زلزال لبنان على مقياس الحريري

لبنان الكبير

منذ أسبوع، وقع زلزال مدمر في تركيا وسوريا، تاركاً وراءه الكثير من الدمار والضحايا والاحباط والخوف، والكثير من المشاهد التي تبكي الحجر، وتدمي القلوب، والكثير الكثير من الألم المترافق مع أمل عائلات في العثور على أحبائها أحياء. ومنذ ١٨ عاماً، حصل زلزال ضخم في بيروت حين اغتيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فتزعزت أساسات البلد برمته، وكان الدمار الشامل في النفوس. دوي الانفجار كان قوياً جداً، بمثابة صفارة انذار  للاعلان عن الخطر الداهم في انطلاق أشرس وأخبث وأعنف حملة لتدمير البلد وتفتيته وتحطيمه فوق رؤوس أهله لأن من كان يقف سداً منيعاً في وجه المتربصين شراً به، أزيح من الدرب. وسقط من حساباتهم أنه بعد كل هذه السنوات، سيبقى رفيق الحريري الحاضر الأكبر، وأن نيران اجرامهم ستحرقهم قبل غيرهم، وسيندمون بعد استدراكهم أن البلد الذي طمعوا في خيراته، دفن في حفرة قلب بيروت في يوم ١٥ شباط ٢٠٠٥ مع رحيل رجل الوطنية والكرامة والتضحية والمحبة، فبكى الحب دماً.

زلزال ٢٠٠٥ المدمر، حاول الرئيس سعد الحريري التخفيف من تداعياته وارتداداته على مدى سنوات، وانتشال ما يمكن من تحت الأنقاض، وبلسمة الجراح على الطريقة الحريرية المتسامحة والمعتدلة والوطنية، لكنه كما والده، وجد نفسه يواجه رياحاً عاتية، ويسبح عكس التيار الذي لا يهوى الا الخراب والدمار، فتنازل بطيبة خاطر عن موقعه يوم نادى ثوار ١٧ تشرين “كلن يعني كلن” استجابة لرغبة شابات وشباب ظن الجميع حينها أنهم يرفعون راية التغيير، ثم اتخذ قراراً بتعليق عمله السياسي، وأودع لبنان وأهله العناية الالهية لأنه عرف أن لعبة الشياطين انطلقت، مع ايمانه المطلق بأنها ستنتهي بخسارة مدوية، وعبر التاريخ تؤكد أنه اذا كان للباطل جولة، فللحق ألف جولة وجولة.

غداً، ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وبالنسبة الى كل الأحباء ليس المهم البرنامج أو التفاصيل التنظيمية عند الضريح أو في “بيت الوسط” لأن الشوق الى لقاء الرئيس سعد الحريري أقوى وأعمق من الشكليات، وشغف الجلوس معه والاستماع اليه يطيّب خاطرهم بعد كل المعاناة، ويتخطى كل الحواجز البروتوكولية. وعلى حد قول أحدهم: عائلة الحريري تجسد الخير للبلد، والخصم قبل الصديق يدرك ذلك، وصوت الناس من صوت الله، ومحبتهم للعائلة من عند الله، وهذا لا يحصل في السياسة القائمة على المصالح سوى مع القلائل القلائل.

وفي انتظار اللقاء مع الرئيس الحريري غداً بحيث تتجه الأنظار والاهتمامات الى ضريح الرئيس الشهيد في وسط بيروت والى “بيت الوسط”، فإن المسؤولين يستمرون في مسارهم التعطيلي للبلد، ويختلفون على الشاردة والواردة، من اجتماعات الحكومة المستقيلة، والتحقيقات القضائية في انفجار مرفأ بيروت، الى الجلسة التشريعية المتوقع عقدها الخميس المقبل الا أن تحديد موعدها يعود لرئيس مجلس النواب نبيه بري بحسب ما أوضح مصدر مطلع لموقع “لبنان الكبير”، لافتاً الى أنه بعد الاتصالات التي أجريت، فإن محصلة التشاور تشير الى أن نصاب الجلسة مؤمن عددياً وميثاقياً. وعلى الرغم من مقاطعة نواب المعارضة والتغيير الـ٤٦، فإن الجلسة ستعقد في موعدها. الرئيس بري سيرأس اجتماع هيئة مكتب المجلس اليوم لمناقشة وإقرار جدول أعمال الجلسة التشريعية الذي يتضمن أكثر من ٨٠ بنداً من مشاريع واقتراحات قوانين معجلة مكررة ومشاريع واقتراحات عادية.

وكما بات معلوماً، فإن قانون “الكابيتال كونترول” الذي أنجزته اللجان المشتركة من أبرز بنود الجلسة، بالاضافة الى اتفاقيات دولية ذات طابع مالي واقتصادي وانمائي واقتراح قانون يتعلق بالتمديد لقيادات أمنية ومديرين عامين مدنيين، من بينهم المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. فيما قائد الجيش العماد جوزيف عون، أبلغ أنه لا يريد شموله بالتمديد في القانون الحالي.

وفي حين أن الكتل المشاركة هي:  “الوفاء للمقاومة”، “التنمية والتحرير”، “اللقاء الديموقراطي”، “لبنان القوي”، “الاعتدال الوطني”، “المردة”، وبعض النواب المستقلين، فإن الكتل المعارضة هي: “الجمهورية القوية”، “الكتائب اللبنانية”، نواب التغيير، “تجدد” وبعض النواب المعارضين.

واعتبر أحد نواب المعارضة في تصريح لموقع “لبنان الكبير” أن الجلسات التشريعية غير دستورية لأن المجلس النيابي تحول إلى هيئة انتخابية منذ الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس ثم طالما أن الحكومة تعقد اجتماعاتها، والمجلس النيابي يشرّع، فما الذي يحفز النواب على انتخاب رئيس للجمهورية؟ اما أحد كوادر “التيار الوطني الحر” فأشار الى أن “التيار لا يعارض مبدئياً جلسة التشريع، لكن هناك تحفظ عن البنود الفضفاضة. لا نريد السجال في الاعلام، والرد على الاتهامات، وستكون لنا مواقف في الجلسة”.

الراعي للمسؤولين: كل نداء عربي ودولي ادانة لفسادكم

قال البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في عظة ألقاها خلال قداس الأحد في الصرح البطريركي في بكركي: “قفوا أيّها المسؤولون والنافذون والمعطّلون أمام محكمة الله والضمير والشعب والتاريخ. واعلموا أنّ كلّ نداء يأتيكم من المجتمعين العربيّ والدوليّ ليس مجرّد تمنٍّ، بل هو إدانة لفسادكم وسوء استعمال سلطتكم ونفوذكم. فأين أنتم من مسؤوليّتكم الدستوريّة الأولى بانتخاب رئيس للجمهوريّة الذي يشرّع عمل المجلس النيابيّ والحكومة؟ وأين أنتم من إجراء الإصلاحات المطلوبة دوليّاً؟ وأين أنتم من رفع يدكم عن القضاة والقضاء لكي يتواصل التحقيق في تفجير مرفأ بيروت من أجل إجلاء الحقيقة وممارسة العدالة؟”.

أضاف: “يتكلّمون عن الحوار وعن مبادرة ما من البطريركيّة، إنّ الكرسي البطريركي الذي ما توانى يوماً عن تحمّل المسؤولية يتمنى على جميع القوى السياسية أن تشاركه المسؤولية بصراحة ووضوح ليكون النجاح حليفنا جميعاً. فإذا كان رئيس الجمهورية مارونيّاً، فالناخبون ليسوا جميعهم موارنة ومسيحيين. وإذا كان جزء من مسؤولية الشغور الرئاسي يتحملها القادة المسيحيون، فالمسؤولية الكبرى تقع على غيرهم، لأن المسيحيين مختلفون على هوية الرئيس بينما الآخرون مختلفون على هوية الجمهورية. لذلك، نحن حريصون على عدم المس بهوية لا الرئيس، ولا الجمهورية لأنهما ضمانة لوحدة لبنان والكيان في ظل المشاريع الداخلية والأجنبية التي وضعت لبنان على المشرحة من دون أيّ اعتبارٍ لتاريخ هذه الأمّة وخصوصيتها”.

وأكد أن “لبنان ليس نظاماً ينتقل من فريق إلى فريق، إنما أمّة تنتقل من جيل إلى جيل عبر الآلية الديموقراطية دون سواها. في كلّ حال، يبقى الموضوع الأساس أن يلتئم مجلس النواب، وينتخب رئيساً بموجب المادّة 49 من الدستور. إنّ عدم إلتئامه والتمادي في الشغور لا يبرّر مخالفة المادّتين 74 و75 منه اللتين تعلنان (المجلس النيانيّ هيئة إنتخابيّة لا تشريعيّة)”.

كلمات البحث
شارك المقال