“فسحة” مصرفية كرمى ميقاتي… وزيارة أميركية لقائد الجيش

لبنان الكبير

بعد مراقبة الواقع اللبناني الذي يشهد زلازل بشرية مدمرة، يمكن استخلاص النتيجة التالية: سلطة فاسدة، متجذرة في مواقعها كتشبثها بنواياها السيئة والخبيثة في تدمير البلاد حجراً، وتجويع أهله وتفقيرهم فرداً فرداً، والأنكى من كل ذلك أنها تشعل حروباً ومعارك ضارية في ما بينها، وتفتح نيرانها العشوائية على مختلف الجبهات، متحصنة في قصورها العالية، والشعب وحده يتلقى الرصاص المعيشي والاجتماعي والحياتي والسياسي، ويصاب في الصميم من دون شفقة أو رحمة.

ما يجري من مناكفات واشتباكات، يظهر أن البلد تحول الى حارة “كل مين إيدو الو”، كما يظهر حجم الفوضى وقلة التدبير وفقدان السيطرة والعجز عن اتخاذ الخطوات الناجعة، على الرغم من تسجيل خرق محدود مع اعلان جمعية المصارف تعليق اضرابها لأسبوع، ما يتيح للمواطنين قبض رواتبهم نهاية الشهر، بناء لتمني رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وتحسساً بالأوضاع الاقتصادية الصعبة جداً، ولخدمة تأمين مصالح الموظفين كما أكد محامي الجمعية أكرم عازوري بعد اجتماع وفد منها مع ميقاتي، على أن تدعى الجمعية العمومية للمصارف في آخر الاسبوع في ضوء ما يتحقق عملياً من اجراءات على الأرض لتصحيح الخلل في المرفق العام القضائي الذي كان السبب الأساس للاضراب.

وعرض الوفد لرئيس الحكومة مدى خطورة الادعاء على مصارف بجرم تبييض الأموال نسبة الى الضرر الذي سيلحق بلبنان جراء تهمة مماثلة بما يؤدي الى عزله مالياً عن العالم وقد يحتاج الى سنوات طويلة لفك هذه العزلة. واثر الاعلان عن فك الاضراب، سجّل سعر صرف الدولار في السوق السوداء، انخفاضاً كبيراً، بحيث تراوح بين 77500 ليرة للمبيع و76500 ليرة للشراء، الا أنه عاد ليرتفع تدريجاً الى دائرة الـ80 ألفاً.

وفي حين يستعد مجلس الوزراء لعقد جلسة مطلع الأسبوع المقبل، ووزعت أمس نسخة أولية من جدول أعمالها، يجري الحديث عن اجتماعات مالية تعقد في السراي الحكومي لاتخاذ قرارات مالية مهمة جداً، واعتبر أحد الخبراء الاقتصاديين في تصريح لموقع “لبنان الكبير” أن أي اجتماع بهدف حل الأزمة هو اجتماع ضروري ومهم ومرحب به ويعطي دفعاً ايجابياً، ولا يمكن القول ان أي اجتماع لن يقدم ولن يؤخر. الاجتماعات تبحث في الخطوات التي يمكن اتخاذها، لكن السؤال هنا: هل الخطوات ستكون نقدية فقط؟ لأن من الصعب أن تتمكن التدابير النقدية وحدها من لجم سعر الصرف، انما يجب أن تترافق مع خطوات أخرى من الأجهزة الامنية ووزارة الاتصالات ووزارة المالية لملاحقة الصرافين لأن هناك العديد منهم لا يزالون يعملون ويضاربون في السوق، وملاحقة التطبيقات الالكترونية وايقافها، وحجة النقص بالمعدات اللازمة لكشف مثل هذه الأمور لا تجوز لأن هناك خطراً على الأمن القومي. كما أن قرار وزير المال بخفض 25 في المئة من الرسوم الجمركية وTVA على التجار يجب أن يعدل، ويصبح مئة في المئة لأن التجار يقبضون من المستهلكين بالدولار الفريش، ولا يجوز الافادة من هذه النسبة لأن هذا يفتح باب المضاربة على مصراعيها. المضاربون في البلد هم من الصرافين والتجار، واذا اتخذت الخطوات الفاعلة للجم سعر صرف الدولار بالاضافة الى خطوات نقدية لمساعدة الناس، فستكون تداعياتها ايجابية بحيث تنخفض الأسعار حكماً والأهم من هذا كله أن الفئة المهمشة والتي تتمثل في موظفي القطاع العام ستتمكن بطريقة أو بأخرى من الافادة من سعر الصرف على منصة “صيرفة”. اذاً، بالخطوات النقدية اضافة الى الخطوات الحكومية، يمكن لجم سعر صرف الدولار.

وفيما لفت استقبال قائد الجيش العماد جوزيف عون في مكتبه في اليرزة، وفداً من مساعدي أعضاء الكونغرس الأميركي من الحزبين الديموقراطي والجمهوري، في حضور السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، وجرى عرض لأوضاع المؤسسة العسكرية والتحديات التي تواجهها في ظل الأزمة الراهنة، لم يسجل أي جديد ايجابي في الملف الرئاسي، وأصبحت هناك قناعة بأن المسؤولين يمررون المرحلة بأقل قدر ممكن من الخسارة والفوضى الى حين نضوج التسوية الاقليمية – الدولية التي لا تبدو قريبة على الرغم من بعض بشائرها الايجابية. الحركة الداخلية أو الدينامية الرئاسية فاترة على الرغم من التواصل واللقاءات والتشاور بين بعض الأطراف الا أن النتائج لا تزال سلبية وفي المربع الأول. وفي سياق محاولة حلحلة التعقيد الرئاسي، تسعى بكركي مع مختلف الأطراف خصوصاً المسيحية منها، الى تقريب وجهات النظر والتوافق على أرضية يمكن أن تسهل انتخاب رئيس للجمهورية. ولهذه الغاية، جال موفد البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، المطران أنطوان بو نجم على القيادات المسيحية.

وأشارت مصادر مطلعة لموقع “لبنان الكبير” الى أن هذه الزيارات هدفت الى تكوين تصور واضح وشامل ودقيق لدى البطريرك عن مقاربة القوى المسيحية للملف الرئاسي، فيقرّر في ضوئها، شكلَ وطبيعة أي مبادرة يمكن أن يطرحها في المرحلة المقبلة لمحاولة كسر المراوحة الرئاسية السلبية، وليس هناك من قرار نهائي بعد في هذا الاطار، لكن لا يجوز التكهن أو الحديث عن ايجابية أو سلبية كما يتم التداول في الصحف. مع العلم أن فكرة حصول لقاء للقادة المسيحيين كان مستبعداً منذ البداية من معظم هؤلاء لأنهم يعتبرون أنه سيكون بمثابة فك عزلة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، كما أن من الصعب الالتزام بأي اتفاق يتوصل اليه اللقاء. واقترح البعض على الموفد البطريركي عقد لقاءات ثنائية في بكركي للتباحث في الملف الرئاسي، وعرض كل منهم بعض الأفكار والصيغ للخروج من حالة التعطيل والجمود. في حين لا يحبذ البعض فكرة اللقاء من الأساس لأن التجارب الماضية في عدم الالتزام بما يتم التوافق عليه غير مشجعة. وبالتالي، يمكن الاستنتاج من اللقاءات أن صيغة اجتماع النواب المسيحيين لم تلقَ تجاوباً، كما أن اجتماع الأقطاب مستبعد ليبقى احتمالاً صعباً لكن في السياسة ليس هناك من مستحيل، يتمثل في زيارة باسيل الى معراب، والتوافق على النائب ميشال معوض أو من يشبهه خصوصاً بعد أن انتكست علاقته مع “حزب الله” وربما سيتموضع في مكان آخر. على أي حال، لا يمكن الجزم بأي خيار، والبطريرك الراعي بانتظار التقرير الذي سيرفعه اليه موفده ليبني على الشيء مقتضاه. ومن المتوقع أن يصدر قرار عن بكركي في هذا الشأن الأسبوع المقبل.

وأكد أحد النواب السابقين أن التسريبات لا توحي بالايجابية، لأن كل طرف يفتش عن مصلحته، كما أن قرارات البعض ليست في يده، وينتظر الاشارات من المرجعية الاقليمية أو الدولية التي يرتبط بها.

شارك المقال