محكمة لبنان ترسم حدود العدالة… والرؤية الحكومية ضبابية

لبنان الكبير

بينما كانت الأنظار والاهتمامات الداخلية مركزة على ملفي الترسيم الحدودي والترسيم الحكومي، أعادت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ترسيم حدود العدالة بقرار فرضته غرفة الاستئناف بالإجماع على كلّ من حسن مرعي وحسين عنيسي يقضي بعقوبة السجن المؤبد لإدانتهما في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في 14 شباط 2005.

وأشارت المحكمة الدولية إلى أنّ “هذه العقوبة هي أشد العقوبات المنصوص عليها في النظام الأساسي والقواعد، وذلك عن كل جريمة من الجرائم الخمس التي أُدينا بها، وقررت أن تُنفَّذ العقوبات في الوقت ذاته”.

وكانت غرفة الاستئناف في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أدانت في العاشر من آذار الماضي كلاً من مرعي وعنيسي خصوصاً بتهمة التآمر لارتكاب عمل إرهابي والتواطؤ في القتل العمد.

وتعليقاً على القرار، قال الرئيس سعد الحريري، عبر “تويتر”: “بعد ادانة سليم عياش بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ورفاقه، فرضت غرفة الاستئناف في المحكمة الدولية بالإجماع عقوبة السجن المؤبد على عنصرين آخرين من حزب الله هما حسن مرعي وحسين عنيسي. العقوبة هي الأشد المنصوص عليها في النظام الأساسي والقواعد المعتمدة في المحكمة، لكنها الأوضح لجهة ادانة حزب الله كجهة مسؤولة عن تنظيم الجريمة وتنفيذها والجهة التي لا يمكن أن تتهرب من مسؤولية تسليم المدانين وتنفيذ العقوبة بحقهم. فالتاريخ لن يرحم”.

زوبعة ترسيم الحدود

على خط آخر، هدأت زوبعة ترسيم الحدود البحرية لتحل محلها عاصفة الترسيم الحكومي المترافقة مع سحاب مليء بالغبار السياسي والضبابية التي حجبت الرؤية عن التكليف والتأليف وما يدور حولهما من خطوط متعرجة وملتوية على خارطة المصالح والمساومات والصفقات والشروط المسبقة لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب.

الأسبوع المقبل حاسم ومثقل بالقرارات المهمة إن كان لناحية الاستشارات النيابية وما يمكن أن ينتج عنها، أو لناحية الترسيم البحري بحيث ينتظر لبنان رد الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين على المقترحات اللبنانية، إذ بغض النظر عن السجالات والسرية التي أحاطت لقاءات التفاوض، يجمع الخبراء على أن الكرة اليوم في ملعب الوسيط الذي وعد بأن يأتي بالموقف الاسرائيلي في غضون أيام قليلة، لكن مصادر مواكبة لملف الترسيم استبعدت في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن يسلك ملف الترسيم باتجاه التوافق النهائي على المناطق المتنازع عليها مع أرجحية وضع الملف على رف الانتظار في المرحلة الحالية أي خلال ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، على أمل انتخاب رئيس جمهورية جديد يحظى برضى عربي ودولي حينها يسلك ملف الترسيم مساره الصحيح ويمكن أن يصل الى نتيجة.

واعتبرت الأوساط أن ما نسمعه عن توافق بين الرؤساء الثلاثة يبقى في اطار الكلام، مع العلم أن اسرائيل غير مستعجلة على إبرام الاتفاق لأنها تعاني من أزمة حكومية في الداخل ولديها ضمانات أوروبية وأميركية للسير في الانتاج، إذ أن الأوروبيين يطالبون بالاسراع في تنفيذ مشروع نفط شرق المتوسط أي الأنبوب الذي يمتد من اسرائيل حتى ايطاليا في ظل الصراع حول الغاز الروسي على خلفية الحرب على أوكرانيا، متسائلة: هل هناك من قدرة على تمرير ما تم التوصل اليه عبر مجلس الوزراء ومجلس النواب في ظل تشكيك بعض الكتل النيابية بالموقف اللبناني؟ وهل ستقبل اسرائيل بالرد اللبناني الذي جاء بإجماع الرؤساء الثلاثة؟ وهل سينتقل الملف من المسؤولين اللبنانيين الى جهات اقليمية وفق مصالحها؟ كل ذلك، ينتفي أو يتأكد بعد رد الموفد الأميركي.

ضبابية الاستحقاق الحكومي

أما لناحية الترسيم الحكومي الذي يخيّم عليه جو من الضبابية لأن مختلف الكتل النيابية لم تتخذ موقفها النهائي بعد من الاستحقاق الدستوري، فقد أكدت مصادر مطلعة لـ “لبنان الكبير” أن كل السيناريوات واردة، والتأخير في تحديد موعد الاستشارات ليس سوى بوابة للتعطيل لأنه في حال تم التكليف، فإن التأليف سيصطدم بشروط النائب جبران باسيل الكثيرة، وبالحصص والأحجام والأوزان، وشكل الحكومة وأولوياتها والتفاهم على الاصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي. وبالتالي، كل المؤشرات تدل على عدم تشكيل حكومة إلا اذا أتت كلمة السر من الخارج المهتم بهذا الاستحقاق في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة.

وفي هذا الاطار، أكدت قوى المعارضة من أحزاب تقليدية وتغييريين ومستقلين أن التواصل مستمر بينها، والقنوات مفتوحة على النقاش الجدي على أمل الوصول الى اسم يتوافق عليه الجميع خصوصاً وأنهم متفقون على مواصفات الرئيس الذي سيتم تكليفه، وهم ذاهبون الى الاستشارات لأن من مصلحة الجميع تسهيل التكليف والتأليف وليس العرقلة لمواجهة التحدي الذي يمر به البلد. في حين أفادت المعلومات أن اجتماعا سنياً سيعقد الأسبوع المقبل للتداول في الخيارات المتعلقة بعملية التكليف وإمكان التوصل الى اسم توافقي، الا أن مصدراً نيابياً أكد لـ “لبنان الكبير” أن الاجتماع سيكون موسعاً ليضم نواباً سنّة ومستقلين من مختلف الطوائف، والأمور لم تتبلور بعد لكن سيتم البحث في مواضيع عدة من ضمنها الاستحقاق الحكومي، وطرح اسم معين للتكليف ليس مستبعداً.

الهموم الحياتية

وعلى ضفة الأحوال المعيشية والحياتية والأمنية، عاد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات الى واجهة الأولويات بعد أن تخطى سعر صفيحة البنزين الـ 700 ألف ليرة. فيما أعلنت استخبارات الجيش عن إحباط عملية تهريب 19 شخصاً باتّجاه إيطاليا عبر البحر انطلاقاً من بلدة الصرفند.

شارك المقال