باستثناء الهواجس المتعاظمة حول مسار الانتخابات النيابية المقبلة وعلامات الاستفهام المطروحة حول إمكان “تطيير” الاستحقاق، بدا أنّ المجالس السياسية اللبنانية طَوَت باكراً صفحة العناوين “الهشّة” الكبرى التي اختصرت الصورة في الأيام الماضية، بدءاً من الدعوة الحوارية ومشتقّاتها لجهة طرح مصطلحات الاستراتيجية الدفاعية واللامركزية الادارية والمالية. “كلّو بيحكي انتخابات” مع دخول المرحلة الفاصلة على الرغم من الايقاع البطيء للإعلان عن اسماء المرشحين والتحالفات الانتخابية المرتقبة.
وعلى الرغم من غياب الاعلان عن التوجهات الانتخابية لدى غالبية المكوّنات السياسية، إلا أنّ التحضيرات مستمرة بزخم وراء الكواليس وخصوصاً على مقلب القوى المعارضة. وعلم “لبنان الكبير” أن المشاورات حول التحالفات المناطقية انطلقت بين أكثر من جهة سياسية وبالأخص لجهة تحضيرات حزب “القوات اللبنانية” الذي يتواصل مع اللواء أشرف ريفي شمالاً ومع النائب فؤاد مخزومي في بيروت الثانية، إضافةً إلى اتصالات مستمرة بين “القوات” وأكثر من شخصية سنّية بقاعية معروفة مناطقياً. ويتجه “القوات” نحو التنويع في التحالفات بما يمكن أن يشمل الاتفاق مع تيار “المستقبل” حول عدة دوائر انتخابية. وتبقى المسألة مرتبطة بعودة الرئيس سعد الحريري والانتقال إلى ضفاف التشاور الانتخابي الذي لم يباشر حتى اللحظة. وإذ حسم التحالف بين “القوات” والحزب التقدمي الاشتراكي، يرتقب انضمام “المستقبل” في عدد من الدوائر وخصوصا في دائرة جبل لبنان الرابعة.
وبما يخص عجلة مشاورات أحزاب 8 آذار، بدأ التفاوض أيضاً بما يمكن التأكيد أن الانتخابات حاصلة إلا اذا استجد عامل غير ظاهر حتى الآن. وأفادت معطيات “لبنان الكبير” أن هناك محاولات قائمة لجمع شمل أحزاب 8 آذار بما يشمل “التيار الوطني الحر” والمردة والحزب القومي السوري الاجتماعي اضافة الى الثنائي الشيعي، في وقت يُنظر الى الاستحقاق المقبل على أنه التحدي الأكبر لهذه القوى التي منها من يعاني تراجعاً شعبياً. لكن المحاولات القائمة لتوحيد صفوف هذه الأحزاب في الدوائر لم تصل بعد الى مرحلة البناء على نتائج ملموسة على عكس ما حاولت بعض القيادات الايحاء به، لأن المعطيات تشير الى استمرار الخلافات الكبيرة بين الرئاستين الأولى والثانية كما بين المردة والتيار البرتقالي بما يؤكد غياب الكيمياء المتبادلة بين هذه القوى على الرغم من محاولات تقريب المسافات بين المحور الواحد كما بدا جلياً في لقاءات بعبدا قبل أيام.
وإذا كانت الحكومة سائرة في خطى التأكيد على الانتخابات في موعدها كمعطى أساسي يضمن الغاية من استمراريتها، فإن ثمة تطوراً تحقق أمس على صعيد البنود الحكومية المتعلقة بقطاع الكهرباء مع استقبال رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي سفيرة الولايات المتحدة لدى لبنان دوروثي شيا بعد ظهر أمس في السراي الحكومي. ولفتت شيا إلى أنّها “نقلت إلى ميقاتي كتاباً رسمياً خطياً من وزارة الخزانة الأميركية أجابت خلاله على بعض الهواجس التي كانت لدى السلطات اللبنانية في ما يتعلق باتفاقيات الطاقة الإقليمية التي ساعدت الولايات المتحدة في تسهيلها وتشجيعها بين لبنان والأردن ومصر”. وأشارت شيا إلى أنه “لن يكون هناك أيّ مخاوف من قانون العقوبات الأميركية، وهذه الرسالة التي تم تسليمها تمثل زخماً الى الأمام وحدثاً رئيسيا في الوقت الذي نواصل فيه إحراز تقدم لتحقيق طاقة أكثر استدامة ونظافة للمساعدة بمعالجة أزمة الطاقة التي يعاني منها الشعب اللبناني”.
على صعيد تحركات الشارع ما بعد “خميس الغضب”، توجه اتحاد نقابات سائقي السيارات العمومية للنقل البري في لبنان بالتحية “للسائقين العموميين بفئاتهم كافة لتلبيتهم تنفيذ قرار اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان بالإضراب العام تعبيراً عن صرخة غضب لما يعانون ومعهم الشعب اللبناني من السياسات الخاطئة التي فرضت الجوع وعطلت الدورة الاقتصادية ومن جهة اخرى تنظيم الفوضى القاتلة بتحكم الاحتكارات والمافيات بحياة الشعب الذي يفرض الاسعار لكل السلع”. وأشار الاتحاد في بيان الى “أننا مستمرون حتى إقرار حقوقنا في دعم قطاع النقل البري عبر البنزين والمازوت وقطع الغيار وتنفيذ قانون السير لحماية عمل القطاع وقمع كل انواع التعديات”.
كما اعتصم عدد من المتظاهرين من “تحالف متحدون” و”جمعية صرخة المودعين” أمام السفارة الفرنسية في بيروت، حاملين لافتات تندّد بـما وصفوه “السلطة السياسية الفاسدة وبقرارت حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف والدعوة للاتجاه إلى المحاكم الدولية”. ولفت المحتشدون الى “رفع الصوت دائماً في وجه المنظومة الفاسدة الحاكمة والافراج عن ودائع المواطنين الذين يطالبون بأن تتّخذ الدول إجراءات رادعة في حق هذه الطبقة السياسية والمالية الفاسدة”.