عبرة السودان: جيشان في بلد واحد يخربانه… تبادل تعطيلي بين “القوات” و”التيار”

لبنان الكبير

جريمة مزدوجة في بلدة مشغرة البقاعية نغّصت فرحة الأعياد على اللبنانيين، الجريمة ذات الطابع الثأري راح ضحيتها شابان من البيت نفسه، بسبب خلافات قديمة في القرية بين عائلتين، وإن دل هذا الأمر على شيء فانما يدل على أن اهتراء البلد أصبح طريق الشعب إلى شريعة الغاب. وبدل أن يتوقف السياسيون عن المراوحة ويبدؤون بشق طريق الحلول للخروج من الفراغ القاتل، ومن ثم العمل على الخطط الاقتصادية المناسبة لاستنهاض البلد من أزماته، لا يزال كل فريق على تشدده بل زاد أكثر. وقد عادت حرب البيانات بين القوى السياسية، وهذه المرة مشهد اعتاد عليه اللبنانيون، رد من “التيار الوطني الحر” على رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، تبعه رد من “القوات” على الرد، ليرد “التيار” مجدداً… دوامة من الردود بين الفريقين المتفقين على التعطيل، والمختلفين على التسيير.

وبينما البلد غارق في السجالات التي تزيد الشرخ وتبعد الحلول، يبدو الاقليم معاكساً لتوجهات اللبنانيين، فالاتفاق السعودي – الايراني يترجم سريعاً على الأرض، اذ استمر لليوم الثاني تبادل الأسرى في اليمن، والقطار الذي سلك طريقه من بكين يبدو أنه مستمر في مسيره ولا أحد يستطيع إيقافه.

الأمل في إنهاء الصراعات في المنطقة إثر التقاربات الاقليمية شوشت عليه التطورات في السودان، الذي اندلعت فيه اشتباكات بين الجيش وميليشيا قوات الدعم السريع، والذي من المفترض أنه يعيش مرحلة انتقالية من الحكم العسكري إلى الحكم المدني، ما أثبت بكل جدارة، أنه لا يمكن لبلد أن يعيش بجيشين، أو قوى شرعية وميليشيا خارجة عن إطار الدولة. الخلافات بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح برهان، الذي يتبع له الجيش، مع نائبه الفريق محمد حمدان دقلو، الذي تواليه ميليشيا الدعم السريع، جعلت السودان ساحة معركة وصراع نفوذ بين الطرفين، اللذين تناشدهما القوى الاقليمية والدولية حل النزاع بالطرق السلمية. إنها عبرة من السودان: جيشان في بلد واحد يخربانه.

عادت حرب البيانات بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، التي صدر عن الدائرة الاعلامية فيها بيان رداً على بيان لجنة الاعلام والتواصل في “التيار” حول تناقض في المواقف بين جعجع ونواب كتلة “الجمهورية القوية” فنّد فيه ما اعتبره سلسلة مغالطات لبيان “التيار”. وجاء في ختام البيان: “يبقى أن كل ما يسعى إليه التيار الوطني الحر هو إثارة الغبار للتغطية على مشاركته في الجلسة التشريعية للتمديد للمجالس البلدية، وهي جلسة غير دستورية كون مجلس النواب هيئة انتخابية لا تشريعية، ويبقى العيب الأساس في تهريب جلسة التشريع غير الدستورية قبل ساعات من اجتماع الحكومة التي باستطاعتها صرف نفقات الانتخابات البلدية من حقوق السحب الخاصة، أي سحب عشرة ملايين دولار كحد أقصى، وتذكيراً بأن الحكومة قد صرفت من الـ SDR ما يفوق الـ750 مليون دولار وبإمكانها بسهولة تامة صرف نفقات الانتخابات البلدية والاختيارية، وبالتالي العيب الأساس يبقى في استباق جلسة التشريع لجلسة الحكومة والذي يتراوح بين الفضيحة والخطيئة”.

لم يستغرق “التيار” وقتاً ليرد على رد “القوات” في بيان صادر عن لجنة الاعلام والتواصل جاء فيه: “أمر جيد أن تكون القوات اختصرت موضوع الانتخابات البلدية والاختيارية كله بمن نصدق، وزير الداخلية أم التيار، والجواب على ردها الأخير علينا هو عند النائب جورج عدوان في تصريحه الأخير باسم تكتل الجمهورية القوية بعد اجتماع اللجان النيابية الأخير، فمن نصدق جعجع أو عدوان؟ والحقيقة أن الجواب هو عند كل نائب حضر اللجان المشتركة، وكل محافظ وقائمقام وقاض ومعلم ومأمور نفوس وموظف في السجل العدلي، إضافة إلى كل مقدم طلب ترشيح لم يتم تسجيله، وكل مواطن راغب بالترشح، وكل محازب عامل في ماكينة انتخابية… والجواب هو في النص الدستوري الواضح والحكومة المستقيلة، وفي حضور القوات 7 جلسات تشريعية في فترة الفراغ الرئاسي بين 2014 و2016 وإقرار 124 قانوناً؛ وهنا كل الصدقية وكل الفرق بين الشعبوية والواقعية، وبين التضليل والحقيقة… وبين القوات والتيار”.

مضمون البيانين بين الحزبين علق عليه مصدر مقرب من مرجعية سياسية في حديث لـ”لبنان الكبير” بالقول: “التيار يعتبر أن الحكومة غير شرعية ولا يمكنها الانعقاد، ولكنه يعتبر أن المجلس النيابي شرعي، بينما حزب القوات يعتبر أن المجلس النيابي هو هيئة ناخبة لا يمكنه التشريع، ولا مانع لديه من انعقاد الحكومة. تبادل أدوار على التعطيل للمؤسسات المتبقية في البلد، كأنه انتقام بسبب الفراغ في رئاسة الجمهورية، فراغ يمكن إنهاؤه، لو أن هذا الثنائي يقبل بالجلوس على طاولة واحدة مع بقية القوى السياسية والاتفاق على سبل حل الأزمة”.

من السياسة إلى الطبيعة، اذ لا تزال الهزات الخفيفة تنشط في المنطقة بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في شباط الماضي، وقد شعر سكان بعض المناطق اللبنانية بارتدادات هزة أرضية ضربت سوريا بقوة 4.2 درجات. ويبدو أن غضب الطبيعة مستمر، بحيث دوى انفجار ضخم في منطقة تل الربيع في فلسطين المحتلة، تبين أنه ناتج عن نيزك ضرب المكان.

شارك المقال