“لبنان القوي”… استحقاقات ضائعة وكوليرا

لبنان الكبير

في اليوم العالمي للابتسامة، كل شيء يدعو الشعب اللبناني الى العبوس والكآبة، بل ان مجريات الأمور في البلد تدعو الى البكاء وأكثر، إذ وسط كل مآسيه الحياتية، ها هي الاستحقاقات دخلت في مرحلة العرقلة والتأجيل، من الاستحقاق الرئاسي إلى الحكومي وحتى ترسيم الحدود الذي يبدو أن منسوب التفاؤل به انخفض بعد الرفض الاسرائيلي للتعديلات اللبنانية.

العهد ومن خلفه “التيار الوطني الحر” يبدو أنه متجه الى مقاطعة جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في 13 تشرين الأسبوع المقبل، والحجة أن الموعد إهانة للشهداء. وبغض النظر عن أن غالبية اللبنانيين تعتبر أن قائد الجيش آنذاك ميشال عون، كان متمرداً على السلطة الشرعية، وأدخل البلد في حرب عبثية لا طائل منها إلا حبه للسلطة، ألم يقم عون وصهره جبران باسيل بزيارة سوريا ولقاء الرئيس السوري بشار الأسد؟ أليس هذا أكبر إهانة لدماء الشهداء الذين “يركمج” التيار على قضيتهم؟ وماذا عن المخطوفين اللبنانيين في السجون السورية، ألم يبع العهد وتياره قضيتهم؟ كلها أسئلة طرحتها مصادر سياسية معارضة وموالية.

ولفت أحد المحللين السياسيين المتابعين في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى أن “هناك العديد من المناسبات غير الرسمية التي تخص كل مكونات البلد، وكانت تعقد فيها جلسات تشريعية وجلسات لجان نيابية، وكذلك اجتماعات لمجلس الوزراء، فطالما هي مناسبة لا مانع من أن تكون يوم عمل عادي للنواب والوزراء، كما تكون يوم عمل عادي لبقية المواطنين. فعند كل المكونات، وفي ظل أي مناسبة مهمة لانتمائهم السياسي، يذهب المواطنون إلى دوام عملهم 8 أو 9 ساعات، وبعدها يحضرون المناسبة التي يؤمنون بقدسيتها، فهل تعتبر جماعة العهد أن النائب أعلى درجة من المناصر أو المحزب في التيار الوطني الحر؟”.

وعن رفع ورقة الشهداء، أشار المصدر إلى أن “أكثر من أهان شهداء الوطن من عناصر جيش وسياسيين ومدنيين، هو العهد وتياره، فهما دمرا البلد الذي ضحوا من أجله، بل أسوأ من ذلك يرفض رئيس الجمهورية (بي الكل) لقاء أهالي ضحايا شهداء المرفأ، الذين يحملونه كما يحملون غالبية الطبقة السياسية مسؤولية انفجار 4 آب المروع، ولكنه الوحيد الذي رفض مقابلة أهالي الضحايا، بما يمكن تسميته صفعة للضحايا وذويهم. إضافة إلى ذلك لا يهتز فخامة الرئيس وتياره عندما يموت الفقراء، فهما حملا المسؤولية للضحايا في انفجار خزان المحروقات في عكار، ولم يعيرا أي اهتمام لضحايا آخر مركب موت هرباً من جحيمهما، ولكن الدولة بكل أجهزتها انتفضت من أجل مقتل رجلي أعمال في إيطاليا، وهذا ليس خطأ ولكنه يجب أن يسري على جميع أبناء الوطن، من اللبنانيين في أفريقيا الذين لا يكاد يمر يوم إلا ويتعرض أحد منهم للتعدي أو حتى القتل على أيادي العصابات هناك، إلى ضحايا مراكب الموت، إلى ضحايا الفلتان الأمني في لبنان، إلى كل مواطني هذا البلد أينما كانوا، وإلا يكون العهد أكبر منافق بما يخص الحزن على الشهداء.”

أما عن الاستحقاق الحكومي، فيبدو أنه تخطى ثلاجة الموتى وأصبح على طاولة المشرحة، بحيث يحاول السياسيون معرفة من قتل تشكيل الحكومة، علماً أن من الواضح من يبتز البلد من أجل تحقيق أكبر قدر من المطالب التعجيزية، الأمر الذي أشار إليه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، معتبراً أن “هناك من ينفرد بالتخطيط والإدارة وممارسة التعطيل. نعم، هناك إدارة خفية، ونحن لا نرى خيراً ولا فائدة في الإدارة الخفية، فهي ما أسهمت في حل الأزمات التي كانت أحد أهم أسبابها، وهي تفعل ما تشاء من دون أن تكون مسؤولة أمام الرأي العام؛ بل المسؤولون رسمياً هم الذين لا يملكون القيام بشيء في الحقيقة. فلندع هذه الازدواجية المدمرة، ولتكن عندنا حكومة جديدة ورئيس جديد أو يحكم الطرف إياه وحده مع المطبلين والمزمرين، لكن ينبغي أن يكون مسؤولاً اليوم وغداً أمام اللبنانيين”. وكان المفتي دريان حذر من مغبة الفراغ في السلطة التنفيذية، قائلا”: “ما يحصل مع الرئاسة، حصل مثله وأكثر مع رئاسة الحكومة، وكيف تدار دولة بدون سلطة تنفيذية فاعلة وكاملة الصلاحيات؟ ولنتابع ما يحصل الآن، بل ومنذ أشهر، في تعذر إقامة حكومة جديدة، والتشكيك في مشروعية الحكومة القائمة، أو في قدرتها على ممارسة صلاحياتها! وهكذا، وبدلاً من فراغ واحد في الرئاسة، يصبح هناك فراغان، في الرئاسة وفي الحكومة.”

وبالنسبة الى ملف الترسيم فلا يزال يأخذ حيزاً واسعاً من الجدل في لبنان، بعد الرفض الاسرائيلي للتعديلات اللبنانية، وأصبح العديد من المعنيين لا يتوقع أن يتم الترسيم قبل الانتخابات الاسرائيلية، والكل ينتظر دور الدول الراعية للاتفاق إن كان الوسيط أميركا أو الداعم فرنسا، التي أشارت وزارة خارجيتها في بيان، إلى أن فرنسا تساهم بنشاط في الوساطة الأميركية الهادفة الى التوصل إلى اتفاق حول الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، مؤكدةً أن الاتفاق سيعود بالنفع على البلدين وشعبيهما، ما من شأنه أن يسهم في استقرار المنطقة وازدهارها. ودعت جميع الجهات الفاعلة الى “العمل على ذلك.”

ولم يكن ينقص اللبنانيين الغارقين في أزماتهم إلا تفشي وباء الكوليرا، الذي سجلت آخر حالة منه في لبنان في بداية التسعينيات، قبل أن يتفشى مجدداً شمالاً في الأيام الأخيرة، وهذا إن دل على شيء فانما يدل على الحرمان المدقع الذي تعيشه مناطق شمال لبنان وتحديداً منطقة عكار، كون أسباب تفشيه هي الطعام والشراب الملوث، وغياب الماء النظيف، ما يعني أن لبنان دخل لائحة الدول التي تعاني من غياب أدنى مقومات الصحة.

عالمياً، برز تفجير أوكرانيا لجسر “كيرتيش” الذي يربط بين شبه جزيرة القرم وروسيا، ما يعتبر ضربة قاسية للرئيس فلاديمير بوتين. وهذا التفجير لن يستطيع الدب الروسي التغاضي عنه، وسيكون هناك رد فعل روسي عنيف ضد أوكرانيا، ما يعني أن الحرب ستزيد حدة وضراوة.

شارك المقال