جنبلاط يرمي “الرئاسة” عن كتفيه

لبنان الكبير

في ظل الجمود الذي يصيب الاستحقاق الرئاسي بانتظار انقشاع مشهد المبادرات التي يبدو أنها لن توصل إلى رئيس، وبانتظار أن تتحد المعارضة على اسم بعدما انهارت مفاوضاتها مع “التيار الوطني الحر”، لا يجد الأخير منفذاً للتهرب من مسؤولياته أمام جمهوره إلا برمي قنابل دخانية إعلامية يصوّب بها على الحكومة. لكن المفاجأة للقوى السياسية كانت باعلان رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط استقالته من رئاسة الحزب ومجلس القيادة الحالي، ودعا عملاً بأحكام دستور الحزب ونظامه الداخلي الى مؤتمر عام انتخابي في ٢٥ حزيران المقبل، في خطوة حيّرت الحلفاء والخصوم، وبدأت التحليلات عن أبعادها وأهدافها..

فبعد بيان من الهيئة السياسية لـ “التيار الوطني الحر” أول من أمس اعتبرت فيه أن الحكومة لا تقوم بمسؤولياتها، وصوّبت فيه على الرئيس نجيب ميقاتي، ناقض رئيس التيار جبران باسيل البيان بعد أن هاجم عبر منصة “تويتر” عقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم، فيما كان عضو تكتله النائب أسعد درغام يسوق لمرشح من التكتل هو النائب ابراهيم كنعان. وبينما يخوض التيار معارك طواحين الهواء، نعى نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب المبادرات الرئاسية، ووصفها بـ الفارطة”، مُعلنًا أنه لا يحمل أي مبادرة رئاسية خلال جولته. وقال: “لا أسوّق لأسماء رئاسية، ولكن كنواب لا نستطيع أن نكمل بالتفرّج على ما يحصل ومسؤوليتي كنائب رئيس مجلس النواب تحتّم علي التواصل مع باقي النواب ومحاولة القيام بشيء”.

وعن استقالة جنبلاط، غرّد عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب بلال عبد الله عبر “تويتر”، قائلاً: “كنا وسنبقى منسجمين مع ثوابتنا الوطنية خارج الفئويات والارتهانات والمصالح. هاجسنا وحدة الوطن وكرامة المواطن فيه، مهما اجتهد البعض في تحليل أو تفسير أو حتى تشويه موقفنا. بهذه الروحية نتعاطى مع الانتخابات الرئاسية وكل الاستحقاقات الأخرى. نحن حزب الانسان والدولة والعدالة الاجتماعية”.

مصدر مقرب من جنبلاط أكد في تصريح لموقع “لبنان الكبير” أن “خطوة الاستقالة أتت في اطار تهيئة الأرضية المناسبة لتسليم تيمور، وليست مفاجئة لا للقاعدة الشعبية ولا للقاعدة الحزبية”. واستبق المصدر ما سيروّج له من أخبار عن خلاف بين جنبلاط ونجله على خلفية الخطوة، بمقاربة الانتخابات الرئاسية ، مشدداً على أن “لا اساس لها من الصحة اذ أن الأب والابن متفقان على عدم القبول بمرشح ينتمي الى محور الممانعة، وتحديداً سليمان فرنجية”. في وقت تحاول القوى السياسية التقاط إشارات المختارة، متسائلة إن كانت هذه الخطوة تشكل مخرجاً لجنبلاط ليقدم على استدارة في الملف الرئاسي.

في العونية السياسية المتناقضة، كتب باسيل على موقع “تويتر”: “يحصل ما حذّرنا منه مراراً منذ عدّة شهور: رئيس حكومة تصريف الأعمال المنقوصة الشرعية والدستورية والميثاقية يدعو، ومن وراءه، باسم القوة القاهرة ومصلحة الدولة العليا، لعقد مجلس وزراء للبحث في مواضيع ضرورية ومستعجلة وطارئة من 72 بنداً من بينها مراسيم عقود بالتراضي وفتح اعتمادات عادية وتعيين مجلس إدارة الهيئة الناظمة لزراعة نبتة الحشيشة. استفزاز ما بعده استفزاز وضرب للميثاقية والشراكة والدستور”.

أضاف باسيل: “الأسوأ أن الأمر يحصل بسكوت من مرجعيات روحية وسياسية تدّعي الحرص على موقع الرئاسة وتدعو الى الإسراع في انتخاب الرئيس. من كان مستعجلاً فعلاً لانتخاب الرئيس لا يسكت عن جلسات كهذه يتعمد الداعون اليها الاستمرار في سياسة تغييب الموقع حتّى يتسنى لهم ملؤه بمن يريدون أو يفرضون. الموضوع برسم كل الوزراء الميثاقيين في الحكومة وبرسم من يرفض تشريع الضرورة بسبب عدم جواز التشريع من مجلس نيابي شرعي بغياب الرئيس. فهل تجوز جلسات كهذه وقرارات كهذه ومراسيم كهذه بغياب الرئيس؟”.

موقف باسيل يناقض ما ذكر في بيان الهيئة السياسية لـ “التيار الوطني الحر” قبله بيوم، وهو بذلك يثبت عليه وعلى تياره ما يحكى عن تناقض المواقف، واستعمالها في الاعلام فقط، ومن أجل تمييع الحقائق، وكسب تصفيق الجمهور. باسيل غرّد بعد عودته من فرنسا، حيث كان الاهتمام المحلي واضحاً في زيارته، فقد استقبل 3 نواب سابقين أحدهم غرّد مادحاً فيه ومطبلاً له.

وبينما كان باسيل يغرّد، أكّد عضو تكتله النائب أسعد درغام، أنّ “التيار الوطنيّ الحرّ يقولُ إنّه يجب أن تكون هناك موافقة مسيحية تحت سقف بكركي على المرشّح، من دون أن يزعجَ الثنائيّ الشيعي”، لافتاً إلى أنّ “النائب ابراهيم كنعان لا يستفز الثنائي الشيعي، ولديه علاقات طيبة مع الجميع، وحق طبيعي عليّ أن أدعمه للوصول إلى الرئاسة”. وأشار إلى أنّ “اسم ابراهيم كنعان طُرح في التداول ولا يزال مطروحاً، وأي رأي لأي نائب في التكتل يقوله عن هذا الموضوع يبقى رأياً شخصياً، ما لم يصدر عن التيار بيان رسمي”.

وعلى خط المبادرات الرئاسية، أكد النائب غسان سكاف، في تصريح إذاعي “أننا بتنا في المرحلة النهائية لتسمية المرشح، الذي حاز على أصوات غالبية المعارضة، والذي سيلتزم به كلّ نائب أو فريق لم يُعلن عن مرشحه. قمت بزيارة واشنطن والتقيت كبار المسؤولين فيها كما انضممت الى الوفد النيابي اللبناني في باريس، وتواصلنا في الوقت نفسه مع كلّ فرقاء المعارضة والممانعة، ونحن نتابع الاتصالات والاجتماعات في اليومين المقبلين، على أمل الاعلان عن الاسم المتوافق عليه السبت أو الاحد”.

وكشف سكاف أن “التيار الوطني الحر متجاوبٌ أكثر مما يظهر في الاعلام، وسيتم التواصل مع اللقاء الديموقراطي كما جميع الفرقاء”، معتبراً أنّ “هذه الايجابية تتركز على أمرين: الدعم الخارجي للمبادرة والاتجاه الداخلي لكلّ أحزاب المعارضة للتوافق على اسم مرشح”. وأوضح أن مبادرته “ليست موجهة ضد مرشح الممانعة بل هدفها انجاز الاستحقاق بطريقة ديموقراطية”.

شارك المقال