نجيب يسبق نواف… و”نتعة” اللاجئين ملزمة للاستشارات

لبنان الكبير

ساعات تفصل اللبنانيين عن الاستشارات النيابية في قصر بعبدا، تكثفت خلالها اللقاءات والنقاشات والتواصل من تحت الطاولة وفوقها بين الأطراف كافة، للتوافق على اسم يرأس الحكومة المقبلة، ووصف أحد النواب المشهد بحفلة جنون غير مسبوقة، تقدم على مائدتها أطباق من الصفقات والسمسرات والمحاصصة.

وإذا كانت الأزمات المعيشية مشتعلة على كل الجبهات، فإن الاجتماعات بين المعنيين ملتهبة وحامية وتكاد تحرق الطبخة الحكومية، لكثرة الطروحات والشروط والمساومات، بحيث لفت مصدر متابع لملف الاستحقاق الحكومي الى أن موعد الاستشارات، الذي طرأت على جدوله تعديلات، يمكن أن يؤجل لأن المنظومة الحاكمة وخصوصاً النائب جبران باسيل، لم يوفق حتى اللحظة بإسم يفرض عليه شروطه في التأليف، ويقنع به فريقه السياسي. ويحاول باسيل التواصل مع أكثر من جهة لكن جهوده لم تفلح مع العلم أن “الثنائي الشيعي” لم يتوقف عن محاولة إقناعه بتسمية الرئيس نجيب ميقاتي.

وتسرّبت معطيات بأن “التيار الوطني الحر” قد يهيئ مفاجأة من العيار الثقيل، ويسمّي السفير نواف سلام في الاستشارات، لكنه سيبقي خياراته في دائرة السرية الى أن يتأكد من دفة التسميات إن كانت ستميل الى سلام أو الى ميقاتي، الاسمين المتنافسين جدياً على حلبة الصراع الحكومي.

وفيما بات شبه مؤكد أن النواب التغييريين سيسمّون سلام كما حزب “الكتائب”، فإن القوى التقليدية المعارضة الأخرى أصبحت في الأمتار الأخيرة من مرحلة التباحث علها تحقق خرقاً في جدار التكليف، بما يتماشى مع المواصفات الإصلاحية المطلوبة في شخص الرئيس المكلف والوزراء في حال التأليف، ولم تثمر المفاوضات حتى الساعة توافقاً خصوصاً بين “القوات” و”الاشتراكي”. إلا أن مصدراً متابعاً أكد لـ”لبنان الكبير” أن المساعي الحثيثة مستمرة ونسبة النجاح في التوافق متساوية مع نسبة الفشل، كما أن الأسماء المطروحة متعادلة في السباق. وقوى المعارضة في غالبيتها لا تشترط حصصاً بقدر ما تعمل على تشكيل حكومة تنقذ البلد ما يعني أن الشخصية التي تلتزم المبادئ والثوابت المطروحة هي التي سيقع الخيار عليها، وبالتالي، اسم الرئيس ميقاتي ليس مستبعداً في حال التزم بهذه المبادئ.

وعلم “لبنان الكبير” أن عدداً من النواب المستقلين من مختلف الطوائف تتراوح أعدادهم بين 9 و 11 نائباً سيسمّون الرئيس ميقاتي، وأوضح أحد النواب أن حظوظه باتت أقوى في الساعات الماضية ومن المرجح أن يكون الرئيس المكلف، لأن عدداً كبيراً من النواب والكتل اقتنع بأن المرحلة تتطلب شخصاً بمواصفات ميقاتي الذي لديه الخبرة الكافية، وسيتابع ملفاته مع المجتمع الدولي والبنك الدولي بأسرع وقت ممكن، كما بإمكانه التأليف خلال الفترة القصيرة التي تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية.

وكشف المصدر أن التشاور جرى خلال الأيام القليلة الماضية بين مختلف الأطراف خصوصاً النواب السنّة، وهناك أكثر من سيناريو تتم دراسته لوضع خطة ما لمواجهة التحديات الكبرى التي تنتظرنا، ومنها تشكيل جبهة سنية أو ربما تتوسع الى جبهة وطنية في مرحلة ما بعد التشكيل.

مواقف شعبوية

برزت مواقف مسؤولين سياسيين وروحين تطالب بعودة النازحين السوريين الى بلادهم، ما دفع كثيرين الى التساؤل عن دلالات هذه المواقف اللافتة وتوقيتها، خصوصاً تلك الصادرة عن الرئيس ميقاتي الذي طالب المجتمع الدولي بـ”التعاون مع لبنان لإعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، وإلا فسيكون للبنان موقف ليس مستحباً”.

وفي هذا الاطار، رأت أوساط متابعة لملف النزوح السوري أن “مواقف الرئيس ميقاتي شعبوية عشية الاستشارات النيابية بهدف استمالة القوى المسيحية، ويمكن وصفها بعملية مزايدة على كلام مجلس المطارنة الموارنة وعلى بيان السينودس، وليست لها علاقة بمنطق السياسات العامة خصوصاً أن حكومة الرئيس ميقاتي الأخيرة لم تقارب هذه القضية ولم تضعها على الطاولة لا من قريب ولا من بعيد”، معتبرة أن “هناك تناقضاً في موقف ميقاتي، إذ كيف يمكن أن يطلب المساندة المالية من المجتمع الدولي لمساعدة النازحين وفي الوقت نفسه يطالب بعودتهم؟ والتناقض الأخطر عند القول نريد ارجاعهم الى بلادهم بالقوانين المرعية الاجراء، ما هي القوانين المرعية الاجراء التي تعيدهم الى بلدهم في حين أن لبنان ملتزم بمبدأ عدم الاعادة القسرية وبالعودة الطوعية، التي هي عودة كريمة وآمنة تؤمنها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين مع ضمانات؟ وهل هناك تنسيق في هذا الاتجاه؟ هذا التناقض في الطرح يؤكد أن الكلام لا أساس علمياً له”.

البلد ماشي وفق لعبة القط والفأر

أما المواطن فمتروك ليحترق بلهيب الأسعار ويختنق من شدة الأزمات، ويضيع بين المناكفات والسجالات بين أصحاب الشأن بحيث يمكن تشبيه المشهد القائم بلعبة “القط والفأر”، إذ يلاحق القط الفأر ويتسبب بخلاف عميق بين أصحاب الأفران ووزارة الاقتصاد، والنتيجة: الخبز موجود وغير موجود، ثم بين أصحاب محطات الوقود والشركات الموزعة، والنتيجة: بنزين وفير وغير متوافر. ويتابع ملاحقاته وصولاً الى الخلاف بين أصحاب الصيدليات والشركات الدوائية، والمدارس والأساتذة، والقطاع العام والمنظومة المسؤولة، وحبل الهروب والملاحقات لا ينتهي، ووحده المواطن يدفع الثمن.

علوي: مصر ملتزمة استراتيجياً بدعم لبنان

لكن على الرغم من كل شيء، على اللبناني أن يستبشر خيراً، فبعد الانقطاع الكهربائي 24/24، بشّره وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض بأنه بعد توقيع عقد شراء الغاز من مصر وعقد نقل وتبادل الغاز الوارد من مصر عبر سوريا وصولاً الى معمل دير عمار، سيؤمن تغذية كهربائية تصل الى 4 ساعات اضافية.

وأكد سفير مصر في لبنان ياسر علوي أن “مصر لديها التزام استراتيجي إتخذ على أعلى مستوى، بدعم الدولة اللبنانية… كنا معاً حين وقع انفجار مرفأ بيروت، واليوم نحن الى جانب لبنان لمساعدته على الخروج من هذه الأزمة”.

وقال علوي عقب لقائه الرئيس ميقاتي: “تذكرون بالطبع المسعى الأساس الذي قام به الرئيس نجيب ميقاتي عندما التقى سيادة الرئيس مرتين، الأولى في شهر كانون الأول والثانية في شهر شباط، وتم الاتفاق على اطلاق هذا المسار، واليوم أنجزنا كل التفاصيل الفنية والتعاقدية والتجارية، والكلمة الأخيرة بالمعنى المجازي”.

أضاف: “السعر الذي تم الاتفاق عليه لتوريد الغاز هو أقل بنسبة ثلاثين في المئة من سعر السوق العالمية، وهذا السعر لدعم لبنان وهو جزء من الالتزام المصري الدائم بدعمه الى أن نخرج سوياً من هذه الأزمة الصعبة التي يواجهها هذا البلد الحبيب”.

شارك المقال