دولار الشغور بـ 76 ألفاً… كأن موتورات البلد مطفأة

لبنان الكبير

على عكس يوم 14 شباط الذي كان صاخباً ومليئاً بالمشاعر والوجدانيات في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري حيث تحولت الأنظار والاهتمامات الى الضريح في وسط العاصمة والى “بيت الوسط” حيث تابع الرئيس سعد الحريري استقبالاته كما زار رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي استبقاه الى مائدة الغداء، قبل مغادرته بيروت، لم يسجل يوم أمس أي تطور أو تقدم أو خرق أو حل للأزمات المستعصية التي تواجه كل المؤسسات والقطاعات في ظل تسجيل الدولار أرقاماً قياسية، تخطت الـ76 ألفاً، ما دفع المواطنين الى قطع الطرق في عدد من المناطق بسبب تردي الأوضاع المعيشية، بالتزامن مع إطلاق رصاص كثيف في طرابلس، في حين أرجئ اضراب قطاع النقل البري الذي كان مقرراً اليوم الى موعد يحدد لاحقاً.

من يراقب الوضع الداخلي، يظن أن موتورات المؤسسات في البلد، تعطلت، وأطفئت الى أجل غير محدد لأن المعطلين هم أنفسهم المسؤولون عن اعادة التشغيل، ويبدو أن لا نية الى اليوم في العودة الى الانتظام العام والعمل بصورة طبيعية. فجلسات انتخاب رئيس الجمهورية متوقفة لأنها تحولت الى مسرحية هزلية، وطالما ليس هناك من جديد يمكن أن يؤدي الى ملء الشغور، فلا جلسات يوم الخميس. الجلسة التشريعية تعثرت، وأصبحت في مهب الريح بانتظار المزيد من الاتصالات والمشاورات لتأمين النصاب الميثاقي -القانوني. اجتماعات الحكومة المستقيلة تواجه اعتراضات وخلافات دستورية حول قراراتها. مؤسسات القطاع العام في اضراب شامل، ومصارف تلوح بالاقفال التام وغيرها الكثير من المرافق الحيوية كالمستشفيات والصيدليات والأفران، ما يعني أن البلد قابع على برميل بارود قد ينفجر في أي لحظة.

وفي ظل هذه السوداوية، لم تسجل أي حركة يمكن أن تنتج خرقاً في الجدار التعطيلي، والغريب أنه في الأيام القليلة الماضية، بدت المساعي التي انطلقت لايجاد مخرج للاستحقاق الرئاسي متوقفة، ولم نعد نسمع لا عن لقاءات ولا عن اتصالات ومشاورات لتقريب وجهات النظر، ما يدفع الى التساؤل: هل “الصمت الرئاسي” أبلغ من الكلام والمشاورات والمساعي بمعنى أن الاستحقاق الرئاسي بات في حكم المؤجل الى أشهر وربما الى سنوات؟

اعتبر أحد المحللين السياسيين في حديث لـ “لبنان الكبير” أن ليس هناك من حل داخلي لأزمة الرئاسة، والكل ينتظر حلاً أو أمر عمليات من الخارج، وهذا ليس سراً بدليل أن الاجتماع الخماسي في باريس صبّ في هذا المنحى، والرسالة التي حملها السفراء الى المسؤولين، كانت واضحة بأن الملف الرئاسي بات أولوية دولية. والرئيس بري لا يدعو الى جلسة انتخابية لأنه يعلم أن القوى الداخلية لا تنتج رئيس الجمهورية بل يأتي نتيجة تفاهم خارجي. حتى أن هناك كلاماً عن أن التأخير في الاستحقاق الرئاسي، متعمد كي يمر على الشغور 6 أشهر، وحينها تنتفي الحاجة الى تعديل دستوري لانتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون كما حصل خلال انتخاب الرئيس ميشال سليمان. وبغض النظر عن الاسم، سيأتي الرئيس المقبل نتيجة تفاهم خارجي لأنه يجب أن يكون مقبولاً دولياً والا لن يحصل التعاطي مع أي رئيس يشكل امتداداً لعهد الرئيس ميشال عون. ويحكى أن انتخاب الرئيس سيكون في نهاية الربيع أو بداية الصيف لأن الكل يعلم أن الوضع لا يحتمل أكثر في ظل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الخانقة، وتحلل المؤسسات.

فيما رأى مصدر آخر أننا أمام شغور رئاسي قد تطول مدته الا اذا حدث ما يشبه المعجزة. وكل ما يحكى عن طبخة من هنا أو هناك، وأن البعض يطبخ داخلياً، والبعض الآخر يطبخ خارجياً، ليس سوى كلام للاستهلاك الاعلامي أو للاستعراض الاعلامي أو للتسويق لشخصيات أو جهات معينة. والبعض خرج الى الاعلام، وتحدث عن اتصالات سعودية بـ “حزب الله”، وهذا غير صحيح. فلا السعودية تواصلت ولا “حزب الله ” في اطار الاستعداد لمثل هذا الأمر.

في هذا الوقت، يتابع سفراء الدول الخمس للاجتماع الخماسي، لقاءاتهم مع المسؤولين لاطلاعهم على خلاصة المناقشات في باريس، مشددين على ضرورة الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية. كما أكّدوا ضرورة البدء بإجراء الإصلاحات الاقتصادية والمالية اللازمة، علماً أنّ الدول الخمس ستبقي إجتماعاتها مفتوحةً لمتابعة التطورات.

وفي السياق، أشار مصدر مطلع لـ ” لبنان الكبير” الى أن السفراء يبلغون المسؤولين امتعاضهم من عدم الوصول الى اتفاق في لبنان. واذا صحت المعلومات المسربة، فإنهم يحذرون من اعادة النظر في التعاطي مع لبنان اذا لم يتم انتخاب الرئيس بأسرع وقت ممكن.

أما في ما يتعلق بالجلسة التشريعية، فأوضح مصدر مطلع لموقع “لبنان الكبير” أن ليس هناك من معطيات عن مسار الجلسة، التي تعثرت، وكان واضحاً أن “التيار الوطني الحر” قيل له شيء وتبين له شيء آخر. كيف؟ من؟ ما هي الأسباب الحقيقية؟ لا يمكن الدخول فيها الآن، لكن ما يحصل أمر غير طبيعي. المنطق السياسي والدستوري يقول ان الرئيس بري له مصلحة في عدم مصادرة دور مجلس النواب على اعتبار أن المجلس سيد نفسه، ولا يحق لأحد منعه من ممارسة العمل التشريعي. الرأي الآخر يقول ان رئيس الجمهورية هو الشريك السلبي لمجلس النواب، وبالتالي، عدم وجوده يعني أن مجلس النواب عندما يقر قوانين معينة أو تشريعات، ليس هناك من يعترض عليها أو يردها أو يوقع أو لا يوقع عليها، وكأن الأمر فيه شطب لرئاسة الجمهورية. لا أحد يمنع تشريع الضرورة، لكن نحن أمام حالة غير مسبوقة لأن ليس هناك من رئيس للجمهورية كما أن الحكومة الموجودة حكومة تصريف أعمال وليست كاملة الصلاحيات. والدخول في مثل هذا الأمر، قد يضعنا أمام مشكلات كبيرة نحن في غنى عنها. واذا استمر المسيحيون على مواقفهم في المقاطعة، فلن تعقد الجلسة.

معيشياً، برزت أمس أزمة قديمة – جديدة في قطاع المحروقات بفعل أزمة الدولار، فتجدد مشهد الطوابير أمام المحطات بعد أن رفع بعضها خراطيمه. وسجل جدول الأسعار ارتفاعاً كبيراً في المحروقات، وطالب أصحاب المحطات باصدار جدول تركيب أسعار بالدولار.

على صعيد آخر، أعلنت البعثة اللبنانية للدفاع المدني الى تركيا Cedars 11، أنه تم انتشال جثة المواطن اللبناني الياس حداد، بالاضافة الى جثة فتاة. ولا تزال جهود البعثة منصبة داخل الطبقات السفلية للمبنى للوصول الى الشاب محمد المحمد.

شارك المقال