كباش فوق طاولة الحكومة… و”الآتي صعب” بعد الموازنة

لبنان الكبير

إذا كانت كلٌّ من المرجعيات الرئاسية “يُغنّي على ليلاه” لناحية وجهة الأولويات المتضاربة ما بين رئاسة الجمهورية التي تحمل عنوان عقد “طاولة حواريّة”، ورئاسة مجلس النواب المتبنيّة لشعار “المجلس سيّد نفسه”، ورئاسة الحكومة الساعية لتمرير عقد جلسة وزاريّة بهدف مناقشة وإقرار مشروع الموازنة؛ فإنّ ما بدا مؤكّداً في الساعات الماضية أنّ “المنازلة” الأولى المتعلّقة بالدعوة إلى الحوار قد سقطت في ظلّ تعبير غالبية القوى السياسية المحسوبة على خطّ الرابع عشر من آذار سابقاً عن “وقت غير مناسب” وتفضيلهم إرجاء هذه الخطوة إلى مرحلة ما بعد الانتخابات. وفي وقت كسب الرئيس نبيه بري “منازلة” الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، بقيت الحكومة حلبة قائمة بين مكوناتها على الرغم من التأكيد الحازم للرئيس نجيب ميقاتي لجهة عزمه الدعوة الى جلسة في غضون أيام ورهانه الايجابي على مقاربة الوزراء الشيعة وترجيحه حضورهم الجلسة المتعلقة بإقرار الموازنة.

ولا يستدعي الرهان القائم على تمرير جلسة الموازنة “النوم على حرير” حكومياً، لأن “الآتي أكثر صعوبة” وفق ما أفادت معلومات “لبنان الكبير” لجهة ما ردّدته مرجعية وزارية في الساعات الماضية، بقولها إن “الودائع قد طارت” وليست موجودة واقعياً، وأن الحكومة ليست مسؤولة عن ضياعها، ولا بدّ من وضع أصحاب الودائع في أجواء أن الخطة الحكومية تقوم على مبدأ منح تعويضات للمودعين في مقابل الخسائر وأن المودع سيتحمل بطبيعة الحال جزءاً من الخسائر. وأشارت المعطيات الى أن الخطة الحكومية لم تتوصل حتى اللحظة إلى الصيغة النهائية التي على أساسها سيتم منح تعويضات للمودعين؛ لكن عُلم أن أبرز الطروحات المتقدمة يقوم على تحويل الودائع إلى الليرة اللبنانية، أو “ليلرتها” بالمفهوم اللبناني، من دون أن يكون اعتماد هذا الطرح حاسماً حتى اللحظة. وستتوزع الخسائر بين الدولة والمصرف المركزي والمصارف والمودعين. وينحو الفريق الوزاري المختص باتجاه توزيع الخسائر على أساس أرضية تُحمّل الحجم الأكبر منها (الخسائر) إلى الدولة اللبنانية والمصرف المركزي. ثم تأتي المصارف والمودعين في المراتب اللاحقة. وعُلم أن الفريق الحكومي المختص بوضع الخطة يراهن على إقرارها منتصف شهر شباط المقبل، إذا سلكت أفكار الحكومة سكّة التنفيذ.

ويبدو أن مسار الأوضاع اللبنانية من الآن حتى شباط لن يكون مزروعاً بالورود و”الله يعين اللبنانيي” كما “الله يعين الحكومة”. كما “الله يعينك يا طارق البيطار شو بدك تحمل”، وفق ما جاء بين سطور تغريدة المستشار السابق لرئيس الجمهورية جان عزيز الذي كشف في تغريدة له عبر “تويتر” أن “الشركة اللي حجزت على باخرة روسوس في مرفأ بيروت وأدت لتفجير عاصمة لبنان صدر ضدها أخيراً حكم قضائي في الدنمارك بتهمة التهريب لصالح السلطة القائمة في سوريا، معطى جديد خطير جداً بدلالاتو على كل المعنيين بالملف”. وتفتح هذه المعطيات التي رواها عزيز تحديات جديدة أمام المحقق العدلي إلى جانب الكم غير المسبوق من طلبات الردّ التي واجهها. وفي موازاة ذلك، ثمة أجواء عبرت عنها مصادر مطلعة على موقف الرئاسة الثانية عبر “لبنان الكبير” لجهة النظر بايجابية لموضوع فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب على أنه بمثابة “مخرج” مع عودة الحصانة إلى النواب، بما يمكن أن يؤدي الى حلحلة في الجهة التي ستنظر في التحقيق معهم. وهذا من شأنه، في رأي هذه المصادر، فتح كوّة تساهم في إعادة تفعيل محركات الجلسة الوزارية لاقرار الموازنة كما إصدار عدد القوانين الضرورية لتفعيل المسار الاصلاحي وخصوصاً لجهة قانون “الكابيتال كونترول”.

ومن جلسة الموازنة والدورة الاستثنائية، إلى عنوان اللامركزية الذي عاد وبرز أمس في عظة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الذي رأى أنه “إذا شاءت المكوّناتُ اللبنانيّةُ تطويرَ النظامِ، وهي على حقٍّ، من مركزيّةٍ حصريّةٍ إلى لامركزيّةٍ موسّعةٍ لتعزّزَ خصوصيّاتِها وأمنَها وإنماءَها، وتُزيلَ نقاطَ النزاعاتِ المتكرِّرَة، وتُعالجَ نتوءاتِ التعدديّة، فلا يجوزُ لأيِّ تطوّرٍ أن يكوَن على حسابِ هُويّةِ لبنان وحضارتِه ورقيِّهِ ودورِه وحيادِه السياديّ وجوهرِ وجوده. إنَّ في طبيعةِ لبنان قوّةً تاريخيّةً تَهزِمُ جميعَ الّذين حاولوا، ماضيًّا وحاضِرًا، اسْتئصالَ جذورِ لبنان ووضعَ اليدِ عليه، وادّعوا حقًّا لا يَملِكون في أرضِه وسيطرةً لا يَقوُون بها على شعبِه”. وأشار الراعي إلى أنه “بما أنّ إنتماء لبنان العربيّ هو للانسجام مع محيطِه الطبيعيِّ وتفاعلِ الحضارتين اللبنانيّةِ والعربيّةِ عبر التاريخ، تبقى حضارته الضاربةَ في العصورِ هي التي تُحدِّد وجودَه وليست صراعاتُ الـمِنطقةِ، ولا أيُّ مشروعٍ مذهبيٍّ، ومُخطَّطٍ اثنيٍّ يرتكز الى قاعدة الأكثريّات والأقليّات. ليس العدد شيمة الإنسان ولا معيار تكوين دولة لبنان. نحن بشرٌ، نحن أبناء الله”.

على صعيد الانتخابات النقابية الخاصة بأطباء الأسنان، جرت الانتخابات مرة جديدة أمس، لتنتج فوز المرشح رونالد يونس بمركز النقيب. كما فاز ثلاثة أعضاء هم: الدكتورة باسكال الهبر والدكتور أنطوان شوفاني والدكتور طوني حرب عن لائحة “نقابة أطباء الأسنان تنتفض”.

شارك المقال