“نائب بري” في المجلس… بروفة أولى لـ17 تشرين

لبنان الكبير

فُك الحصار وأُزيلت البلوكات الاسمنتية من محيط مجلس النواب، وشرّعت أبواب المجلس أمام النواب على مصراعيها بحيث أن قسماً منهم وخصوصاً التغييريون سيدخلون البرلمان للمرة الأولى بلباسهم الرسمي، وسيُستقبلون بما يليق بممثلي الأمة بعدما كانوا يُواجهون بالقنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه وحتى الرصاص الحي ليصح معهم المثل القائل: “الدنيا دولاب”.

وبالتوازي، يتمنى اللبنانيون أن ينفك الحصار المصرفي عن رقاب المودعين والمنهوبين، فيما ينتظر المراقبون نتائج تعميم مصرف لبنان ومدى انعكاسه على سعر الصرف بعد أن طلب من ادارات المصارف أن “تبقي على فروعها وصناديقها مفتوحة يومياً حتى الساعة السادسة مساءً ابتداء من يوم الاثنين ولثلاثة أيام متتالية”، وذلك لتلبية طلبات المواطنين من شراء الدولارات على سعر منصة “صيرفة” لمن يسلم الليرات اللبنانية، كما دفع رواتب الموظفين في القطاع العام بالدولار أيضاً على سعر المنصة.

ولا يهم الفقراء من التعاميم وانخفاض سعر الصرف سوى انسحابه على المواد الغذائية التي حلقت عالياً ولا تزال مما دفع بوزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام الى الطلب من تجار المواد الغذائية بكل أصنافها وأصحاب السوبرماركت الالتزام التام ببيع المواد الغذائية وكل السلع وفق التسعير المحدث لسعر الصرف، محذّراً من عدم الالتزام أو التلاعب بقصد احتكار المواد الغذائية.

وبالعودة الى الجانب السياسي، فإن كل الأنظار متجهة اليوم الى جلسة البرلمان الجديد لانتخاب الرئيس ونائبه وهيئة مكتبه، اذ أنها جلسة المفاجآت والمساومات والصفقات وخلط الأوراق حتى ربع الساعة الأخير خصوصاً لناحية اسم نائب الرئيس الذي لم يحسم على الرغم من أن حظوظ النائب الياس بو صعب أقوى من غيره، الا أن مختلف الجهات أكدت أن لا شيء محسوماً، وربما تطرح قوى التغيير والأحزاب التقليدية المعارضة أسماء جديدة قبل بدء الجلسة مباشرة.

ومنذ أعلن رئيس السن الرئيس نبيه بري موعد الجلسة، انهال سيل من المعلومات حول صفقات من هنا ومساومات من هناك، يتولاها فريق 8 آذار لرص صفوفه ولتأتي مواقفه موحدة وفاعلة وتحرك اللعبة الديموقراطية في الاتجاه الذي يناسب مصالحه، مستغلاً تشتت قوى المعارضة، لتصبح المعادلة على الشكل التالي: أقلية متراصة تحكم وأكثرية منقسمة تعارض. وبذلك، يكون “حزب الله” نجح في لعب دور محوري بين “التيار الوطني الحر” وحركة “أمل” لما تقتضيه ضرورات المرحلة على الرغم من التنافر بينهما، وما اللقاء بين بو صعب والرئيس بري سوى تتويج لهذا المسعى، بحيث أشارت معلومات نسبت الى شخصية مقربة من “التيار” الى صفقة أبرمت بينهما تبدأ بانتخابات المجلس لناحية تجيير الأصوات بين الفريقين مروراً بتشكيل الحكومة وإسناد وزارتي الطاقة والخارجية الى “التيار” مقابل وعد الأخير بتخصيص “المالية” لحركة “أمل” وصولاً الى رئاسة الجمهورية، إلا أن مصدراً مقرباً من “الثنائي الشيعي” نفى لموقع” لبنان الكبير” المعلومات المتداولة في الاعلام عن صفقات، معتبراً أن “الرئيس بري ليس بحاجة الى عقد صفقة مع أي طرف لأنه ناجح بأكثرية مقبولة، وطالما أنه ليس بحاجة الى أصوات فريق معين، فلماذا يعقد صفقات معه؟ والرئيس بري لم يعد أحداً بتجيير الأصوات لصالحه، وعلى الرغم من أن حظوظ بو صعب هي الأوفر الا أن لا شيء محسوماً والسيناريوهات مفتوحة على كل الاحتمالات”. كما لفتت اللجنة المركزية للاعلام والتواصل في “التيار الوطني الحر” الى أن “بعض وسائل الاعلام تعمد ايراد معلومات معاكسة ومفصلة حول صفقة عقدت، وهي فعلاً من نسج الخيال ولا تمت الى الحقيقة بصلة”.

وإذا كان الرئيس بري سيعود رئيساً للمجلس للمرة السابعة بما يفوق الـ 65 صوتاً ليثبت مرة أخرى قدرته على المناورة عبر ايقاظ أرانبه التي تقلب الموازين رأساً على عقب، فإن المعركة على نائب الرئيس بين بو صعب وغسان سكاف بعد انسحاب النائب سجيع عطية لصالح الأخير، وحبل الأسماء على الجرار مع امكان أن يرشح التغييريون نائباً قبل الجلسة لكن لا شيء مؤكداً على هذا الصعيد، مع أن كل الاحتمالات واردة بحسب ما أوضح عدد من النواب التغييريين لـ”لبنان الكبير”، وأشاروا الى أنهم سيكونون موحدين في خياراتهم وأن قراراتهم مستقلة ولن يتحالفوا مع الأحزاب التقليدية المعارضة، لكن الموقف النهائي رهن الدقائق الأخيرة التي تسبق الجلسة. أما حزب “القوات اللبنانية” فوفق مصادره لم يرشح أحداً افساحاً في المجال أمام النواب التغييريين في تسمية نائب معين والحزب يدعمه لأن المهم أن تتبلور هذه الأكثرية في الاستحقاقات الدستورية، لكن لا شيء نهائياً وربما القرارات ستحسم قبل الجلسة مباشرة. وسألت المصادر: “اذا رفض التغييريون التحالف مع الأحزاب التقليدية المعارضة، فكيف سيحققون الوعود التي قطعوها للناس في التغيير؟ عليهم اليوم أن يكونوا على قدر المسؤولية”.

وبعيداً من الصفقات والمساومات والنقاشات وخلط الأوراق والمفاجآت، فإن الثابت الوحيد أن القوى السيادية والتغييرية ستكون أمام امتحانها الأول اليوم، لأنه على الرغم من أن موقع نائب الرئيس يتخذ طابعاً معنوياً أكثر منه فعلياً، فإما ترسب هذه القوى بعيون الشعب الذي وضع ثقته بها واما تنجح وتستعيد الأمل بالتغيير كما تعد، والا يستعيد الفريق الحاكم زمام المبادرة في الحياة السياسية وإبقاء القديم على قدمه.

وفيما كان صوت الحياة يصدح من الجميزة، معلناً الانتصار على الانفجار وعلى الموت، تخوفت مصادر مواكبة للتطورات في المنطقة من حرب محتملة في جنوب لبنان، في ضوء اجراء الجيش الاسرائيلي تدريبات في قبرص في مناطق جبلية تشبه جبال لبنان لمحاكاة الحرب ضد “حزب الله”.

إلا أنه وسط هذه الضبابية والسوداوية، يبقى التعويل على الدور الفرنسي لانقاذ لبنان، بحيث تحدثت معلومات عن أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يستعد بعد ترتيب بعض ملفاته الداخلية لزيارة بيروت وقطع الطريق على احتمال حصول فراغ في سدة الرئاسة.

شارك المقال