“نقاش مفتوح” قبل الحسم الحريريّ… وتريّث انتخابيّ عام

لبنان الكبير

سرّعت عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان شريط الأحداث المحليّة بشكل ملحوظ معيدةً رفع الحرارة السياسية على مقياس اللقاءات والاجتماعات، في صورة مناقضة لما نثرته العاصفة “هبة” من ثلوج وصقيع خلال الساعات الماضية على تنوّع المناطق اللبنانية. وعلى طريقة “دقّ الحديد وهو حامي”، انطلق الحريري في جولته على المرجعيات بعد ساعات قليلة من وصوله إلى لبنان، حيث التقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السراي. كما اجتمع مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى. وزار ضريح والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري في وسط بيروت.

وأشارت معلومات “لبنان الكبير” إلى أن الحريري سيستكمل جولته السياسية الطابع على مدى الأيام المقبلة، وسيدخل في نقاش داخلي مفتوح مع كتلته النيابية وممثلي تيار “المستقبل” من طريق لقاءات عدّة ستخصّص للتشاور حول قراره المنتظر تجاه كيفية مقاربة استحقاق الانتخابات النيابية. ويأتي ذلك في وقت تتجاوز حالة الترقب التي تشهدها البلاد القوى السياسية، وتشمل القوى الشعبية من مناصرين وحزبيين. ويعود ذلك الى حجم الرئيس الحريري ضمن المعادلة الوطنية وتأثيره في كلّ القوى والشرائح. وكان واضحاً اختيار رئيس “المستقبل” الانطلاق بجولته من السراي الحكومي، لما يمثل هذا الموقع بالنسبة له واعتراضه الدائم على أي سياسة تعطيلية تطال المؤسسات الدستورية. وأكدت الزيارة التزامه المعلن في دعم الرئيس ميقاتي منذ خرجت التسمية لتشكيل الحكومة من كنفه.

الانطلاقة السريعة الوتيرة لزعيم “المستقبل” بعد عودته المنتظرة إلى بيروت و”إطلاق نفير” عقد اللقاءات مع تياره السياسي، لا تعني بالضرورة الاتجاه إلى إصدار موقف آنيّ من الاستحقاق النيابي. وأشارت أجواء “لبنان الكبير” إلى أن بحث المعطى الانتخابي مع الوجوه القيادية لا يعني حسم التوجه سريعاً لناحية خوض الانتخابات أو مقاطعتها على الصعيدين الشخصي والحزبي للحريري.

ومن المرجح أن يحتفظ تيار “المستقبل” بهامش اضافي من الوقت قبل إعلان تصاعد الدخان الأبيض حول خياراته الانتخابية. لكن القرار آتٍ لا محالة في غضون أسابيع قليلة، في حال لم يعلن خلال الأيام المقبلة. ويمكن القول إنه لا يزال من المبكر إظهار الموقف من الانتخابات، من منطلق أن كلّ شيء ممكن في السياسة. ولا يزال القرار الأساسي لدى الحريري نفسه.

ويترافق التريّث الحريريّ الطابع مع تريّث عام في البلاد وسط حالٍ من البطء في التوجّه للترشّح إلى الانتخابات، في ظلّ عدد من المحاذير التي تسيطر حاملةً بعض التشكيك بحصول الاستحقاق في موعده. وعلم “لبنان الكبير” أنه يُرتقب العمل على تحضير اعتمادات مالية خاصة بالانتخابات من ضمن مشروع الموازنة الذي ستناقشه الجلسة الحكومية مطلع الأسبوع المقبل. وترتبط الهواجس بإمكان تأخُّر هذه الاجراءات حتى الوصول الى خواتيمها وانتقالها الى مجلس النواب في وقت انطلق الاستحقاق الانتخابي رسميّاً من دون تمويل. وترتبط الهواجس بملاحظات بعض المراقبين حول ما يعتبرون أنه غياب لعامل الجدية بالنسبة لهيئة الاشراف على الانتخابات حتى الآن.

في موضوع التحضير لجلسة مناقشة الموازنة، أشار الرئيس نجيب ميقاتي أمس إلى أنّ “حكومتنا تعاود الأسبوع المقبل جلساتها لدرس وإقرار الموازنة العامة التي تشكل محطة أساسية تحتاجها البلاد لانتظام عمل الدولة. ونشدّد على ضرورة تعاون الجميع لتكون هذه الموازنة خطوة أساسية على طريق الاصلاح المنشود، ولا ننسى أنّ أمامنا استحقاقات أخرى أبرزها الانتخابات النيابيّة التي سنعمل أيضاً على تأمين الأطر اللازمة للإشراف عليها وإدارتها بفعاليّة وشفافيّة”. واعتبر ميقاتي، خلال إطلاق الاستراتيجية الوطنية لإصلاح الشراء العام، أنّ “المناسبة اليوم تأتي منسجمة مع تطلّعات حكومتنا الاصلاحية التي نصّ عليها بيانها الوزاري، هذه التطلّعات التي انبثقت أولاً من ارادتنا الذاتية ورغبة المجتمع اللبناني بالإصلاح. وتناغمت ثانياً مع توصيات الأسرة الدولية التي تتابع عن كثب هذا الموضوع وتعتبره ثالثاً في سلّم الإصلاحات بعد إصلاح الكهرباء وإصلاح القضاء”.

رئيس الجمهورية ميشال عون، أشار بدوره إلى “العمل على تحقيق الإصلاحات الضرورية واستكمال عملية التدقيق المحاسبي الجنائي”، أمام وفد لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الفرنسي. وإذ شكر عون “فرنسا رئيساً وحكومة وشعباً على مساعدتها للبنان، أكد أن مفاوضات الترسيم ستستأنف مع عودة هوكشتاين”. ولفت إلى أنّ “لبنان حريص على أفضل العلاقات مع الدول، وسيعمل على إعادة العلاقة مع دول الخليج الى طبيعتها”.

انتخابياً، أعلن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “دعم المرشح المستقل مخايل سركيس الدويهي، صاحب المشاريع البيئية والتنموية عن المقعد الماروني في زغرتا – الزاوية لأننا نرى فيه الشخصية القادرة على خوض المعركة الانتخابية في هذه الدائرة، مشيراً إلى أن الاهم من ذلك أننا نرى أنّه من خلال وصوله الى المجلس النيابي، إن شاء الله، مع التكتل الكبير الذي تسعى القوات اللبنانية لتشكيله، سيقدم نموذجاً جديداً عن العمل السياسي والعام في زغرتا – الزاوية بالذات”.

شارك المقال