خاص

ترشيح فايز كرم تعويض أو معركة ضد الأعداء والأصدقاء؟

العميد فايز كرم، (عفواً العميل فايز كرم) كما يستدرك البعض عند الحديث عنه، هو مرشح “التيار الوطني الحر” عن دائرة الشمال الثانية في قضاء زغرتا، للانتخابات النيابية المقبلة، حسب ما تم تناقله إعلامياً من قبل أوساطه.

يأمل كرم في الفوز ولذلك قرر الترشح، بعد أن ساندته القاعدة العونية في المنطقة، هذا ما يردده في مجالسه، معتبراً أن ترشيحه ليس في مواجهة أحد ولا تصفية حساب، وأنه دفع الثمن السياسي في قضية عمالته لإسرائيل.

على الرغم من أن كرم له جمهور في زغرتا وهو من عائلة كبيرة، لكن عملياً هذه المنطقة تعتبر منطقة سليمان فرنجية المرشح لرئاسة الجمهورية، ولفرنجية في لائحته مرشح من هذه العائلة، إضافة الى النائب سليم سعادة من الحزب “السوري القومي الاجتماعي”، وهذا الحزب بشقيه المختلفين يعارض وجود كرم في اللائحة، ويعارض تسويقه فيها من قبل “التيار الوطني الحر”.

لا ردود فعل إيجابية على ترشيح فايز كرم، وهو ما يفرمل اعلان “التيار الوطني الحر” ذلك رسمياً، ففي هذه الدائرة حسب الصورة الظاهرة حتى الآن، هناك لائحة لجبهة المعارضة ولائحة لــ “شمالنا” و”سوا” تحديداً، وهناك لائحة فرنجية والتي تضم “القومي” وقد تضم مرشحين من أطراف أخرى. لذلك وفق متابعين لا يمكن أن يجري ترشيح فايز كرم على لائحة فرنجية الذي يدرك أنه إذا حصل ذلك فستكون بالنسبة اليه ضربة قاضية كونه طامحاً الى رئاسة الجمهورية، ويعتبر نفسه صديقاً للنظام السوري، فهناك مسؤولية كبيرة في ترشيح كرم كونه يشكل عبئاً على المرشحين في اللائحة، وإذا كان “التيار الوطني الحر” مصراً على ترشيحه في زغرتا فسيجد مشكلة، أولها الصدام مع القوميين الذين يعتبرون حلفاءه وسيعطونه أصواتاً في دوائر ثانية، وثانيها الصدام مع وجود معارضة من أحزاب السلطة مثل “القوات” والمستقلين وحلفاء “القوات”، الذين سيدخلون في هذه اللائحة وستكون لديهم ورقة دسمة في الدخول ضد “التيار الحر”، إضافة الى المعارضة المنبثقة من ثورة 17 تشرين التي ستكون مناسبة لها لتوسيع جمهورها.

كما أن عائلة كرم لن تتحمل أعباء ترشيحه وانعكاساتها على المنطقة وتحميل وزر ترشيح عميل للمجلس النيابي، تمت محاكمته، ويبقى السؤال هل جرى تبييض سجل كرم، لا سيما أن السجل العدلي مطلوب في تقديم الأوراق؟ واذا تم التبييض فهذه مشكلة كونها تشكل تشجيعاً لعملاء آخرين على أن يخطوا هذه الخطوة، خصوصاً وأن المحكمة في لبنان حكمت عليه، بعدم استخدام كل حقوقه المدنية بما فيها تقاعده العسكري.

إضافة الى أن أخذ فايز كرم الى طرابلس، يعتبر تحدياً للطائفة السنية لأن المقعد الماروني يمنح من السنة للمسيحيين ولا ثقل للعامل المسيحي، والتحدي هذا لن يقبل السنة به وستكون اللائحة التي قد يدخلها كرم لائحة خاسرة وتنعكس على أعضائها.

الردود الشعبية الأولية على ترشيح كرم، أن هذا العمل غير قانوني وغير طبيعي وبالتالي ستتم مواجهته في الشارع الزغرتاوي أو الكوراني أو الاهدني أو البشراني والطرابلسي تباعاً.

ويعتقد البعض أن “التيار الحر” قد يكون جهز الطبخة لترشيح فايز كرم ولكن لم يستطع تقديمها لأن العملية صعبة وهي طريق الى مؤشر سيئ سيتم سلوكه في لبنان مع مرشحين آخرين تم الحكم عليهم ان كان بالأعمال أو بالمخدرات أو بالارهاب، وهذا أمر سيرفض في أي مكان مهما كان نوعه. وقد يكون “التيار الحر” أراد تقديم ترشيح فايز كرم كبالون اختبار لمعرفة رد فعل الشارع، وما اذا كان لكرم دور أو تأثير في الحياة الزغرتاوية، وربما لهز العصا لحلفائه، ان كان فرنجية أو المقربين منه، أي الحزب “القومي” أو “حزب الله” الذي سيدعم لائحة فرنجية.

وترى أوساط متابعة أن “ترشيح كرم يعني أيضاً الاقرار بالتعويض عما حدث له، إن كان بسبب الحكم عليه بالتقابل والتخابر مع العدو ولقائه أو استلام أموال منه، وهو ما يبرر صمت التيار الوطني الحر وجبران باسيل تحديداً حتى الآن، حتى لا يوتر العلاقات مع الحلفاء أو يكون ترشحه برضى الحلفاء، وفق مقولة الغاية تبرر الوسيلة، وبالتالي فإن كرم كان يقوم بمهمة التخابر مع العدو، بمعرفة قيادة التيار الوطني كما اعترف. وبهذا المعنى هم اليوم يحاولون التكفير عن الجريمة، والوقوف معه ومساندته لاعطائه حقوقه بعد اعتقاله وبعدما أسقطت عنه حقوقه المدنية، فهو كان جندياً في هذا التيار يقوم بمهامه وفقاً لذلك”.

ان اعادة فايز كرم اليوم مرة جديدة الى المشهد السياسي تبدو لعبة لخلط الأوراق، عبر الدخول في صراع مواجهة مع الحلفاء قبل الأعداء من قبل “التيار الوطني الحر”، في وقت لا وجود لموقع له، خصوصاً مع وجود معارضة قوية ضده وهو يبدو مهمشاً، لا سيما وأن المعارضين لوجوده كثر.

ليس واضحاً مع من سيتحالف “التيار الوطني الحر” في هذه المنطقة النارية، فالتحدي كبير لا سيما لباسيل المهدد بالسقوط شخصياً ولذلك يلجأ الى خلط الأوراق، وهذا ما يدفع الكثيرين الى التفكير مطولاً لماذا يختار التيار شخصية محروقة يقدمها في منطقة ذات كثافة مسيحية فيها اشكالات كثيرة؟ ولماذا هذه المغامرة التي قد تكون نتائجها سلبية عليه على مستوى تدني نسبة الناخبين؟ وهل أن التيار فقد كل قياداته ورصيده من الكوادر التي يمكن أن يقدمها من أجل خوض الانتخابات؟.

والواضح أن النكسة الكبيرة التي تلقاها منذ 17 تشرين حتى اليوم وتعرض باسيل كشخصية للانتقاد وحتى الشتائم يدلل على أن التيار لم يتأثر بها في حال قرر حلفاؤه دعم ترشيح فايز كرم وإيصاله الى البرلمان، ويعني أن لباسيل “كارت بلانش” من حلفائه لخوض المعركة والوصول الى المبتغى بغض النظر عن الشخصيات والأسماء، أو أن باسيل يقرر خوض المعركة وفقاً لمقولة “علي وعلى أعدائي”.

وللتذكير فان المحكمة العسكرية كانت قد أدانت كرم بجرم التعامل مع العدو الاسرائيلي وحكمت عليه بالسجن ثلاث سنوات خُفضت إلى سنتين مع الأشغال الشاقة وتجريده من حقوقه المدنية التي أعيدت لاحقاً وها هو يمارسها فعلاً بترشحه للإنتخابات.

وخاض التيار العوني حملة آنذاك استهدفت فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي مشككاً بصدقية تحقيقاته وأدائه المهني. كما تعرض نواب التيار للمحكمة العسكرية فشككوا بنزاهتها واتهموها بالتآمر وشهروا بها، واصفين حكمها بـ “الباطل”. وهددوا بتداعيات الحكم سياسيأ مراهنين على تغيير الحكم في محكمة الإستناف بفعل من فريق الدفاع. وتعامل العونيون مع قضية عمالة كرم على قاعدة “ما خلونا نطلعو بريء”، على الرغم من خطورة ملفه وضرورة إقفال الأفواه من قبل مسانديه، حين يكون الموضوع متعلقاً بالتعامل مع العدو وأمن البلاد. وعلى أية حال كان الحكم قد خفض من المؤبد الى السجن ثلاث سنوات هي سنتان بحكم أن السنة السجنية 9 أشهر، وتلك تخريجة حليف التيار العوني حاكم لبنان بسلاح ما يسميه “مقاومة”، أي “حزب الله”، الذي سكت وراقب حليفه وهو يسعى الى تبرئته ويهتف في قاعات المحكمة مهللاً ومتضامناً مع العميل (السابق)، في وقت كان اللبنانيون يتساءلون عن معنى هذه الصفقة والصفعة التي تلقوها من جراء أداء مخادع في قضية وطنية كبيرة بهذا الحجم.

ولا بد من التذكير أن هناك أحكاماً بحق متعاملين من غير القياديين بالطبع، وفقاً لقضاء إستنسابي، كانت أشد حتى أنها وصلت حد الإعدام، فيما بعضهم حلت مشكلته بالتوبة عند رجال دين.

اللبنانيون الذين صدموا من وقاحة “التيار الوطني الحر” في الإعلان عن ترشيح كرم، تذكروا مباشرة أنه صديق باسيل وقد ظهر معه في الصور محتفياً بإطلاقه، وأعادوا نشر صور الرئيس ميشال عون في المتحف مع جنرال اسرائيلي في العام 1982.

وفايز كرم كان قد ترك لبنان في العام 1992 لدى مغادرة عون الى فرنسا وبقي الى جانبه مدة 13 سنة وعاد معه الى لبنان، وسبق له أن ترشح للانتخابات النيابية في العام 2009 عن المقعد الماروني في طرابلس ولم يفز.

واعتقل كرم بتهمة التخابر لصالح اسرائيل منذ مطلع الثمانينيات، وتم توقيفه في آب 2010، وقيل إنه كان يحاول الهرب عبر مطار رفيق الحريري الدولي، إثر توقيف مقدم في الجيش قبل أيام بالتهمة نفسها. واعترف في التحقيق الأولي معه بالتعامل مع الاسرائيليين، كاشفاً أنه كان يلتقي مشغليه في بعض الدول الأوروبية، وتحديداً في باريس. وبناء على التحقيق الأولي مع كرم أكد أن بداية اتصاله مع “الموساد” كانت مطلع الثمانينيات، وأنه إستمر في التواصل معه. كما اعترف بزيارته اسرائيل مرة واحدة.

والغريب أن كرم قال في آخر تصريح تلفزيوني له قبيل إعتقاله: “ان المعركة اليوم هي مع العملاء الذين لا يهابون الدولة ولا يردعهم القضاء”، مشدداً على “ضرورة أن تواكب أجهزة المخابرات كل الحروب التي نمر بها في لبنان”.

وهمروجة استقبال كرم بعد خروجه من السجن في العام 2012، من قبل “التيار الحر” تؤكد الوساطة، إذ توجه فور خروجه الى منزل عون في الرابية، ومن ثم نحو زغرتا حيث إحتفل به تياره بإطلاق الأسهم النارية ونثر الأرز وقرع الطبول، وأكد كرم حينها أنه لن يغير خطه السياسي، “ولا يمكن لأحد أن يهددني بالماضي”.

زر الذهاب إلى الأعلى