ذبذبات إيرانية في لبنان “اللهيان”

لبنان الكبير

لعلّها من وحي المصادفات غير السارّة أو بالأحرى “الحركات” المقصودة في معانيها، أن يحطّ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، في بيروت على بُعد ساعات من بدء استعادة لبنان “تنفّس” بعض الأوكسيجين الطبيعي على أثر بدء استعادته مؤشّرات علاقاته النابضة مع دول الخليج العربي، وفي طليعتها المملكة العربية السعودية، بحيث علم “لبنان الكبير” أن الاستعدادات جديّة لعودة قريبة إلى بيروت تشمل كلّاً من السفير السعودي وليد البخاري والسفير الكويتي عبد العال القناعي. وهذا ما لمسته مصادر سياسية مواكبة عن كثب للمقاربة الخليجية.

ولم يكد لبنان “يتنفّس الصعداء” حتى أصيب بضيق تنفّس سياسيّ سريع، مع استعمال المنبر اللبناني لتوجيه رسائل والتعبير عن مواقف بطعم اقليميّ لجهة ما سمّاه “تلقي إيران رسائل متضاربة من السعودية بشأن إحياء العلاقات الثنائية”. وفي وقت زار عبداللهيان الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري قبل عقده مؤتمراً صحافيّاً مع نظيره اللبناني عبدالله بوحبيب، غمز من ناحية العلاقات بين ايران ولبنان واعتبرها “ممتازة”. واللافت المصطلح الذي استخدمه لناحية الإشارة إلى تشاور مستمرّ مع المسؤولين اللبنانيين حول “التطورات الاقليمية والدولية”.

وعلى الرغم من الذبذبات التي أتت على وقع بداية استعادة الروحية التاريخية اللبنانية – الخليجية، لكن لا يبدو أن هناك ما يمكن أن يحدّ من اندفاعة دول الخليج نحو لبنان في ظلّ بدء تفعيل محرّكات عملية تقديم المساعدات المتنوّعة القطاعات التي تأتي في مرحلة يحتاج فيها لبنان إلى كلّ “نَفَس” لم يحصل عليه من دول “الممانعة” التي كان أمامها متّسع من الوقت لتقديم ما يمكن أن تتكرّم من خلاله لانتشال البلد من انهياراته، فأين كانت مساعداتها طوال الأشهر الماضية؟

ولم يلبث أن ازداد القرع على طبول “أدوار البطولة” الممانعة أمس؛ مع دعوة كتلة “حزب الله” جميع الناخبين إلى “التعاطي مع الاستحقاق النيابي بكل جدية ومسؤولية، وإقبالهم على أوسع مشاركة للإدلاء بأصواتهم وانتخاب ممثليهم الذين سيتولون تقرير القوانين والسياسات التي تخدم مصالحهم”. وعلى طريقة رشّ بعض الملح والبهارات لناحية الأداء الحكومي بما لمّح إلى تأجيل اضافي في اقرار الموازنة، لفتت الكتلة إلى أن “المشروع المحال على المجلس النيابي من قبل الحكومة، تشوبه جملة من النواقص والعيوب التي تستوجب التدارك والتصحيح لكي يصل إلى مستوى إمكان قبوله كمشروع موازنة الضرورة”، مشيرةً إلى أن “هذا يتطلب من الحكومة أن تبذل مزيداً من الجهد والتدقيق لتأمين إيراداتٍ إضافية للخزينة تغطي النفقات اللازمة ولا تزيد الأعباء على المواطنين وهو أمر متيسر وممكن”.

وعلى عكس شعارات “حزب الله” الرنانة وفي فصل تدميري جديد لما تبقى من مؤسسات انطلاقاً من البوابة القضائية، ادّعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي أمس على رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بملف أحداث الطيونة. وقد تسلّم قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة فادي صوان ادّعاء القاضي عقيقي في ملف أحداث عين الرمانة – الطيونة.

وفي الموازاة، ردّ حزب “القوات” أنّ “الأوساط القضائية فوجئت صباح 22 آذار الجاري بادعاء جديد عقيقي على جعجع بجرائم جنائية عدّة”، مذكراً، “وفق ما تقول أوساط الحزب لوكالة الأنباء المركزية، أنّه وبتاريخ ١٦/٣/٢٠٢٢ كان وكلاء الدفاع في ملف غزوة عين الرمانة قد تقدّموا بشكوى أمام التفتيش القضائي بوجه القاضي فادي عقيقي موضوع مخالفات عدّة، كما تقدموا بالتاريخ نفسه بطلب ردّ القاضي عقيقي أمام محكمة الاستئناف المدنية في بيروت نظراً الى الخصومة التي نشأت بين الفريقين، فعلم بها القاضي عقيقي، ومن تاريخه بدأ يتهرب من التبليغ”.

وقرأت “القوات” في هذه الممارسات “تدميراً ممنهجاً للقضاء والعدالة في لبنان، يقوم به بعض القضاة استجابةً لبعض الأطراف السياسية، وبالأخص حزب الله والتيار الوطني الحر، للاقتصاص من أخصامهم السياسيين”، متوجهة إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى ومدعي عام التمييز لـ”التدخل فوراً ووضع حدٍّ لهذه الممارسات الشاذة التي تهدد بتدمير ما تبقّى من القضاء ومن المؤسسات في لبنان”.

شارك المقال