2023… هل تمحو فظائع “الرئيس القوي”؟

لبنان الكبير

… وبعد 365 يوماً، طويت الصفحة الأخيرة من سنة 2022 التي كانت مليئة بالصعوبات والانكسارات والأزمات والانهيارات، لترحل غير مأسوف عليها، لا بل يعد اللبنانيون الساعات والدقائق لاستقبال السنة الجديدة التي ستكون مثقلة بالأمنيات ليس طمعاً بعيشة الملوك بل للوصول الى الحد الأدنى من مقومات الحياة والكرامة الانسانية، بحيث أن أوراق روزنامتها لن تتسع للتوصيات الاصلاحية بدءاً بالسياسية منها، وانتخاب رئيس للجمهورية يضع نصب عينيه هدفاً واحداً: انقاذ الوطن، وحكومة تعمل ليل نهار لاعادة بناء المؤسسات وانتظام عملها بعيداً عن الكيديات والنكايات، مروراً بالأحوال المعيشية والحياتية والاجتماعية والصحية والخدماتية والتربوية والمالية والاقتصادية التي تخطت كل الخطوط الحمر، وتنذر بخطر كبير وبأوجاع وآلام أكبر وفق التقارير الصادرة عن أهم المراجع ومؤسسات التصنيف العالمية وصولاً الى رفع مستوى الأخلاق والضمير والانسانية والآدمية والرحمة والرأفة لدى سلطة يبدو أنها ملتصقة التصاقاً وثيقاً بكراسيها ومواقعها الى أبد الآبدين.

الأمنيات كبيرة وكثيرة، وتبقى بعيدة المنال أو من ضروب الخيال، لكن لا بد من التفاؤل بسنة 2023، واستقبالها بحرارة ورحابة صدر، على ايقاع الزغاريد والأغاني والموسيقى الصاخبة والألعاب النارية علّ هذه الأجواء تنسحب على الأيام المقبلة، وتضيء الليالي بألوان الحياة والسهر، وتتحول الكوابيس الجهنمية الى أحلام وردية وعيشة ذهبية، ويعود البلد المحطم والمنكسر والموجوع الى سابق عهده، لؤلؤة شرقية، وقبلة للقريبين والأبعدين، وينفض عنه كل غبار الفساد والسمسرات والسرقات، ويحلق عالياً في سماء البلدان الأكثر ازدهاراً وتطوراً.

عشية ليلة رأس السنة، بدت السياسة معطلة كلياً، وفي اجازة ستمتد حتى نهاية الأسبوع المقبل مع دخول البلاد مدار عيدي رأس السنة والميلاد لدى الطائفة الأرمنية. وفيما يحكى عن احتمال دعوة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى جلسة لمجلس الوزراء، أكد خلال استقباله موظفي رئاسة الحكومة لمناسبة نهاية العام “اننا لن نتخلى عن الأمل بنهوض لبنان وعودة الأمور الى وضعها الطبيعي، وسنظل نقوم بواجباتنا ولن نتوقف عند العراقيل والمصاعب”.

وحكومياً أيضاً، وبعد الاشتباك بين السراي وميرنا الشالوحي على خلفية توقيع المراسيم الوزارية، كان لافتاً توقيع وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، مراسيم ترقية الضباط كما وردت إليه بتاريخ 30/12/2022 من قيادة الجيش، وذلك للدفعة الأولى من العام 2023 من الرتب كافة. كذلك وقّع مجدداً مراسيم ترقية الضباط من رتبة عقيد إلى رتبة عميد والتي وردت بتاريخ أمس أيضاً من قيادة الجيش، وذلك عن الأعوام 2020 و2021 و2022 كونها لم تصدر في حينه، وقد أحيلت كلّها على الأمانة العامة لمجلس الوزراء وفقاً للأصول.

وفي وقت أعلن وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو عبر حسابه على “تويتر”، أنه سيزور لبنان لتمضية ليلة رأس السنة مع الجنود الفرنسيين في “اليونيفيل” في جنوب لبنان، وأنه سيزور أيضاً مكان الانفجار في مرفأ بيروت حيث تعاونت عناصر الجيش الفرنسي مع عناص الجيش اللبناني تعاوناً وثيقاً، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، رئيس المجلس مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي الوزير السابق جهاد أزعور الذي يطرح اسمه لرئاسة الجمهورية. وأشارت مصادر مطلعة لـ “لبنان الكبير” الى أن المعلومات قليلة جداً حول الزيارة، لكن لا بد من أن هناك ثلاثة مواضيع يمكن البحث فيها: ترشيح أزعور لرئاسة الجمهورية أو لحاكمية مصرف لبنان خصوصاً أن لديه خلفية اقتصادية مهمة أو البحث في شؤون لها علاقة بصندوق النقد الدولي والاصلاحات في لبنان أو ربما تكون زيارة روتينية.

وفي حين تراجعت الحركة الرسمية، وساد الشلل التام في انتظار مبادرات قد يحملها العام المقبل، استمر البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في استقبال المهنئين بالأعياد، ومن بينهم الرئيس فؤاد السنيورة الذي أكد من بكركي أن “الأولوية لانتخاب رئيس جامع لكل اللبنانيين والعودة الى نظامنا الديموقراطي أكثرية تحكم وأقلية تعارض”.

وبعد أن كانت الأنظار تتجه الى ما سيقوله الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله مساء أمس، أصدرت العلاقات الإعلامية في الحزب بياناً أعلنت فيه “إلغاء الخطاب المقرر للسيد نصر الله ، وذلك لأسباب صحية بعد اصابته بالانفلونزا مما يعوق سماحته عن الحديث بالشكل المعتاد والطبيعي، وهو يتلقى العلاج المناسب، وسنكون على موعدٍ معه خلال الإحتفال المقرر في ذكرى الشهيدين القائدين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس يوم الثلاثاء المقبل في 3/1/2022 الساعة السادسة مساء”.

من جهة ثانية، قُتل قيادي ومرافقه في “حزب الله” ‏من الجنسية اللبنانية، إثر استهداف آلية يستقلونها بصاروخ موجه أطلقه عناصر “هيئة تحرير الشام”، في الفوج 46 في ريف حلب الغربي، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان، الذي أشار إلى أن “هيئة تحرير الشام” دمرت سيارة محملة بالجنود على محور الفوج 46 في ريف حلب الغربي بصاروخ موجه، ما أسفر عن مقتل عنصر وإصابة آخرين في حصيلة أولية.

وبالعودة الى رأس السنة، أكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي أن “350 كنيسة ستكون محميّة و519 ضابطاً منتشراً على الأرض و7700 عنصر و433 دورية منتشرة لحفط الأمن والنظام ليلة رأس السنة”، قائلاً: “سأسهر على حفظ الأمن والأمان والخطة الأمنية تمتدّ إلى ما بعد 1-1-2023. ونطلب من المواطنين التعاون مع القوى الأمنية حفاظًا على النظام ليلة رأس السنة والتقيّد بالتعليمات الأمنية الواضحة ولن يكون هناك أي تساهل في ما يخص إطلاق النار العشوائي”.

ولأن الهموم كثيرة، تكثر الأمنيات للسنة الجديدة، والتي ربما ستبقى في العقول والقلوب لأن الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية والخدماتية، لا تزال في انتظار تخلي المسؤولين عن كيدياتهم وأنانياتهم واستخدام مواقعهم ومراكزهم لممارسة التعطيل في المؤسسات كافة، وتدمير آخر مداميك البلد، والقضاء على آخر نفس لأهله، غير آبهين بأنين الفقراء ووجعهم، وبمناشدات المجتمع الدولي والفاتيكاني، بضرورة الانقاذ قبل فوات الأوان.

هؤلاء هم المسؤولون أنفسهم الذين يجمعون على الأمنيات نفسها للبلد، ولا يجتمعون على طاولة للتشاور في كيفية تحقيقها، ويتفقون على أن سنة 2022 تجسد الانهيار على الصعد كافة، لكنهم يختلفون حول كيفية المعالجة والانقاذ، والمواطن وحده يدفع ثمن اختلافاتهم باهظاً. فمنهم من اعتبر أن “سنة 2022 كانت متوترة سياسياً، وتضاعفت فيها خلافات القوى السياسية، وحملت المزيد من الانهيار، وعدم انتخاب رئيس للجمهورية، مظهر من مظاهره، وهذا يدل على المستوى السياسي الصعب والمعقد. واذا لم تحل الأمور السياسية، فلا يمكن حل المشكلات الأخرى. أزمتنا الأساسية سياسية، ولبها هو الحالة الطائفية الموجودة. وحين تصفو النيات، وتوضع المصلحة الوطنية في مقدمة المصالح الأخرى، ينتخب الرئيس. ولسنة 2022: تنذكري وما تنعادي. ولسنة 2023، نأمل أن تكون أقل وجعاً، وبداية سلوك طريق التعافي، للخروج من الأزمات الاستعصائية التي نعيشها، وبداية الانفراج، لكن هذا يتطلب الكثير من الجهد والنيات الطيبة”. أما البعض الآخر فرأى أن “سنة 2022 تجسد العهد الذي امتد على 6 سنوات، وتدل على انهيار المؤسسات ومفهوم الدولة، وسيطرة منظومة الفساد والدويلة على كل مفاصل السلطة. يجب أن يكون هناك نوع من مقاومة حقيقية سلمية، سياسية، والوقوف في وجه النهج التعطيلي. ولا يجوز الاستسلام والخضوع أو أن نكون أداة لتغيير هوية لبنان ومبادئ الدولة. ماذا ينفع الرئيس في بلد فقد كل مواطنيه؟ علينا أن نتعلم من دروس سنة 2022 كي نحقق تقدماً في سنة 2023”.

وفي كلمة نابعة من القلب: “سنة 2023، فيها الكثير من الفرص الواعدة، نأمل أن نحسن استثمارها، وأن نضع أنانياتنا جانباً، ونضع نصب أعيننا المواطن لاخراجه من واقعه المرير، والبلد من وضعه الخطير. نحن قادرون على انجاز المعجزات، وعلى النهوض بسرعة فائقة، لكن المطلوب القليل من الاخلاص والنيات الصافية”.

شارك المقال