مواعظ رئاسية من الراعي وعودة… “حزب الله” حين يكون “أبو ملحم”

لبنان الكبير

للمرة الأولى منذ عقود تتبارى أميركا وإيران خارج أرض لبنان، وإن كانت هذه المرة في كرة القدم الا أن اشتباكاتهما في السياسة تكاد لا تنتهي وهي تؤثر سلباً على لبنان خصوصاً في ظل وجود “حزب الله” الساعي بكل ما لديه من قوة الى محاربة الولايات المتحدة تحت شعار “الموت لأميركا”.

وبعيداً من المونديال الذي يأخذ الحيز الأكبر خلال هذه المرحلة، يقف البرلمان اللبناني عاجزاً وسط الجمود السياسي المتمادي الذي يطيل أمد الفراغ الرئاسي. وبعد عدّاد الجلسات السبع غير المنتجة لانتخاب رئيس للجمهورية يبدو أن لا حل في القريب العاجل. ووفق المعلومات فان الجلسة الثامنة الخميس المقبل ستكون الأخيرة قبل بداية عطلة الأعياد، ويبدو أن هذا التخبط والإرباك الرئاسي لن يحلا قبل مطلع العام الجديد.

وهكذا تمضي أيامنا بين مواعظ الأحد الرئاسية وبين “حزب الله” وقد تقلد شخصية “أبو ملحم” الشهير بـ”حبوا بعضكم… وتعوا نتوافق”.

الراعي: إكشفوا عن نياتكم

ورأى البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد بعد ترؤسه قداساً احتفالياً في كنيسة مار مارون في المعهد الحبري الماروني في روما، أنه “لا يمكن للمجلس النيابي مواصلة التلاعب والتأخير المتعمد في انتخاب رئيس للدولة يؤمن استمرارية الكيان والمحافظة على النظام”، متسائلاً “لماذا يتم تكليف رئيس الحكومة فور نهاية الاستشارات الملزمة؟ أهما أهم من رئيس الدولة؟ إكشفوا عن نياتكم يا معطلي جلسات انتخاب رئيس للدولة”.

وقال: “إذهبوا وانتخبوا رئيساً قادراً بعد انتخابه على أن يجمع اللبنانيين حوله وحول مشروع الدولة، ويلتزم الدستور والشرعية والقوانين اللبنانية والمقررات الدولية، ويمنع أن يتطاول عليها أي طرف وأن يحول دون تنفيذها وتعطيلها، أو أن يتنكر لدور لبنان ورسالته في المنطقة والعالم. لا تنتخبوا رئيساً لهذا الحزب أو التيار أو المذهب”. وسأل: “لماذا يدعي البعض أن انتخاب الرئيس ممكن بعد رأس السنة؟ فما الذي يمنع انتخابه اليوم؟ فهل سيتغير العالم سنة 2023؟”.

مصادر سياسية رأت أن الراعي “محق، فهناك تعطيل واضح في البلد يتغطى ببروباغندا لا معنى لها، فما الذي يمنع اليوم الثنائي الشيعي من الذهاب الى اجراء انتحابات رئاسية؟ فهم باستطاعتهم الاتيان بالرئيس الذي يريدونه وهم أكثر طرف متماسك بحيث لا يمكن جمع المستقلين والتغييريين والمعارضة في صف واحد، لكن حزب الله باستطاعته جمع الأحزاب السياسية الأخرى”، معتبرة أنه “في حال أراد الثنائي الشيعي وضع فيتو شيعي فسينهي هذه الجدلية، خصوصاً وأنه غير مهتم بشخصية الرئيس أو اسمه. الثنائي يريد شيئاً ضمن المعادلة الخارجية في اطار تسوية إقليمية تكون إيران شريكة فيها ويكون حزب الله المتحكم بكل مفاصلها، لكن الخارج غير مهتم اليوم بفراغ لبنان وهذا أساس الأزمة الرئاسية”.

عودة: بدعة التعطيل جريمة

أكد متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة في عظة بعد ترؤسه خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، أن “بدعة التعطيل جريمة بحق الوطن وبحق الناخب الذي أوصل النائب للقيام بواجبه، فلا سلطة استنسابية للنائب من أجل القيام بواجبه الدستوري وإلا فهو يخون ثقة الشعب ويضرب مصلحته. حالة البلد مأساوية والنواب يتلهون ويقاطعون ويعطلون النصاب ويمنعون انتخاب رئيس”، مشدداً على أن “بعض النواب لا يخجل من الاعتراف بأن للخارج كلمته في هذا الأمر الوطني الذي يخص الداخل”.

وتساءل: “هل تنقصنا القدرة والكفاءة لندير أمورنا بأنفسنا ونقطع الطريق على أي تدخل، أم أن التدخلات الخارجية تناسب المصالح؟”.

قاووق

اما عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق فأشار الى أن “حزب الله وحلفاءه يقاربون الاستحقاق الرئاسي بإيجابية وبروحية التوافق ويطرحون التفاهم والحوار لإنقاذ البلد برئيس يؤتمن على البلد وعلى الوحدة الوطنية”.”، لافتاً الى أنهم “جرّبوا في المجلس النيابي سبع مرات أن ينتخبوا رئيس مواجهة وتحد وفشلوا وقد آن الأوان أن يقتنعوا بأنهم غير قادرين على إنتخاب رئيس مواجهة لأن هذا المنطق وصل إلى طريق مسدود فكفى عناداً، وعليهم أن يتقبلوا حقيقة أن البلد يحتاج إلى حوار وتوافق وطني وهو الطريق الأضمن لانتخاب رئيس للجمهورية”.

وقال قاووق: “نريد رئيساً يخفف من معاناة اللبنانيين وتكون أولويته إعادة الثقة بين اللبنانيين وليس إستعادة الثقة مع خصوم لبنان وأعدائه. وأصحاب منطق التحدي والمواجهة أعلنوا عن شعارات أكبر من أحجامهم تجاوزوا فيها مرحلة طعن المقاومة في الظهر ليعلنوا أنهم يريدون مواجهة المقاومة وجهاً لوجه وهم بذلك يريدون أخذ البلد إلى الفتنة”.

وفي السياق، أكدت مصادر تابعة للثنائي الشيعي أن “حزب الله وأمل بعدم تسميتهما لمرشح يتركان مجالاً للتوافق على سليمان فرنجية أو أي شخصية أخرى. اما بالنسبة الى فكرة الثلثين وإصرار الرئيس نبيه بري عليها فلأن التركيبة اللبنانية صعبة بالأكثرية، مع العلم أن الثنائي قادر على الاتيان برئيس للجمهورية بالأكثرية”، مشيرة الى أن “الثنائي لم يقل سليمان فرنجية او لا أحد”.

وأوضحت هذه المصادر أن “الثنائي لم يتبنَ ترشيح سليمان فرنجية بصورة رسمية وذلك إفساحاً للتفاهم عليه، وهذه المعادلة تحتاج الى موافقة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. والثنائي قلباً يريد فرنجية لكنه يدرك جيداً أنه كمرشح بحاجة الى توافق كبير، ومع مرور الوقت سنقترب أكثر من مرشح توافقي جديد يرضى عليه الجميع ويطمئن كل الأطراف”.

وفي المقابل، اعتبرت مصادر معارضة للثنائي الشيعي أن “كلام قاووق ليس سوى بروباغندا فارغة تكرر في كل مناسبة، ولكن الأساس يبقى الذهاب الى مجلس النواب وإجراء الانتخابات الرئاسية والانتهاء من هذا الفراغ. اما التوافق فهو تقويض لفكرة الانتخابات والا يجب تعديل الدستور والقول انه لا يتم انتخاب الرئيس بل يتوافق عليه”.

أضافت المصادر: “ما هي روحية التوافق؟ التفسير الأساس لها أن يعين حزب الله رئيساً للجمهورية يمشي بحسب سياسته وأهوائه. واليوم كل الأسماء المطروحة لا تشكل أي تحد، فليحدد لنا الحزب معنى مرشح تحد لأنه بات المطلوب أن يوافق الرئيس المقبل مئة بالمئة على قرارات الحزب وعدم مخالفته بأي شكل من الأشكال”.

بين بري وميقاتي

الى ذلك، شددت مصادر مقربة من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على أن تركيزه في هذه الفترة على تحسين الوضع الخدماتي لا سيما في موضوع الكهرباء وتأمين التيار لمختلف المناطق اللبنانية وفي أسرع وقت ممكن، مؤكدة أن “هناك اتفاقاً بين الرئيس ميقاتي والرئيس نبيه بري يحضر لتحديد طريقة التمويل، ويبدو أن هناك اتفاقاً معيّناً يجري تحضيره بين وزارة المالية ومصرف لبنان من أجل التوصل الى الحل المناسب وتأمين التيار الكهربائي”.

زيارة ماكرون غير مؤكدة

دولياً، وبعد تداول معلومات في الأيام الماضية عن زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان في الفترة ما بين عيدي الميلاد ورأس السنة، بات من المؤكد أن القرار النهائي لم يحسم بعد، فيما أشارت مصادر مطلعة الى أن الجهات اللبنانية الرسمية لم تتلق شيئاً رسمياً من باريس حتى هذه اللحظة مع العلم أن زيارة ماكرون لن تكون زيارة رسمية ولن تتخذ أي طابع رسمي.

شارك المقال