الصراخ الاجتماعي يتعالى مع تراقص سعر الصرف

لبنان الكبير

لا شيء يتقدّم على السرعة التي يتّجه فيها سعر صرف الدولار صعوداً مع بلوغه مستويات قياسية جديدة أمس تجاوزت عتبة 25 ألف ليرة، فيما كلّ المؤشرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية تسلك اتجاه الهبوط المتدحرج من دون فرامل. حتى أنّ البطاقة التمويلية المخصصة للأسر الأكثر فقراً باتت تسير أيضاً في منزلق السياسة، مع تعليق إصدارها لجملة اعتبارات بعيدة من مسمع هتافات المواطنين الذين دخلوا وزارة الشؤون الاجتماعية أمس احتجاجاً على الأوضاع المجتمعية الانهيارية.

وفي ظلّ الضبابية التي تحيط مصير البطاقة ومواقيت صدورها، أفادت معلومات “لبنان الكبير” أنّ الوزارة تتجه إلى تخصيصها في مرحلة أولى لمصلحة ما يقارب 20% من الأسر التي يرجّح أن تشملها. وسيبدأ توزيعها على العائلات التي تعاني أشدّ الأوضاع المعيشية صعوبة بمرحلة أولى. وستنفق الأموال من خلال قرض الأسر الأكثر فقراً. لكن، المعطى الذي يحول دون سلوك هذه الخطوة الأولية طريق التنفيذ يتمثّل في الحاجة إلى جلسة تشريعية تقرّها في وقت كان “احتدام” الجلسة قبل أسابيع نتيجة التباينات حول تعديلات قانون الانتخاب قد منع من الوصول إلى هذا البند المعلّق حتى اللحظة. وهناك تساؤلات إضافية يطرحها البعض حول ما إذا كان تأخر البطاقة وضبابية توقيت إصدارها مرتبطين بنزاعات سياسية حزبية تحت الطاولة حول العائلات التي ستستفيد منها.

وانضمّت التحديات الصحية المتعلّقة بجائحة كورونا إلى سلالة الأزمات اللبنانية المتحوّرة على غير صعيد، بعدما جاء دقّ ناقوس الإنذار أمس على لسان وزير الصحّة فراس الأبيض لجهة تأكيده ازدياد عدد الحالات المتوقّع وغير المحصور بلبنان، مع وجوب تحضير المستشفيات لأي ارتفاع حاصل. وأشار إلى أنّ “80% من إصابات كورونا هي لغير الملقحين، فيما المناطق التي شهدت أقل نسبة لقاحات تشهد حالياً إصابات أعلى من غيرها”. وشدّد على أنّ “هناك بعض التراخي من المواطنين في تطبيق إجراءات الوقاية والإرشادات، وتجب إعادة تذكير الناس بوجود الفيروس”. ولفت الأبيض إلى “الحاجة لتعزيز حملة اللقاحات. وكل المسجلين على المنصة، ستصلهم رسائل خلال الأيام المقبلة لتلقي اللقاح، وندعو الجميع للتسجيل على المنصة، ومن الآن فإن كل الفئات العمرية بإمكانها الحصول على لقاح فايزر”.

ولم يخرق مشهدية الأزمات أمس سوى برقية وجهها البابا فرنسيس إلى رئيس الجمهورية ميشال عون بمناسبة عيد الاستقلال، مشيراً إلى أنّ “مشروع أمتكم قائم على تخطّي الانتماءات الطائفية للسير معاً نحو شعور وطني مشترك. أنتم تدركون مدى تعلّقي الخاص بلبنان وأبنائه كما بدوره الفريد في الشرق الأوسط. من هذا المنطلق أطلب من الرب القدير أن يدعم مسيرتكم على الدرب الصعب والشجاع في خدمة الخير العام. ومع هذا الدعاء استمطر على فخامتكم وكل أبناء وطنكم بركات العلي القدير”.

أما أعراض الانتكاسات السياسية، فتبقى مسيطرة على واقع غياب اجتماعات الحكومة في ظلّ التعطيل الذي يمتهنه “حزب الله” ربطاً بقضية المحقق العدلي طارق البيطار. تخوفّت مصادر سياسية معارضة عبر “لبنان الكبير” من تبعات التعطيل وانعكاسه تحديداً على الواقع الأمني من جهة، كما استحقاق الانتخابات النيابية المرتقب على بعد أشهر. وأشارت إلى أنّ قبول الطعن الدستوري المقدّم من تكتل “لبنان القوي” يمكن أن ينعكس على مصير الانتخابات عموماً لاعتبارات متعلّقة بتطيير مضمون القانون، بما يعني استحالة إجراء الانتخابات. واستقرأت أن الضرر اللاحق بالأكثرية النيابية جراء الاستحقاق الانتخابي سيدفع بها إلى محاولة تأجيله، بما ينذر بأشهر حساسة مرتقبة في المرحلة الفاصلة قبل الاستحقاق.

ولم تأتِ نتائج الانتخابات الطالبية في جامعة سيدة اللويزة بعيدة من الإشارة إلى تراجع ملحوظ في شعبية “التيار الوطني الحرّ”. وحقق طلاب حزب “القوات اللبنانية” فوزاً كبيراً بـ90% من المقاعد. وحصلوا على 24 مقعداً في الكليات كافة، في وقت فاز طلاب حزب الكتائب بـ 3 مقاعد. ولم يحرز النادي العلماني أيّ مقعد.

وسياسياً، سيطرت الاستقبالات الروتينية على حركة اللقاءات والزيارات أمس. والتقى رئيس الجمهورية ميشال عون وزير الدفاع موريس سليم وأجرى معه جولة تناولت الأوضاع الراهنة والتطوّرات الأخيرة، إضافة إلى الحالة الأمنية في البلاد وعمل المؤسسات التابعة للوزارة. وجرى التداول في أوضاع العسكريين والظروف المعيشية الصعبة التي يعيشونها وسبل معالجة هذه المسألة. كذلك، استقبل عون وزير الشباب والرياضة الدكتور جورج كلاس وعرض معه الأوضاع العامة والمستجدات الأخيرة وعمل الوزارة.

أما اللقاء الذي حمل حراكاً جديداً فأتى على الساحة الدولية، بعد أسابيع من الابتعاد عن السياسة الذي طبع توجّهات الرئيس سعد الحريري، متمثلاً باستقبال نائب وزير خارجية روسيا ميخائيل بوغدانوف الممثل الخاص للرئيس الحريري جورج شعبان بناء على طلبه. واستعرض اللقاء القضايا الداخلية اللبنانية المطروحة، استناداً إلى ما ذكرته الخارجية الروسية. وتطرّق شعبان إلى تقييمات واعتبارات الحريري حول السبل الممكنة لإخراج لبنان من الأزمة التي طالت. وبدوره، أكد الجانب الروسي تضامنه مع الشعب اللبناني في ظلّ الوضع الصعب الراهن، لافتاً إلى موقفه الثابت الداعم لسيادة لبنان المتعدّد الطوائف واستقلاله وسلامة أراضيه ووحدته.

شارك المقال