انتاج التبغ انخفض من 5 ملايين كيلو الى مليون… هل تُعوَّض خسارة المزارعين؟

فاطمة البسام

في شهر نيسان، يباشر مزارعو التبغ زراعة أراضيهم الممتدة جنوباً من شمال الليطاني إلى جنوبه. وعلى الرغم من ارتفاع التكاليف، من أجرة اليد العاملة وأسعار الشتول والسماد والمياه هذا الموسم، إلاّ أن مزارعي شمال الليطاني بدؤوا بتشتيل محاصيلهم التي يعتاشون منها متحدين الظروف الاقتصادية والأمنية التي يعيشها البلد.

أما في منطقة جنوب الليطاني، فبات الوضع معروفاً لناحية العدوان الاسرائيلي ونزوح المزارعين الذين لم يتمكنوا من حراثة الأرض والعناية بها، فغابت بلدات عيتا الشعب وكفركلا وميس الجبل وعيترون والضهيرة ويارين والبلدات المجاورة عن زراعة التبغ لهذه السنة، ما جعل الجنوب منكوباً زراعياً كما أطلق عليه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الزراعة عباس الحاج حسن.

ويضاف الى ذلك، تخوف المزارعين الذين باشروا عملهم من خطر الذخائر غير المنفجرة التي نبّهت منها قيادة الجيش – مديرية التوجيه أكثر من مرّة، والفوسفور الأبيض الذي سمّم التربة لعشرات السنين المقبلة، قبل أن تتعافى وتصبح صالحة للزراعة.

في العام الماضي، أنتجت المساحة المزروعة بالتبغ في الجنوب 5 ملايين كيلوغرام، وتراوح عدد العائلات التي تعمل في هذه الزراعة ما بين 15 و17 ألف عائلة، ولكن هذا العام وبفعل العدوان الاسرائيلي والدمار الكبير في القرى الجنوبية التي تعتمد زراعة التبغ مصدراً لها ستتراجع المساحات المزروعة به، حتى أن الأيدي العاملة ستنخفض الى النصف.

نادر أبو ساري، الذي ورث مهنة زراعة وشك الدخان من أجداده قبل السبعينيات، أوضح لموقع “لبنان الكبير” أنهم في هذه الأيام يبدؤون بزرع شتول التبغ في مساكب، قبل أن تنقل الى الحقول، ولكن بسبب النزوح، ترك معظم السكان مشاتله وخسر الموسم.

ولاحظ أبو ساري تغيراً في محصوله، مشيراً إلى أن بعض الشتول التي غرسها قبل أن ينزح من بلدته الضهيرة، قد ذبل بعد أيام وهذا الأمر لم يلحظه قبل العدوان الأخير. ورجح أن تكون التربة قد تلوثت بسبب القصف وقذائف الفوسفور الأبيض المضرّ لكل النباتات والمزروعات، وليس للتبغ فقط.

وعن ارتفاع كلفة زراعة التبغ، قال أبو ساري: “إذا بدي خبرك شو بتكلًف وقت وتعب وفلوس ما منخلّص لبكرا”، خصوصاً بعد تحوّل كلفة المواد الزراعية إلى الدولار.

أضاف: “وحده كيس الكيماوي الذي كان سعره لا يتجاوز الـ30 ألف ليرة أصبح اليوم بـ 50 دولاراً، ووصل سعر اليد العاملة في اليوم الواحد إلى 20 دولاراً، وصهريج المياه مليون ليرة”.

وبسبب النزوح القسري، خسر أبو ساري الموسم ومردوده الذي كان يسند “جرّة”، وأصبح نزيلاً في مدينة صور بعيداً عن الصواريخ التي يلاحقه صوتها فقط.

نائب رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان ورئيس اتحاد نقابات التبغ في لبنان حسن فقيه أكد في حديث لـ “لبنان الكبير”، أن “مزارعي التبغ في الجنوب وخصوصاً في القرى الأمامية التي تتعرض للقصف والغارات لم يتمكنوا من إقامة المشاتل بفعل العدوان الاسرائيلي، لذلك يجب التعويض عليهم جراء خسارتهم الموسم ونزوحهم عن بلداتهم، من كفركلا وميس الجبل وحولا وعيتا الشعب وعيترون وبنت جبيل ومارون الراس ويارون والضهيرة ويارين. لذلك، اتفقنا مع المدير العام لرئيس مجلس ادارة الريجي المهندس ناصيف سقلاوي على آلية لدعم المزارعين، وكان متجاوباً بالكامل”.

وأضاف فقيه: “سيكون الدعم عبارة عن تعويضات مالية لكل مزارعي التبغ الذين لم يتمكنوا من زراعة محاصيلهم بسبب الحرب، وهذا أقل ما يمكن تقديمه للفلاحين الذين صمدوا أيام الاحتلال وكانوا سبباً في إزدهار هذه التجارة، لذلك سيكون الضغط على وزارة المالية والحكومة من أجل وضع المزارعين على لائحة المتضررين للتعويضات، وإعطائهم القيمة المالية نفسها التي حصلوا عليها العام الماضي بدل إنتاجهم، وهذا أقل ما يمكن تقديمه”.

في السابق كان الجنوب ينتج 5 ملايين كيلو من التبغ في الموسم قبل الأزمة الاقتصادية، أما في العام الماضي فانخفض الانتاج إلى النصف، بسبب الغلاء الذي طال القطاعات كافة، وفي الوضع الحالي إذا كان الانتاج حوالي مليون كيلو “بيتنا بالقلعة”، بحسب فقيه.

ولفت الى أن “القنابل العنقودية الاسرائيلية لا تزال تشكل خطراً على المزارعين والرعاة وعلى كل نواحي الحياة، بالاضافة إلى القنابل الفوسفورية التي تحتوي على اليورانيوم المنضب الذي يقتل التربة ويسمّم المياه الجوفية”، معتبراً أن “من الضروري تقديم شكوى لدى مجلس الأمن في هذا الشأن، لأن الجنوب أصبح منكوباً زراعياً، فمعظم أراضيه لم يعد صالحاً للزراعة”.

شارك المقال