بيروت ستفتقد “أبو حسن” 

زياد سامي عيتاني

كأن قدر بيروت في محنتها وغربتها وحسرتها، أن تخسر تباعاً رجالاتها من أصحاب النخوة والنخبة والمروءة والشهامة! فبالأمس غادرنا بصمت “أبو حسن” عبد الحميد ناصر، البيروتي العريق، الآتي من عالم “النشر” لنشر عطاءاته ومآثره في مدينته التي أحبها وأحب أهلها حتى الصميم، فكان شعلة من النشاط والحيوية في سبيل نصرتها، والوقوف إلى جانب أهلها وناسها الطيبين في زمن الشدائد، ونجدتهم في أوقات المحن والمصاعب.

ما من بيروتي الى أي فئة إجتماعية انتمى، فقيراً أو غنياً إلا ويعرف “أبو حسن”، الرجل الطيب المعطاء والمقدام. وما من منطقة ولا حي ولا شارع في بيروت إلا ولـ “أبو حسن” بصمة بيضاء فيها، تذكر فيشكر. وجد فيه الرئيس الشهيد رفيق الحريري بعد الاجتياح الاسرائيلي لبيروت وما خلفه من دمار وخراب في أرجاء العاصمة، واحداً من الرجال المخلصين المندفعين يعتمد عليه لمحو آثار الجروح والحروق التي شوهت وجهها الجميل، لا سيما محلة رأس النبع (منطقة “أبو حسن”)، فكان عند حسن ظن الرئيس الشهيد، الذي كان يرافقه في كل جولاته في أرجاء المنطقة، حرصاً منه على المتابعة الدقيقة لعملية رفع الأنقاض وترميم المباني على نفقته الخاصة، بواسطة شركته “أوجيه لبنان”. 

وبعد توقف الحرب العبثية المدمرة، ومن منطلق حرص الرئيس الشهيد على عودة المهجرين البيروتيين الذي أبعدتهم الحرب القذرة عن مناطقهم، لا سيما تلك المتاخمة لما كان يعرف بخطوط التماس، لم يجد أكفأ من عبد الحميد ناصر ليعيّنه نائباً لرئيس الصندوق الوطني للمهجرين، فيتولى الملف “البيروتي”، الذي حمله بإخلاص وتفان، ويساهم في عملية ترميم المنازل المهدمة والمتضررة، ومشاهدة أصحابها يعودون إليها معززين مكرمين، مردداً عبارته الشهيرة: “بيروت لأهلها”.

هذا بعض من حيوية “أبو حسن” واندفاعيته، اللتين كانتا تملآن كل حقل نشط فيه، من السياسة، الى دور النشر والعمل الكشفي ونادي الغولف، وصولاً الى الجلسات واللقاءات الاجتماعية التي كان دوماً نجمها ومحور نقاشاتها.

أبو حسن، ستفتقدك كثيراً بيروت، ولكن سيرتك العطرة ستبقى على لسان كل من عرفك فأحبك، والابتسامة التي لم تكن تفارق وجعك، ستبقى نبراساً يضيء ظلمة بيروت وما تتعرض له من ظلم.

شارك المقال