تشكيلة هجومية تباغت فريق العهد وتياره يشرقط بسبب “الطاقة”

لبنان الكبير

تشاؤم كبير يرافق مرحلة الاستحقاق الحكومي، تكليفاً وتأليفاً، انطلاقاً من واقع سياسي ومؤشرات ومناكفات واختلافات وسط توقعات أن يسلك التكليف مساره مع صعوبات كبيرة في العبور الى ضفة التأليف الذي يعزف على وتره التعطيلي أصحاب النظريات التي تدافع عن حقوق المسيحيين، ويغنّون مواويلهم على لحن معزوفة: ما خلونا.

كباش كاد أن ينفجر على خلفية التشكيلة الحكومية التي قدّمها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى رئيس الجمهورية ميشال عون بسرعة قياسية وغير مسبوقة، في لقاء بينهما لم يدُم أكثر من 10 دقائق إذ بقي القديم على قدمه مع بعض “الروتوش” في بعض الحقائب والاسماء لكن سُحبت من “التيار” وزارة الطاقة وأُسندت الى وليد سنو.

وفي حين لفتت أوساط الرئيس المكلف لـ “لبنان الكبير” الى ان التسريبات عن التشكيلة ربما ليست صحيحة إلا أنها فتحت الباب على مصراعيه للاتهامات المتبادلة بين القصر الجمهوري والمكتب الاعلامي لميقاتي، وكادت أن تحرق الطبخة الحكومية التي هي في نظر “التيار الوطني الحر” غير جدية وغير منطقية، لكن هذه الاتهامات الشكلية ليست سوى تعبير عن ان “القصة ليست قصة رمانة انما وزارة طاقة حرزانة”.

وإذا كان ميقاتي قصد من حركته السريعة نحو بعبدا عدم استنزاف الوقت والسعي لتشكيل حكومة أفضل الممكن في هذه الظروف على قاعدة “من الموجود جود”، إلا ان فريق العهد اعتبر خطوة ميقاتي استفزازية ولم تأتِ التشكيلة ليردّ عليها رئيس الجمهورية بمعنى ان “التيار” لم يستطع مضغ وبلع فكرة ان وزارة الطاقة سُحبت منه ليعود الى تكرار معزوفته الطائفية باعتبار ان انتقال حصة بوزن وزارة الطاقة الى الطائفة السنّية، يشكّل اخلالاً بالتوازن غير المقبول حسب أحد قياديي التيار الذي أشار الى انه حين يكون الرئيس المكلف جديا في طرح الاسماء حينها يكون رئيس الجمهورية جديا في التعاطي مع التأكيد ان حكومة التكنوقراط المقترحة غير مناسبة للمرحلة الحالية التي تعتبر مرحلة حساسة ودقيقة في ملفاتها السياسية ومنها ملف ترسيم الحدود البحرية والاستراتيجية الدفاعية واعادة النازحين .

وفي هذا الإطار، علم موقع “لبنان الكبير” ان رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل عقد اجتماعا للوزراء المحسوبين عليه في حكومة تصريف الاعمال وطلب منهم عدم التجاوب ومقاطعة اي جلسة يدعو لها ميقاتي لتعويم حكومته في حال تأخر البت بتشكيلة حكومية جديدة، إلا ان مصادر “التيار” قالت ان باسيل ليس لديه أي وزير محسوب عليه في حكومة تصريف الاعمال، وتشكيل حكومة جديدة ربما بات في خبر كان، وميقاتي سيعمل على اضاعة الوقت في اقتراح المسودات الى حين انتهاء ولاية رئيس الجمهورية.

وانطلاقا من هذا المشهد المشحون الذي يزيد في الضبابية ضبابية، تحدثت معلومات عن توافق من تحت الطاولة بين الرئيس ميقاتي والرئيس نبيه بري ورئيس حزب “القوات” سمير جعجع لعدم تشكيل حكومة في نهاية ولاية العهد وان الرئيس ميقاتي المعروف بحسن تدوير الزوايا أراد أن يعكس الادوار ويستفز مَن كان يستفزه خصوصا انه يعلم ان رئيس الجمهورية لن يتخلى عن عناده فيما يعتبره حقا له، إلا أن مصدرا مقربا من ميقاتي أكد لـ”لبنان الكبير” ان “الرئيس المكلف ليس مضطرا للمناورة أو الاستفزاز لا بل هو جدي أكثر من أي وقت مضى لتشكيل حكومة كاملة الصلاحية، ولا يعالج الشؤون الوطنية من هذا الباب. هو قدم مسودة قابلة للنقاش، ومنفتح على كل الافكار، وينتظر رد رئيس الجمهورية على التشكيلة، ومستمر في سياسة تدوير الزوايا للوصول الى نتيجة ايجابية”، كاشفا ان “اللقاء الاخير مع رئيس الجمهورية كان جيدا وهادئا. أما التشكيلة التي اعتبرها البعض سريعة أو انها كانت جاهزة قبل الاستشارات، فنؤكد انها جاءت نتيجة لآراء النواب الذين أجمعوا على ضرورة تأليف حكومة بأسرع وقت ممكن مع اليقين انه لا يمكن الدخول بحكومة جديدة كليا لأنه حينها سيكون هناك مخاض طويل، وهذا ما يريد تفاديه الرئيس المكلف خاصة ان عامل الوقت هذه المرة ضاغط أكثر من كل مرة، والكل يجمع على ان هناك ملفات يجب استكمالها”.

الجبهة المعيشية “ولعانة” والتحركات قريبة

وفي وقت هدأت فيه جبهة المستشارين أمس علهم يعيدون المياه الحكومية الى مجاريها الطبيعية بعد تهدئة النفوس إذ أفادت المعلومات انه جرى اتصال أمس بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وتم التوافق على استمرار التواصل، “ولعت” على الجبهة المعيشية حيث برزت الاتهامات والاتهامات المضادة بين المسؤولين حول سرقة الطحين ليبقى المواطن وحده يدفع غاليا ثمن الحصول على رغيف خبز. ولم تعد تنفع مع هذه الانهيارات على المستويات كافة، الحلول الترقيعية من هنا واقتراح الرئيس المكلف صندوق تعافٍ للمساهمة في اعادة جزء من الودائع المصرفية من هناك .

ومع دخول قرار رفع كلفة الاتصالات حيز التنفيذ، أفيد ان “أوجيرو” بدأت إطفاء سنترالاتها تباعاً بعد نفاد مادة المازوت من خزّاناتها.

وعقد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان مارون الخولي مؤتمرا صحافيا، دعا فيه “الى الاستعداد للانتفاضة الشعبية وإطلاق أوسع تحرك ضاغط لوضع حد لهذه المهزلة الحكومية، وسنعمل على عقد اجتماعات مع قوى الثورة والمجتمع المدني لتحديد يوم الاضراب العام والتظاهر، وسنعلن عن التحركات الغاضبة مطلع الاسبوع المقبل”.

رسالة دعم عربي

على صعيد آخر، يستضيف لبنان يوم غد السبت، اجتماعاً تشاورياً دورياً لوزراء خارجية جامعة الدول العربية، ولن يصدر في ختام هذا الاجتماع أي محضر أو مقرّرات إنما سيقتصر الأمر على مداخلات للوزراء أو ممثليهم المشاركين على أن يتم النقاش بالمواضيع التي ستطرح والتي ستتمحور حول موضوع النازحين والأمن الغذائي، ومواضيع أخرى.

وستشارك مختلف الدول العربية إما على مستوى الوزراء أو سفرائها في لبنان الى جانب حضور الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط الذي من المتوقع وصوله الى بيروت اليوم الجمعة حيث سيلتقي الرؤساء الثلاثة.

وإذا كان الاجتماع مقررا للتحضير للقمة العربية المقبلة في الجزائر إلا انه اعتبر بشكل أو بآخر رسالة دعم مفادها ان لبنان لا يزال يحظى بالاهتمام العربي ولن يتم التخلي عنه لصالح المحور الايراني وان انقاذ لبنان يتطلب تضافر الجهود في الداخل والخارج لإخراجه من أزمته الاقتصادية بعد رفع يد ايران عنه وعودة مؤسساته الى العمل المنتظم، وفق ما قاله أحد المراقبين لـ “لبنان الكبير”.

شارك المقال