خلوة بلا غلة سياسية… “بل ميلوا الى الوضيع”

لبنان الكبير

ثلاثة وخمسون نائباً مسيحياً حضروا الخلوة في بيت عنيا – حريصا التي دعا إليها البطريرك الماروني بشارة الراعي، وكما كان متوقعاً لم يسجل ما يستحق التوقف عنده، فقد طغى الطابع الروحاني على الخلوة التي حددت في يوم “أربعاء أيوب” الأمر الذي يمكن تفسيره أنه رسالة بحد ذاتها. ولم تخلُ الخلوة من رسائل سياسية إن كانت بالمباشر من الراعي الذي توجّه إلى النواب في العظة التي ألقاها بالقول: “ليطرح كلّ واحد منّا وكلّ سياسيّ صالح هذه الأسئلة على نفسه: بماذا جعلت الشعب يتقدم؟ أي روابط حقيقية بنيت؟ وكم سلام اجتماعي زرعت؟ ماذا أنتجت في المسؤولية التي أوكلت إلي؟ وماذا فعلت لتسهيل انتخاب رئيس وإحياء مؤسسات الدولة؟”، أو عبر الصلوات والقراءات من الانجيل التي تم اختيارها مثل رسالة روما 12:15-17: “كونوا متفقين، لا تطمعوا في المعالي، بل ميلوا إلى الوضيع (لا تحسبوا أنفسكم عقلاء)”.

على الرغم من تأكيد المشاركين في خلوة بيت عنيا أن الجو كان هادئاً ومريحاً، ولم تكن هناك اصطفافات حزبية خلالها، إلا أن كل طرف عاد وقرأ عظة البطريرك الراعي كما يحلو له انتماؤه الحزبي، واعتبر أن المعني بكلام البطريرك هو الطرف الآخر، بل ان كل طرف برّأ نفسه من تهمة التعطيل ورماها على الآخرين، مما يوحي بأن ملف الرئاسة لن يحل باتفاق خارجي، أو بمعجزة الهية.

وعلم “لبنان الكبير” أن بكركي أضافت أمس أسماء جديدة الى اللائحة الرئاسية التي سبق أن جمعتها عبر مبادرتها السابقة، ومن بينها الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك، ورجل الأعمال الأميركي – اللبناني فيليب زيادة، الذي يتم تسويقه على أنه مطروح كتسوية بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”.

بينما أكدت مصادر الثنائي الشيعي أنه لا يزال متمسكاً بترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، ولا يناقش اسمه في الأوراق المحروقة، فالترشيح جدي، ويطالب الطرف الآخر بترشيح اسم جدي. أما “التيار الوطني الحر”، فكان لافتاً تصريح عضو تكتل “لبنان القوي” النائب آلان عون في ما يتعلق بإمكان مقاطعة التيار أي جلسة من شأنها إيصال فرنجية الى بعبدا، اذ أشار الى أن “التيار لم يبحث في هذا الموضوع، الا أن قرار المشاركة في الجلسات غير مرتبط بنتائجها”، منتقداً “من كان يهاجم سياسة التعطيل وبات يهدد باللجوء اليها”. فهل هذا يعني أن التيار ينتظر من حليفه “حزب الله” عرضاً لفتح المسار أمام فرنجية إلى بعبدا من منطلق لعبة الهروب إلى الأمام القديمة التي يلعبها رئيس التيار جبران باسيل، بترك الخيار لنواب التكتل؟ وما هي مطالب التيار، قيادة الجيش، حاكمية مصرف لبنان؟ وماذا عن الوزارات وتحديداً وزارة الطاقة؟ ولكن إذا وصل فرنجية إلى الرئاسة وهو محاصر بوزراء ومدراء عونيين فهل فعلاً يمكنه أن يحكم أم أنه سيكون رئيساً صورياً فقط؟ وأصلاً هل بالامكان الوصول إلى الرئاسة مع تقديمات مثل هذه للتيار تناقض الضمانات التي طلبت منه إقليمياً؟

وفي السياق الاقليمي، يجتمع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع نظيره الايراني حسين أمير عبد اللهيان، في العاصمة الصينية بكين اليوم، متابعة للاتفاق السعودي – الايراني الذي حصل برعاية الصين الشهر الماضي، وسيكون الاجتماع الرسمي الأول من نوعه منذ أكثر من سبع سنوات، ويبدو أنه سيناقش أموراً مثل استئناف وترتيبات تبادل السفيرين، مثلما نقلت وسائل إعلام البلدين عن مسؤوليهما.

وبينما ينتظر المسؤولون الاشارات الاقليمية، أظهر أحدث تقرير للبنك الدولي، حول “تزايد انعدام الأمن الغذائي في العالم”، تربّع لبنان على عرش قائمة الدول العشر الأكثر تضرراً من تضخم أسعار الغذاء، بحيث احتلّ المرتبة الأولى بين عشرة بلدان بنسبة تضخم سنوية بلغت 139% في أسعار الغذاء (تشرين الثاني 2022 لغاية شباط 2023) منتزعاً الصدارة من زيمبابوي. ووفق التقرير، فإنه خلال الفترة الممتدّة بين شهر أيلول وشهر كانون الأوّل 2022 حوالي 37% من إجمالي السكّان اللبنانيّين يعانون من إنعدام في أمنهم الغذائي (حوالى 1.29 مليون فرد).

ووفقاً لبرنامج الاغذية العالمي فإن 46% من الأسر اللبنانية يعانون من انعدام الأمن الغذائي. وكشف أن معدلات التضخّم المرتفعة، بالاضافة إلى صعوبة الحصول على الخدمات الأساسيّة وتصاعد التوتّرات الاجتماعيّة نتيجة الأزمة الاقتصاديّة التي يمرّ بها لبنان، لا تزال تزيد من مستويات الفقر العالية وانعدام الأمن الغذائي في البلاد.

شارك المقال