خاص

حرفوش “يُفرفش” الطرابلسيين موسيقياً… ولا يتقبلونه سياسياً

تمكّن المرشح عن المقعد السنّي للانتخابات النيابية عن دائرة الشمال الثانية عمر حرفوش منذ أيّام، من جمع العشرات من الشخصيات الطرابلسية والشمالية الاجتماعية منها والشعبية على مسرح “الرابطة الثقافية” لاحياء أمسية موسيقية كانت تفتقدها المدينة التي واجهت الويلات لا سيما في السنوات الأخيرة الماضية، إذ استطاع الاحتفال “فرفشة” بعض الطرابلسيين قبل الموعد الانتخابي الذي يبدو أنّه سيُسجل نقطة فاصلة حول مصير المدينة والبلاد، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً بين الطرابلسيين.

في المقابل، كان قد نُظم مهرجان انتخابي في منطقة القبة حضره المئات من الناشطين والمواطنين لتشجيع حرفوش وبحضوره، الأمر الذي أحدث خلافات كبيرة بين الأوساط الشعبية الرافضة لتمثيله طرابلس انتخابياً وشعبياً في الأيّام المقبلة، ما دفع بعض الشخصيات في هذه المنطقة الشعبية إلى رفض دخوله من الأساس إليها، لكن في ظلّ عدم تجاوب الأطراف الداعية إليه معهم، انتهى المهرجان بسلام، الأمر الذي سجّل العديد من علامات الاستفهام حول السبب الذي دفع النّاس إلى المشاركة فيه على الرّغم من المعارضة من جهة، وسبب صمت الطبقة الشعبية التي شنّت حملة كبيرة ضدّه سعياً الى منعه من الدخول إلى المنطقة خلال إطلاق هذا المهرجان من جهة ثانية، في سيناريو كان قد تكرّر أيضاً عند إحياء الاحتفال الموسيقي الذي سجّل نجاحاً مع قيام حرفوش، أيّ الموسيقار والملحن الطرابلسي والعالمي، بالعزف في أجواء طغى عليها الفرح مجاناً، حتّى مع الكثير من الاعتراضات الشعبية الكبيرة التي يرونها “كافية لعدم تقبّل دخوله إلى المعترك السياسي”.

تفاوت الآراء

في الواقع، تنقسم الآراء حول المرشح الذي قد يعرفه البعض ويجهله آخرون في بلبلة لا تزال مستمرّة حول طبيعة عمله وأهليته التي قد تدفعه أو تمنعه من الوصول إلى هذا المنصب.

وفي وقتٍ يقتنع بعض الطرابلسيين بالوجه الجديد وبمواصفاته التي يرونها مناسبة وثورية بعد مللهم من الطبقة السياسية الحاكمة ما دفعهم إلى الاقتناع بوجهة نظره التي يدعو فيها إلى نقاط عدّة، يراها كثيرون “مستحيلة وغير قابلة لتنفيذها على ساحة الواقع”. ويُمكن الإشارة إلى أنّ السواد الأعظم من الطرابلسيين لا سيما ثوار 17 تشرين أو أبناء المناطق الشعبية التي تقوم الانتخابات على أساسها، يرون أنّ حرفوش الذي يحمل الجنسيتيْن اللبنانية والفرنسية لا يُمثل الطرابلسيين. ووفق العديد من المتابعين والناشطين فإنّ الرفض يأتي بسبب “عمل وصور قديمة لحرفوش انتشرت بسرعة البرق منذ لحظة إعلان ترشحه ما جعله شخصاً غير مرغوب به محلّياً، نظراً الى كونه لا يُشبه الفيحاء بمعاناتها وتقاليدها الأصيلة”.

وعلى الرّغم من المعارضة الكبيرة ضدّه، وتوجه بعض المراجع منذ فترة وجيزة إلى التفكير جدّياً بأنّه سينكفئ بسبب هذا الرفض، يستمرّ حرفوش في تشكيل لائحته، مع الاشارة إلى أنّ المرشحة عن المقعد الماروني في دائرة الشمال الثانية (طرابلس، المنية – الضنية)، جانيت فرنجية ستخوض الانتخابات النيابية على لائحته.

وبعد رصد “لبنان الكبير” آراء طرابلسية مختلفة، يُمكن القول انّ العديد من سكان المناطق الشعبية لا يعرفون هوية المرشح حرفوش الحقيقية، ولا غيره من المرشحين أيضاً، وانّ من يعرفه منهم قلّة ترفض وجوده بسبب ما يُنشر عنه من أحاديث تلفت إلى عمله السينمائي ونطاق الموضة مسبقاً.

وإذْ لا يُخفي بعضهم رغبة الشارع في التغيير السياسي، يلفت البعض الآخر إلى أنّ الطرابلسيين لا يرغبون في دخول وجوه جديدة قد لا تُشبههم، فيما يُشير آخرون إلى أنّ رفضهم لشخصية جديدة لسبب ما، لا يمنع أبداً دخولها إلى الساحة اللبنانية، بينما لا يتقبّل كثيرون شخصية حرفوش التي أشاروا إلى أنّها “دخيلة على المجتمع الطرابلسي الذي كان قد أنتج شخصيات معروفة بقوّتها، صلابتها ومقاومتها للظلم والعدوان”.

ويقول محمّد ث. (45 عاماً): “للطرابلسي قضية مسموعة، ويجب أن تصل رسالتنا في هذه الانتخابات أنّنا لا نريد أحداً منهم، أمّا حرفوش فمن حقّه الترشح إذْ يجب ألا تكون هذه الانتخابات حكراً على أحد، لكن عموماً إذا كان يعتبر نفسه طرابلسياً حقاً فليُظهر لنا قضيته الحقيقية، هل ستكمن في التطوير الانمائي الغائب عنّا من الدّولة الحاقدة على شعبها؟ أم سيُسهم أيضاً في تطوير نفوذ حزب الله في البلاد كما فعل غيره؟”.

أضاف: “إنّ مدينتنا التي تحمل الكثير من المعايير الايجابية التي يُمكن استغلالها، لا بدّ لها من شخصية توصلها إلى برّ الأمان، وإذا كان حرفوش يرى نفسه ضمن هذه الفئة فليترشح ويستمرّ، لكن إن أراد إيذاء المدينة وأهلها فلن يصل إلى مبتغاه أبداً، ولكن في كلّ الحالات لا أحكم عليه بسبب عمله وماضيه الذي يبدو أنّه يعترف به، بل أحكم عليه من خلال إنجازاته على الصعد كافة”.

بدورها، تستغرب أم أحمد من سكان التبانة تقبّل البعض لحرفوش، وتقول: “لا يُشبهنا بأيّ شكل وبأيّة ظروف، فإذا أردنا الحديث عن الزعامة والقيادة السنية، فليأتوا بشخص يُشبه أبو عربي عكاوي البطل الذي أنقذنا ودافع عن مدينته طرابلس في وجه النظام السوري، أمّا حرفوش فسمعته وهو يُدافع عن سلاح الحزب ليصفه بأنّه أقوى من الجيش، ما يعني أنّه سيعكس سياسة نرفضها رفضاً تاماً في مجتمعنا الذي شبع من الفقر والعوز ولا نرغب في مزيد من الخضوع لسياسات دمّرتنا ودمّرت البلاد الخارجية المحيطة بنا”.

من جهته، يقول أحد الناشطين الاعلاميين الذي رفض البوح باسمه لـ “لبنان الكبير”: “بسبب ما يقوم به حرفوش في الفترة الأخيرة، بعد توجهه إلى القضاء وإصدار إنذارات ضدّ بعض الشخصيات كان آخرها ضدّ إحدى الصحافيات التي أجرت معه مقابلة، كنّا نتمنّى استمراره في العمل الموسيقيّ كموسيقار عالميّ ناجح، لكن دخوله إلى العالم السياسي سيُقحم مجتمعاتنا بأفكار لا تُشبهها حقاً، لأنّه مختلف وأهالي المدينة عموماً لا يتقبّلون الأفكار التي يُمكن أن يدعو إليها، وبالتالي إنّه عاجز عن تقبّل الآراء المعارضة له منذ هذه اللحظة، ويمسح التعليقات التي لا يرغب فيها وينتقم من هذا وذاك، فضلاً عن زيارته إلى الضاحية التي سبقت زيارة مناطقنا الشمالية. ولا ننسى صوره التي انتشرت في بيروت وعلى طريق المطار حيث توضع صور قاسم سليماني الفارسي والذي نرفضه تماماً. إذًا وبعد كلّ هذه التصرفات كيف سيستمرّ في العمل السياسي الذي يحتاج إلى ديبلوماسية واضحة وخطط دقيقة؟”.

زر الذهاب إلى الأعلى