العالم فوتبول… باسيل وسياسة “الرئاسة المحروقة”

لبنان الكبير

ضبط العالم ساعته على ساعة كأس العالم الذي ينطلق اليوم الأحد في أول مباراة بين منتخب البلد المضيف قطر ومنتخب الاكوادور، ولكن للأسف يبدو أن اللبنانيين لن يحظوا بمشاهدة المباريات عبر “تلفزيون لبنان”، بسبب فشل الدولة في تأمين المبلغ الكافي على الرغم من كل التسهيلات من دولة قطر.

وكشف وزير الاعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري في حديث تلفزيوني عن التوصل إلى اتفاق مع مجموعة قنوات beinsports لنقل مباريات كأس العالم في لبنان بصورة مجانية، إلا أن المشكلة تكمن في عدم قدرة مجلس الوزراء على الاجتماع لاتخاذ القرار بدفع الأموال رسمياً. وأكد أن “الأموال موجودة، إلا أننا بحاجة إلى فتوى من أجل دفعها بطريقة قانونية”، موضحاً أنه “اذا تم ذلك فسنوقع العقد مع القناة، وإلا فلا حول ولا قوة…”. والتسليم بهذا الأمر سمح للمقاهي والمطاعم باستيفاء رسم دخول لمن يود مشاهدة المباريات عندها.

من الفشل في النقل المونديالي الرسمي إلى الفشل في انتخاب رئيس للجمهورية في 6 جلسات يمكن القول عنها انها فصول مسرحية لتضييع الوقت، ولكن اللافت هو الحرب الحاصلة داخل فريق 8 آذار، والتي قد تؤدي إلى تفكك هذا التحالف بأكمله، فبعد “تسريب” كلام رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل من فرنسا، مهاجماً فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، حليفي الحليف “حزب الله”، وبعد فضح بري اللقاء السري الذي طلبه باسيل، وحاول فيه استبعاد الحزب من تسوية مع بري، ومسارعة باسيل إلى نفي هذه التهمة عبر مكتبه الاعلامي، وأن “حزب الله” كان في جو اللقاء، إلا أن مصادر خاصة أكدت لموقع “لبنان الكبير” أن “الحزب صحيح كان في جو لقاء باسيل ببري، ولكن على أساس أنه لقاء طي صفحة وتصفية قلوب وليس محاولة عقد صفقة جانبية في ملف الرئاسة، بما يبدو أنه محاولة مفضوحة لشق صف الثنائي الشيعي”.

أضافت المصادر: “بعد أن خرج باسيل من لقاء بري بسلة فارغة، بدأ يطلق نيرانه باتجاه فريق 8 آذار، ويغمز من قناة حزب الله، وما سمي تسريب صوتي له، على الأرجح تولى هو نشره بنفسه، ويبدو أنه يستعمل سياسة الأرض المحروقة، عبر محاولة ضرب تحالف ٨ آذار، إن لم ينفذ له مآربه. وقد توجه باسيل إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مباشرة في مقابلة إذاعية بالقول: أنا لا أتفق مع حزب الله بأنّ حماية المقاومة وسلاحها هي الهّم الوحيد الآن، لكنني أتفهم مخاوف الحزب وأتفهم في المقابل مخاوف الطرف الآخر المناهض له. ثم ألمح في حديث الى رويترز أنه قد يرشح نفسه للرئاسة، مشدداً على أنه لن يقبل برئيس سيء. وإن كان كلام باسيل هدفه إحراج الحزب فهو مشكلة كبيرة، أما اذا كان يصدق أنه يستطيع أن يكون رئيساً أو صانع رؤساء فهنا الطامة الكبرى، تحديداً أن أكثر من ثلث كتلته لن يصوّت له، بل ان الأجواء من كتلة التيار أن عدداً كبيراً يتجه إلى التصويت لفرنجية عندما يحين الوقت”.

لن يكون فرنجية وحده تحت نيران باسيل، فهناك معلومات متداولة عن أن الأخير يحضر لحملة ضد قائد الجيش جوزيف عون، واتهامه بالتآمر مع مجموعات ١٧ تشرين، وقناة الـ mtv بعد الاشكال الذي حصل في الحلقة الشهيرة من برنامج “صار الوقت”.

وبرز انتشار صورة لقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بوزير الاعلام زياد مكاري، المحسوب على فرنجية، بينما لم يتمكن باسيل من لقاء أي مسؤول على مستوى الادارة الفرنسية. وقد تكون لهذه الصورة دلالات كبيرة، أهمها أن باسيل فعلياً خارج اللعبة، وليس له أي غطاء إقليمي، وربما هذا هو سبب جنونه.

على صعيد آخر، بقَّ رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود البحصة أخيراً في ملف التشكيلات القضائية، بسلسلة مواقف أطلقها خلال كلمة لمناسبة تأدية قضاة جدد اليمين القانونية أمام هيئة خاصة لمحكمة التمييز انعقدت برئاسته، وقال: “لبنان دولة القانون الذي نسعى إليه جميعاً لا يمكن أن يتحقق من دون قضاء مستقل، ولا قضاء مستقلاً من دون إقرار قانون جديد يضمن استقلالية القضاء، وقد أثبتت التجربة أنَّ إرادة التغيير وحرية القرار غير المسندتين إلى قانون يكرّس الاستقلالية بقيتا عاجزتين عن إحداث الخرق المطلوب، ولا قضاءَ مستقلاً من دون تشكيلات قضائية شاملة”. وكشف أنّ “إجهاض السلطة السياسية إصدار مرسوم التشكيلات القضائية الكاملة والجزئية تم بذرائع عدة ليس من بينِها تأمين حُسن سير المرفق القضائي، إنما لتأمين مصالحها الخاصة ومصالحها فقط.”

الى ذلك، مشهدان أمنيان برزا بالأمس ينذران بأن القادم أسوأ، مشهد الجثة المضرجة بالدماء لابن مدينة بيروت أحمد الرواس، والتي دار الجدل حولها إن كانت انتحاراً أم عملاً مدبراً، ولكن في كلتا الحالتين الأمر خطير، فإن كانت انتحاراً فهي دلالة على اليأس الذي يعيشه الشعب اللبناني، أما إن كانت جريمة فتدل على التفلت الأمني الذي يعيشه البلد وخصوصاً أن المغدور وجد في منطقة تعتبر آمنة نسبياً.

المشهد الثاني اللافت كان إلقاء أهالي الشياح القبض على لص في المنطقة، وانتشرت مقاطع فيديو تظهره وكأنه أبرح ضرباً، وربط على عمود، وعلقت ورقة على صدره مكتوب عليها “حرامي دراجات نارية في الشياح، الاسم…”. واذا ربطنا هذا الأمر مع نتشار ظاهرة الأمن الذاتي مؤخراً في المناطق، فانه ينذر بانحلال الدولة وتفككها.

شارك المقال