الانتخابات رهن حسابات “الحزب”… و”الاشتراكي” ينتظر عودة الحريري

لبنان الكبير

لا شيء يعلو فوق صوت الإنذارات المحذّرة من الاتجاه إلى نسف استحقاق الانتخابات النيابيّة المرتقبة على مسافة أشهر، والتي عادت وتصدّرت المواقف أمس على لسان كلّ من رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط. وبات من المؤكّد بما لا يقبل الشكّ أن موعد الانتخابات معرّض للافتراس بأنياب المحور المحسوب على “حزب الله” بعد “ميني وجبة” التهمت استحقاق انتخابات نقابة أطباء الأسنان.

وقالت مصادر مواكبة لـ”لبنان الكبير” إن الهواجس المتصاعدة المحيطة بمحاذير إمكان تأجيل الانتخابات تعود إلى عاملين اثنين: الأول، هو بدء موجة تذرّع وجوه محسوبة على محور “الممانعة” بشحّ الأموال والتلويح بعدم القدرة على فتح الاعتمادات، وربط الأسباب التي يمكن أن تؤدي الى التعطيل بأسباب لوجستية على الرغم من عدم صوابية هذه الذريعة ونفيها من وزارة الداخلية من جهة، والكلفة الزهيدة للنفقات التي يمكن أن تدفع لرؤساء الأقلام والعاملين بعد الانهيار غير المسبوق لليرة، إضافة إلى القدرة على تأمين هبات في ما يتعلّق بالمستلزمات كالحبر والورق. والعامل الثاني هو المحاذير الملوّحة بإمكان تطوّر الأوضاع الأمنية وربطها بالعامل الاجتماعي وما يمكن أن يرتّبه من فوضى، إضافة إلى الواقع السياسي والخوف من “تطيير” الانتخابات بحدث أمني.

ورأى جعجع أمس أن “حزب الله” وحلفاءه “يعملون على تأجيل الانتخابات البرلمانية المقرّرة في 2022 خشية خسارة الانتخابات”، مشيراً إلى أن “هذه الخطوة ستقود لبنان إلى مزيد من الموت البطيء”، ليؤكد أن “الاستمرار بالوضعية الحالية سيؤدّي إلى تحلّل الدولة وهذا هو الموت الذي من الممكن أن نصل إليه. من هذا المنطلق، فإن الانتخابات ضرورة ملحّة جدّاً وهي عملية استثنائية مطلوبة أكثر من أيّ وقت آخر”. وشدّد على أنه “إذا عندنا أيّ أمل بإعادة الأحداث إلى الوراء، بمعنى أن تتخذ الأحداث في لبنان منحى مختلفاً عمّا هي عليه في الوقت الحاضر وأن نبدأ بعلمية إنقاذ جديدة، فهي بهذه الانتخابات بالذات، وبالتالي من غير المقبول مهما كان السبب أن تتأجل أو تتعطل هذه الانتخابات”.

جنبلاط رأى أنه “بالنسبة إلى الطعن في الانتخابات، فقد يلغى تصويت المغتربين، وهذا اذا ما حصل والذهاب إلى انتخاب 6 نواب في الخارج فلست أعلم كيف ستوزع القارات على هؤلاء. سيكون في الامر طعن أيضا للعملية الديموقراطية. لكن هذا لا يلغي أن تجتمع الحكومة مجددا”. واعتبر خلال لقائه السفيرة الفرنسية آن غريو في المختارة، أن “الحكومة ولدت بعد جهد كبير وبمساعدة كبيرة جدا من فرنسا ثم توقفت الان عند عتبة التحقيق وتجمّدت هناك. اما في مسألة التحقيق في انفجار المرفأ، فلست مع رفض التحقيق لتسيير عمل الحكومة، بل مع اجتماع الحكومة كي تستطيع أن تقوم في ما تستطيعه من خلال المحادثات مع البنك الدولي ومع المؤسسات الدولية من فرنسا وغيرها، من أجل وقف الإنهيار الذي نشهده كل يوم”.

وفي وقت لم تتضح حتى الساعة صورة التحالفات الانتخاببة بين القوى السياسية على صعيد الدوائر، علم “لبنان الكبير” أن الاتجاه نحو التحالف بين “القوات” و”الاشتراكي” بات مؤكداً في المناطق التي تشهد حضوراً للمكونين مع اعتزامهما التحالف مع تيار “المستقبل” في بعض الدوائر. وإذا كان معطى التحالف بين جنبلاط والرئيس سعد الحريري مؤكداً في حال قرّر الأخير خوض استحقاق الانتخابات النيابية، فإن الأجواء تشير أيضاً إلى بدء انقشاع نية للتحالف بين “القوات” و”المستقبل” في بعض الدوائر أيضاً. وتشير المعطيات المعبّرة عن مقاربة “الاشتراكي” إلى أنه يرى أن “المستقبل” أقرب إلى خوض الانتخابات منه الى الاعتذار أو التنحي جانباً، وأن الحريري سيعود إلى لبنان ويشارك في الحياة السياسية على الرغم من الهمود المرتبط بالتأسف على واقع الاوضاع العامة التي وصلت إليها البلاد. وهذه الانطباعات تكوّنت لدى من اطلعوا على مقاربة رئيس “المستقبل” حديثاً. ويبقى العامل الأول المنتظر قبل بدء انقشاع صورة التحالفات الانتخابية في انتظار البتّ بالطعن المقدّم إلى المجلس الدستوري.

وأعادت تصريحات رئيس الجمهورية ميشال عون أمس رسم علامات الاستفهام حول الاستحقاقات المنتظرة. فقد أشار الرئيس عون خلال زيارته قطر إلى أن “التمديد غير وارد، وإلى ضرورة أن يتمتع الرئيس المقبل بتمثيل صحيح ولديه من المؤهلات التي تمكنه من تولّي هذه المسؤولية الكبيرة ويكون ملماً بالتركيبة اللبنانية المميزة ويكون عنصر تلاق وليس تفرقة”. واعتبر أن “الأحداث التي شهدها لبنان خلال السنتين الماضيتين طغت بسلبيتها على كل الإيجابيات التي تحقّقت في العهد لعل أبرزها إقرار مراسيم استخراج النفط والغاز الذي يحتلّ صدارة الإيجابيات”. ولفت إلى أن “لبنان طالب بتعديلات على خطوط التفاوض غير المباشر مع إسرائيل حول الحدود البحرية، وفي التفاوض على كلّ طرف أن يقدّم تنازلاً للوصول إلى حلّ”.

وفي زحمة التعطيل التي تشهدها البلاد على صعيد تعطيل الحكومة، كان من المضحك المبكي تصويب تكتل “لبنان القوي” على الحكومة نفسها من دون التطرق مباشرة إلى الجهة المعطلة، أي “حزب الله”. واعتبر في بيان بعيد اجتماعه الدوري أمس أن “استمرار التعطيل الحكومي غير مقبول ولا مفهوم ولا مبرّر، فالحكومة تبدو في حال استقالة غير معلنة، وأيّ اعتماد للموافقات الاستثنائية هو أقصر طريق لاعتبارها بحكم المستقيلة”، مطالباً بـ”عقد جلسة خاصة لمجلس النواب لمساءلة الحكومة عن أسباب امتناعها عن الاجتماع وتبيان ذلك ليبنى على الشيء مقتضاه”. ورفض التكتل “ربط التعطيل الحكومي بالتحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت”، معتبراً أنّ “حل الأزمة الحاصلة يكون حصراً عبر السبيل المؤسساتي في مجلس النواب وفي القضاء”.

ولم يكسر المنحى السلبي المسيطر بعد أسابيع على تعطيل الحكومة أمس سوى المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جاه من “عين التينة” أمس، حيث بحث في مشاريع البنك الدولي في لبنان ومن بينها مشروع البطاقة التمويلية. اذ قال إن “اللقاء كان جيداً مع الرئيس نبيه بري حول برامج البنك الدولي في لبنان. وكما تعلمون البنك الدولي يعمل على مشاريع وبرامج في لبنان بخاصة في المجالات الاقتصادية وتطوير شبكات الأمان الاجتماعي. وقدمت لدولة الرئيس ملخصاً حول هذه المشاريع وأهمها المشروع الطارىء لدعم شبكة الأمان الإجتماعي. وتوافقنا مع دولة الرئيس على إطلاق حملة لتشجيع التسجيل على المنصة للعائلات التي يمكنها الاستفادة من هذا المشروع”.

شارك المقال