لا “رئيس” ولا “حاكم”… أتمديد لسلامة؟

لبنان الكبير

تصعيد اسرائيلي مفاجئ في غزة أرخى بأسئلة ثقيلة فوق منطقة تحاول تلمس “خريطة طريق” إقليمية جديدة، إنطلقت من بكين وجمعت المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية في ايران، وطمحت الى تغيير اللعبة التقليدية التي قامت لعقود على أساس “تحكم” الولايات المتحدة بالمقدرات والقرارات في الشرق الأوسط، ومعها دائماً اسرائيل، حتى داهمهما فجأة “وفاق عربي – ايراني”… فبدت “عملية السهم” الاسرائيلية ضد قادة من “الجهاد الاسلامي” إختباراً لحدود الوفاق الجديد، خصوصاً أن غزة معقل موالٍ لطهران، بانتظار رؤية رد “الجهاد” وشقيقتها الكبرى “حماس” وحدوده.

في الداخل اللبناني، استعرت الحماوة لانجاز الاستحقاق الرئاسي ليس بهدف إنهاء الفراغ في رأس الدولة بقدر ما هو لمنع الفراغ في حاكمية مصرف لبنان، بحيث يبدو أن المشهد سيتخذ منحى تصاعدياً في الفترة المقبلة، فقد كان واضحاً الانقسام حول تعيين حاكم للمصرف المركزي ليس على الاسم إنما على الآلية الدستورية، فرئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع، في مقابلته الأخيرة أشار الى أن لا مانع من أن تقوم حكومة تصريف الأعمال بتعيين حاكم لمصرف لبنان، وأن الأمر يقع تحت عنوان الضرورة، علماً أن جعجع يعارض بصورة مبدئية اجتماع مجلس الوزراء، لكن الرد جاءه سريعاً من رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، الداعم للحكومة وجلساتها، اذ أعلن معارضته تعيين حاكم للمصرف المركزي عبر حكومة تصريف الأعمال، وقبل انتخاب رئيس للجمهورية.

أما عين التينة، فقد علم “لبنان الكبير” أنها تتفق تماماً مع فرنجية، بأن لرئيس الجمهورية دوراً في تعيين الحاكم عدا عن أن الآلية الدستورية تفرض على الحاكم أن يؤدي قسم اليمين أمامه. ووفق أوساط سياسية، سينقسم المشهد إلى 3 جبهات واحدة داعمة لتعيين حاكم جديد وأخرى معارضة، فيما قد يبرز موقف جديد يدعو الى التمديد للحاكم الحالي رياض سلامة إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وقد يكون التمديد لأشهر أو تمديداً مفتوحاً، وذلك حسب همة القوى السياسية، وبالتالي تحوّل ملف حاكمية مصرف لبنان إلى الضاغط الأول على الاستحقاق الرئاسي. وخشية الوصول إلى مرحلة دقيقة تختلف فيها المواقف، يبرز التلويح بالتمديد لكي يصار إلى التشديد على انتخاب الرئيس قبل هذا الموعد.

وفي موضوع الاستحقاق الرئاسي، لا يزال السفير السعودي وليد بخاري يستكمل لقاءاته مع المسؤولين، وزار أمس رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، وقال بعد اللقاء: “واثقون من إرادة اللبنانيين في التغيير نحو غدٍ أفضل”. كما اجتمع بخاري في مكتبه في السفارة مع رئيس حزب “الوطنيين الأحرار” كميل دوري شمعون. وزاره في منزله في اليرزة تكتل “الاعتدال الوطني” وتطرق البحث الى الأوضاع العامة في البلاد لا سيما الاستحقاق الرئاسي. وأكد السفير بخاري، بحسب بيان للتكتل، “الموقف الحيادي للمملكة العربية السعودية وضرورة الاسراع في انجاز الاستحقاق”، بينما أكد أعضاء التكتل للسفير “ضرورة الدعوة الى جلسة انتخاب قريبة”، مشددين على ضرورة “عدم مقاطعة أي كتلة أو نائب جلسات الانتخاب لأن من واجب النواب حضور هذه الجلسات والتعبير عن رأيهم بكل ديموقراطية وشفافية”. وتم الاتفاق على لقاء قريب لاستكمال البحث.

وفي السياق نفسه، أشارت مصادر معنية لموقع “لبنان الكبير” الى أن الامتعاض السني بدأ يتسع مما طرحه فرنجية في مقابلته الأخيرة، في ما يتعلق بالثلث المعطل والمداورة، كون هذا الأمر منوطاً برئيس الحكومة، وأن أي حديث عن الحكومة وشكلها لا يمكن التداول به في الوقت الحالي، بل الأمر مقتصر على انتخاب رئيس الجمهورية. ولفتت المصادر الى أن أبرز المرشحين لتولي رئاسة الحكومة هو الرئيس تمام سلام، لكنها شددت على أن سلام لا يدخل في حكومات تفرض عليه شروطاً مسبقة فيها، فهو معروف مع رؤساء الحكومات السابقين، أنه متمسك بالدستور واتفاق الطائف، الذي يعطيه ورئيس الجمهورية كل الدور، وبالتالي المداورة أو شكل الحكومة أو الصيغة، مرتبطة حصراً برئيس الحكومة، الذي يناقشها مع رئيس الجمهورية لكن يعود القرار اليه بتشكيلها وتحديد أسلوبها وسياستها.

وذكرت المصادر بأن من قدم الصيغة الجديدة وعاد واعتذر عن التكليف، هو الرئيس سعد الحريري، عندما طرح صيغة خالية من الثلث المعطل وبلا محاصصة، وهذا ما كان يحتاجه لبنان، وعندما تصدت له القوى السياسية وتحديداً رئيس الجمهورية، فضّل أن يعلق عمله السياسي، ويعتذر عن تشكيل الحكومة، وبالتالي أي رئيس حكومة لن يدخل مجدداً في دوامة صلاحيات وتعطيل الحكومات، خصوصاً أن 3 سنوات من عهد الرئيس ميشال عون تم تعطيلها على موضوع تشكيل الحكومات.

أما نائب رئيس الحكومة الياس بو صعب، فقد اختتم المرحلة الأولى من مبادرته، كما قال، بعد زيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، ليتجه بعدها إلى كليمنصو حيث التقى رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط وعدداً من نواب اللقاء. وقال بو صعب بعد الاجتماع: “أكدنا التوافق على ضرورة تنظيم المرحلة المقبلة والعمل على جمع القواسم المشتركة ومد الجسور وطلبت منهم التعاون في هذا الموضوع”. وأضاف: “لا أدخل في الأسماء ولكنها جزء من الحديث بيني وبين الفرقاء السياسيين. وسنلاحظ نتيجة المبادرة والزيارات في الأسبوعين المقبلين”. فيما رحب عضو اللقاء النائب هادي أبو الحسن بـ “أي خطوة تساهم في كسر الجمود الرئاسي ومنفتحون على أي طرح”، مؤكداً أنه “لا بدّ من تحديد الاطار ومضمون الحوار والمدى الزمني مع كلّ الشركاء في الوطن”.

وعلى صعيد “اتفاق معراب 2” الذي يبدو أنه سيكون موسعاً، أعلن عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم عن “تداول أسماء محدودة بين الأطراف كافة والقاسم المشترك بينهم، هو منع وصول مرشّح محور الممانعة إلى سدّة الرئاسة”. ولم يستبعد “احتمال التلاقي بين التيار والقوات والاتفاق على مرشح مشترك نتيجة للمحادثات التي تحصل”، مؤكداً “إمكان التوصل إلى اسم واحد قريباً في مواجهة مرشح محور الممانعة”.

شارك المقال