الحريري مرتاح… وقراءات إسقاطية لـ”نسب” اقتراع المغتربين

لبنان الكبير

إنتهت حلقة اقتراع المغتربين، وصارت الصناديق ضمن الودائع في مصرف لبنان بانتظار الحلقة الثانية مع المقيمين، وسط همروجة تفسيرات وتأويلات لنسب المشاركة ودلالاتها، والذهاب بعيداً في الاحتفاء بنسبة هنا بلغت 60% ونسبة هناك تجاوزت ذلك قليلاً، فيما الحقيقة التي أصابت “القوات اللبنانية” بالخيبة أن النسبة ما كان يجب أن تقل عن 90 أو 85% باعتبار أن الذين تجشموا عناء التسجيل للاقتراع هم الذين كانوا حسموا خيارهم بالمشاركة.

من هذه الزاوية تقرأ مصادر مؤيدة للمقاطعة نسب مشاركة المغتربين، لتسجل أن الفارق بين النسبة المفترضة والنسبة الحاصلة كانت “حواصل” للمقاطعة، وهي تبني على ذلك لتتوقع أداء مميزاً للمقاطعين في محطة 15 أيار.

أين الرئيس سعد الحريري في هذه الصورة؟ تجيب مصادر مطلعة لموقع “لبنان الكبير” أن الحريري مرتاح اليوم أكثر من أي وقت، خصوصاً وهو يتابع المشاهد في بيروت وصيدا وطرابلس، لقرار تعليق السياسة التقليدية والامتناع هو وتياره عن الانخراط في الانتخابات.

وتؤكد المصادر أن الحريري ليس في وارد الحضور الى لبنان ولا في وارد توجيه أي رسالة تتعلق بالمشاركة في الانتخابات، وأن لا ضغوط عليه من أي جهة للإقدام على ذلك.

اذاً، مطبات عديدة واجهت الانتخابات النيابية في دول الانتشار إلا أن الاستحقاق بشقيه في 6 و 8 أيار الجاري، مرّ بهدوء وسلاسة على الرغم من بعض الاعتراضات والثغرات خصوصاً في أستراليا ودبي، لكن جهات المراقبة الدولية والأوروبية والمحلية لم تسجل مخالفات نافرة بل كل ما حصل يمكن وضعه في دائرة المتوقع والمعقول ولا يؤثر على العملية الديموقراطية .

وواكبت المؤسسات الرسمية الاستحقاق وخصوصاً وزارة الخارجية التي أنشأت غرفة عمليات خاصة لمراقبة سير الانتخابات في الخارج، لكن ما كان لافتاً عمل الماكينات الانتخابية للأحزاب التي لم تتكل على الجهات الرسمية لرفدها بسير العملية الانتخابية بل كانت على تواصل مباشر مع مندوبيها وماكيناتها الانتخابية في معظم دول العالم، إذ أن انتخابات المنتشرين لها أهمية كبرى وتأثير جدي على نتائج الانتخابات في الداخل لاسيما لدى الطائفة المسيحية وتحديداً في دائرة الشمال الثالثة التي شهدت أعلى نسبة تسجيل في صفوف المنتشرين.

وبعيداً من نسب المقترعين في دول الانتشار الـ 58 التي شاركت في استحقاق 2022، والتي بلغ عدد مراكز الاقتراع فيها 205 وعدد الأقلام 598، ومع انتهاء عملية الاقتراع للمنتشرين بإقفال آخر صندوق في الساحل الغربي للولايات المتحدة الأميركية وكندا، حيث بلغت نسبة الإقتراع العامة غير النهائية نحو 60 في المئة في القارات الست، بدت حماسة المنتشرين للمشاركة في الانتخابات لافتة بالنسبة الى المراقبين المتفائلين الذين اعتبروها خطوة نحو التغيير، ولمحاسبة السلطة التي أوصلت البلد الى ما هو عليه وكانت السبب الأساس والمباشر في تهجيرهم من بلادهم وإبعادهم عن أرضهم وأرزاقهم وبيوتهم وأهلهم وأقاربهم.

وفي وقت بلغ عدد المنتشرين المسجلين للمشاركة في الانتخابات النيابية 225.114 ناخباً، وهو أعلى بنحو 3 أضعاف من أعداد أولئك المغتربين المسجلين في انتخابات 2018، الذين بلغوا نحو 92 ألف ناخب، يؤكد المراقبون أن مقترعي الخارج سيلعبون دوراً في الحاصل الانتخابي الذي تتأرجح على أساسه بعض أسماء المرشحين غير المحسومين والذين يتقاربون في أرقام حواصلهم خصوصاً وأن نسبة المشاركة تسمح بتوجيه بوصلة الفوز الى هذا المرشح أو ذاك، مع العلم أنه كان من المتوقع أن تصل مشاركة المقترعين المنتشرين الى 90 في المئة لأنهم عندما تسجلوا كانت لديهم النية للاقتراع والتأكيد على الادلاء بأصواتهم، مع ترك هامش 10 في المئة لأسباب لوجيستية وشخصية، وهذا شكل نكسة غير معلنة لدى الجميع، اذ أن الأحزاب والتيارات انكبت على احتواء هذه الدعسة الناقصة. من هنا يمكن القول إن عنصر المفاجأة سيتصدر المشهد الانتخابي في 15 أيار على الرغم من الدراسات الاحصائية التي تظهر النتائج المتوقعة.

وإذا كان البعض يعتبر أن انتخابات الخارج بمثابة “بروفة” لانتخابات الداخل يوم الأحد المقبل، وأنها تمثل عيّنة من توجه الرأي العام اللبناني، وأن مشاركة المنتشرين ستترك تأثيراتها على النتائج خصوصاً بالنسبة الى اللوائح المسيحية كما أنها سترفع الحاصل الانتخابي، إلا أن مختلف المراقبين أجمعوا على أن انتخابات دول الانتشار أظهرت رغبة لدى المنتشرين في التغيير، وهذه الرغبة موجودة لدى المواطنين في الداخل لكن “العين بصيرة واليد قصيرة” في ظل وجود السلاح الذي يفرض واقعاً معيناً، وهذا ظهر جلياً خلال المسار الانتخابي الحالي. كما أن الأحزاب والتيارات وقوى السلطة ممسكة بزمام الأمور في الداخل اللبناني، وتتمتع بـ”قبضة حديدية” على قواعدها الشعبية، اضافة الى فشل القوى التغييرية في توحيد لوائحها ما شتت قدرتها على التأثير. وفي خلاصة الواقع الانتخابي الأحد المقبل: الخرق وارد ولكن بنسب ضئيلة جداً، والسلطة الحاكمة ستجدد شرعيتها وتتقاسم الحصص، ليعود المشهد السياسي الى سابق عهده، ويمارس المتشبثون بالسلطة كيدياتهم وأنانياتهم، ويدور البلد في دوامته المعتادة لينطبق عليه المثل القائل “رجعت حليمة لعادتها القديمة”، و15 أيار لناظره قريب.

محطة الأحد المقبل، التي ستتميز باعتماد تقنيات الكترونية للفرز تُستَخدم للمرة الأولى، بحسب ما كشف وزير الداخلية بسام مولوي، تسبقها محطات كثيرة للقادة السياسيين، اذ اتجهت الأنظار امس إلى خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في المهرجان الانتخابي الذي أقامه الحزب في مدينة صور، وصبّ خطابه، كما الخطاب المرتقب اليوم في الضاحية الجنوبية لبيروت، في إطار “شد العصب الحزبي والطائفي وتجييش القواعد الشعبية لرفع نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع”.

وفيما يطل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي في مقابلة مع الاعلامي وليد عبود عبر “تلفزيون لبنان” غداً الأربعاء، يتحدث رئيس مجلس النواب نبيه بري، في السادسة من مساء اليوم الى اللبنانيين، ويتطرق الى مختلف العناوين والمستجدات، لا سيما الاستحقاق الانتخابي، بعدما توجه أمس بالتحية والتقدير الى الناخبين اللبنانيين المقيمين في الخارج لقيامهم بواجبهم الوطني والدستوري وإنجازهم المرحلة الأولى من استحقاق الانتخابات النيابية.

الى ذلك، أعلن رئيس اللجنة الوطنية العليا للإعداد لزيارة البابا فرنسيس للبنان، وزير السياحة وليد نصّار في بيان، أنّ لبنان تلقى رسالة من دوائر الفاتيكان تبلّغ فيها رسمياً قرار إرجاء زيارة الحبر الأعظم المقرّرة اليه، على أن يتم الاعلان عن الموعد الجديد للزيارة فور تحديده.

شارك المقال