بايدن هنا… ولبنان في مهب حسابات كبيرة

لبنان الكبير

في وقت لم تسجل فيه أي تطورات ملموسة على جبهة التأليف الحكومي خلال عطلة عيد الأضحى بحيث ينتظر أن تنشط الاتصالات على هذا الصعيد مع عدم استبعاد زيارة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى القصر الجمهوري في أي لحظة ولكن من دون تحقيق أي خرق في جدار التشكيل، توجهت الأنظار الى زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الذي وصل الى المنطقة باعتبار أن نتائجها ستحدد هوية شاغل قصر بعبدا للسنوات الست المقبلة، ان كان رئيس تسوية أو رئيس تحدّ خصوصاً وأن كل القوى والأطراف السياسية في الداخل أصبحت على قناعة بأن لا حكومة في العهد العوني، والجهود منصبة حالياً على تحقيق انجاز المرحلة: توحيد الصفوف والتوافق على شخصية لترشيحها لرئاسة الجمهورية.

وتوقف مراقبون عند “معلومة” أن السفير السعودي وليد بخاري كان في الولايات المتحدة وهو عائد الى بيروت خلال ساعات، بحسب ما كشفت مصادر في السفارة السعودية لموقع “لبنان الكبير”، بالتزامن مع جولة بايدن الذي ستكون له محطة متعددة الأهداف والعناوين الاقليمية الكبرى والصغرى في المملكة، وحيث يتوقع أن يرافقه وسيط الترسيم آموس هوكشتاين.

ورأى المراقبون في هذه المعلومة التي نشرها “لبنان الكبير” إشارة قوية الى حركة نشطة على خط مثلث واشنطن – باريس – الرياض، وستتعزز أكثر مع زيارة مبعوث الرئيس الفرنسي بيار دوكان الى بيروت خلال أيام قليلة.

المكاتيب الحكومية قرئت من عناوينها منذ التكليف بحيث بدا واضحاً وضوح الشمس أن الكيمياء غير موجودة بين الرئيس المكلف من جهة والعهد والنائب جبران باسيل من جهة ثانية، ما دفع كثيرين الى الجزم بأن عملية التشكيل الحكومي ستبقى مستعصية اذ أن رئيس الجمهورية ميشال عون لن يقبل بالانكسار والرئيس المكلف ليس مستعداً للتنازل والقبول بشروط العهد وفريقه السياسي، وما قاله باسيل عن أنّ ميقاتي لا يريد تشكيل حكومة جديدة ويفتّش عن فتاوى دستوريّة لتعويم الحكومة المستقيلة، أكد المؤكد أن ولادة الحكومة تحتاج الى معجزة حقيقية بحسب أحد المتابعين لملف التأليف.

واذا كان التشكيل أصبح مجرد وهم يملأ الوقت الضائع حتى مطلع أيلول، فإن الاستحقاق الرئاسي ليس بغائب عن اهتمام القناصل والسفراء في لبنان كما يقول أحد المحللين السياسيين الذي اعتبر أن زيارة الرئيس الأميركي الى كل من تل أبيب ورام الله والى الرياض المحطة الأساسية مهمة جداً في هذه المرحلة خصوصاً في ما يتعلق بالأمن الغذائي والنفط والطاقة ومشكلات المنطقة لكن أيضاً نرى أن هناك قمة ثلاثية ستجمع الرؤساء، الروسي والتركي والايراني، وكأنها رد على زيارة بايدن الى المنطقة، ما يعني أن صراع المحاور قد انتقل الى منطقة الشرق الأوسط بأجواء تصعيدية كبرى، وهذا الأمر ستكون له انعكاساته على كل دول المنطقة بما فيها لبنان. حتى الآن ليست هناك من مبادرة جدية تواكب الاستحقاق الرئاسي، واذا استمرت الأمور على ما هي عليه، فنحن ذاهبون الى الفراغ. لكن بعد زيارة الرئيس الأميركي والقمة الثلاثية في طهران ربما تطرأ مستجدات ترخي بثقلها على الوضع اللبناني، وتحركه سلباً أو ايجاباً. المشهد السياسي في الداخل لا يوحي بأننا مقبلون جدياً على الاستحقاق بقدر ما نحن مقبلون على الفراغ.

الجميع بانتظار نتائج الزيارة والاجتماعات المهمة التي ستتخللها، ولا ندري إن كان هناك نوع من الرياح التي تهب على لبنان لمواكبة الاستحقاق الرئاسي وفق تسوية كبرى. وفي المقابل، لا بد من السؤال: هل الرؤساء، الروسي والتركي والايراني، سيواجهون المشروع الأميركي في المنطقة؟ انه خيار مطروح. لذلك على اللبنانيين انتظار الاشارات الخارجية طالما أننا غير قادرين على معالجة مسائلنا الداخلية. نحن ذاهبون الى الفراغ والى الاصطدام الكبير ما لم تكن هناك تسوية ما تأتي برئيس وتكون هذه التسوية بداية لمشروع انقاذي قد يستمر لسنوات.

ورأى المحلل السياسي أن صفات الرئيس المقبل باتت خارج الزمان والمكان لأننا أمام مرحلة تأسيسية جديدة. والسؤال المطروح حالياً: اذا انتخبنا رئيساً فهل تحل الأزمة اللبنانية؟ ما هو المشروع الذي يحمله؟ ومن يدعم هذا المشروع؟ نحن نتحدث عن رئيس ومواصفات وكأن البلد بألف خير. هذه الرئاسة يجب أن تكون بناء على تسوية دولية تُمرر محلياً لتكون بداية لانقاذ لبنان وعبر خارطة طريق واضحة. ما نعيشه اليوم وكأن هناك نوعاً من عدم المسؤولية وعدم تحسس خطورة المرحلة، وقبل تسمية فلان أو فلان نريد بلداً. نريد خارطة طريق انقاذية. نحن اليوم نضع العربة أمام الحصان ولكن يجب على الحصان أن يجر العربة. لكن أين هي العربة؟ اذا لم يحصل نوع من الحوار الداخلي على خارطة طريق تأتي برئيس يتعهد بتنفيذ الخارطة أو اذا لم تحصل تسوية خارجية تفرض على اللبنانيين رئيساً يتبنى هذه التسوية حتى لو انتخبنا رئيساً ما الذي سيتغير على صعيد الوضع اللبناني اذا استمرينا في الدوران في الحلقة المفرغة نفسها خصوصاً أن كل طرف يريد لبنان كما يراه وهناك خلاف على هويته ووظيفته ودوره؟ هناك برنامجان في البلد: برنامج صندوق النقد الدولي الذي هو سيسمّي رئيساً للجمهورية يعرف كيف يتعاطى معه ويسير بشروطه، وهناك مشروع “حزب الله” الذي بات معروفاً لدى الجميع. وفي حال استمرت الأمور على ما هي عليه حتى موعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فنحن ذاهبون الى المجاعة.

الترسيم والعودة للتفاوض في الناقورة

على صعيد آخر، لفتت المعلومات الى أن الوسيط هوكشتاين الذي يرافق الرئيس الأميركي في زيارته الى المنطقة ليس مستبعداً أن يزور بيروت فور انتهاء الجولة لتكريس النوايا الايجابية حيال عملية استئناف المفاوضات الحدودية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، بحيث أن المسؤولين اللبنانيين أبلغوا رسائل من الأميركيين تؤكد اتجاه الأمور نحو إعادة استئناف جولات التفاوض في الناقورة في الفترة القريبة المقبلة بالاستناد إلى الطرح اللبناني الرسمي الذي حمله هوكشتاين إلى الإسرائيليين والذي ينطلق فيه لبنان من إحداثيات الخط 23 باعتباره خطاً تفاوضياً لحدوده البحرية الجنوبية، وهذا ما تحدث عنه موقع “لبنان الكبير” منذ أسبوعين.

وسأل أحد المطلعين على ملف الترسيم: على أي أساس عودة المفاوضات في الناقورة؟ اذا كانت على أساس القوانين الدولية المرعية الاجراء لترسيم الحدود البحرية فيعني أن هناك تنازلاً عن حق لبنان لأن حدوده عند الخط 29 أو اذا كانت تجري على أساس اتفاقية ضمنية بين الطرفين. وفي الحالتين، العدو سيرضى بالطرح اللبناني لأنه هو الرابح الوحيد. والمنظومة الحاكمة تريد ايهام الشعب اللبناني بأنها حققت انجازاً من خلال الحصول على حقل قانا كاملاً، لكن المشكلة أن الخط المتعرج سيعود الى خط هوف بمعنى أننا نخسر من بلوك رقم 8 الذي هو الأساس وقسم من بلوك رقم 5 مع احتمال الزام الأميركيين بعودة الشركات الأجنبية الى التنقيب في المياه اللبنانية، لكن هذه العودة لا تعني أننا استخرجنا النفط وعرض “توتال” مجحف بحق لبنان.

وفي هذا الاطار، تقدّمت الحكومة الاسرائيلية بشكوى الى مجلس الأمن الدولي بشأن طائرات “حزب الله” المسيّرة، فيما أبلغ رئيس الجمهورية قائد القوات الدولية العاملة في الجنوب الجنرال ارولدو لازارو أن استمرار الخروق الجوية الإسرائيلية للأجواء اللبنانية ستدفع بلبنان الى تقديم شكوى بحق إسرائيل أمام مجلس الأمن، لاسيما وأن هذه الخروق باتت شبه يومية وتنتهك القرار 1701.

شارك المقال