بحدود الـ 7 مليارات دولار، عندها اتجهت إلى اجراء كابيتال كونترول خاص بها، وكل مصرف حسب سيولته، واستمرت في ذلك حتى 7 آذار 2020، عندما قررت الحكومة اللبنانية التوقف عن دفع اليوروبوندز”.

أما المصارف الأجنبية فاتبعت نهج المصارف اللبنانية، إلا أن سقوف السحب فيها كانت أعلى، ولكن المودع لم يتمكن من سحب ما يشاء من وديعته من أي مصرف بقيت أبوابه مفتوحة، فالمصارف في العالم عادة لا تمتلك أكثر من 10% أو 12% من الودائع فيها جاهزة كسيولة، بحسب غبريل الذي لفت الى أن بعض هذه المصارف الأجنبية تقيّد بالتعاميم الصادرة عن مصرف لبنان.

مصدر رفيع في “البنك العربي” أوضح لموقع “لبنان الكبير” أن إدارته أوجدت إطاراً لإعادة مبالغ صغيرة للمودعين، حسب قدرة المصرف وحالة المودع، “وهذا أفضل ما يمكن أن نقوم به على أمل أن يتحسن الوضع وتصدر قوانين في البلد”.

ورأى أنه لا يمكن لأي بنك دفع كل أموال المودعين طالما أن “هناك أموالاً محجوزة في المصرف المركزي، عندما بدأت الأزمة، سدد المقترضون ديونهم بالليرة اللبنانية، وهذه الأموال دخلت المصرف المركزي، والقانون في صف المقترضين”.

وأكد المصدر أن “مصرفنا لم يشترِ سندات، ولم يضع أموالاً في البنك المركزي، وعلى الرغم من ذلك جرفنا نهر الأزمة، كنا نقرض الناس، وعندما حان وقت الدفع، دخلت الأموال المصرف المركزي، ومع ذلك سيسرنا أمور الناس على أمل أن يتحسن الوضع، ولكن لا أحد يقدم على شيء، لا أحد يأخذ قرارات، وطالما ليس هناك تغيير في القوانين سيبقى الاقتصاد مجمداً، فلن يقدم مصرف على الإقراض طالما أن القانون لم يتغير، بحيث يتم الإقراض بالفريش دولار والتسديد بالليرة اللبنانية”.

أما خبير المخاطر المصرفية د.محمد فحيلي فأشار إلى أن “المصارف الأجنبية قليلة، وحجمها في السوق اللبنانية لا يذكر، ولكنها أيضاً كانت لديها توظيفات في مصرف لبنان، ولم تحصل عليها، وغالبيتها ليست كالمصارف العادية، بحيث يكون هناك مودعون، هي لديها توظيفات وملفات في لبنان، وهناك مثلاً البنك العربي يلبي طلبات زبائنه بدرجة مريحة كونه قادراً على التحمل أكثر من غيره. أما البنك الكويتي فمشكلته بدأت قبل الأزمة، والادارة في الكويت أعلنت تصفيته، وكان يريد الخروج من السوق اللبنانية، ولكنه تأخر. في حين قرر بنك البركة الخروج من السوق اللبنانية عام 2017. ومن جهة بنك التمويل العربي، فمنذ فترة طويلة يخوض مفاوضات مع لجنة الرقابة على المصارف. أما البنك الأفريقي فقد أغلق، وبدأ بتسريح موظفيه قبل الأزمة، هذه المصارف كانت تعاني من مخاطر ائتمانية وليست سيادية”.

شارك المقال