حظي حفل زفاف ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبد الله الثاني باهتمامات الرأي العام اللبناني في ظل غياب أي تطور لافت على المسار الرئاسي، بانتظار أن تبدأ الكتل المعارضة بإعلان ترشيحها للوزير السابق جهاد أزعور تباعاً، آملة من “التيار الوطني الحر” المنقسم على نفسه أن يتبنى الترشيح رسمياً أيضاً. في الأثناء، أكّد أزعور أنه سيكون ملتزماً بالدستور ولن يسعى الى الحصول على وزراء له في الحكومة.
وعلى وقع التوافق المسيحي، وإثر عودته من فرنسا، صوّب البطريرك الماروني بشارة الراعي سهامه نحو رئيس مجلس النواب نبيه بري مطالباً اياه بفتح أبواب المجلس، بينما كان الأخير يرد على التهديدات الأميركية التي صدرت أول من أمس، بفرض عقوبات على معرقلي الاستحقاق الرئاسي، ملمحة إلى الثنائي الشيعي. وأكد بري في بيان أنه لن يفتح باب المجلس إلا حين يكون هناك مرشحان جديان على الأقل. وفي سياق الضغط الاضافي على الثنائي، اتهم القضاء العسكري خمسة عناصر من “حزب الله”، أحدهم موقوف، بجرم القتل عمداً في الاعتداء على دورية للكتيبة الايرلندية العاملة في قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان، والذي أسفر عن مقتل جندي إيرلندي.
وكانت انتشرت معلومات إعلامية أن أزعور طمأن في اتصال مع النائب ياسين ياسين أنه سيكون رئيساً بلا وزراء ولا نواب ولا حصص، كما اعتبر أن الكثير من الملفات المرتبطة بـ “حزب الله” والقرارات الدولية والداخلية بحاجة إلى حوار بين كل الأطراف. كلام أزعور يضرب كل ما حاول تثبيته “التيار الوطني الحر” خلال عهد الـ 6 سنوات، ويضرب نظرية “الرئيس القوي”، فهل يمكن أن يقبل به أعضاء التيار بعد حروب خاضها خلال فترة العهد؟
وبدأت المعارضة تشيع أجواء عن الأصوات التي سيحظى بها أزعور، فقد أشار عضو كتلة “الجمهورية القوية” فادي كرم الى أن “من المفترض أن مرشحنا جهاد أزعور لديه القدرة على تأمين أكثر من 65 صوتاً”، لافتاً الى أن “خليّة فرقاء المعارضة تعقد اجتماعات يومية، للبحث في طريقة إعلان تبنّي ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور خلال أيام وبالتنسيق مع التيار الوطني الحرّ، من أجل أن نكون فريقاً واحداً متماسكاً لمقاربة المعركة الرئاسية والضغط على الرئيس نبيه بري بهدف الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس في أسرع وقت”.
وبينما توحي المعارضة بأن التوافق تم مع “التيار الوطني الحر”، لا يبدو أن تكتل “لبنان القوي” قد حسم أمره بعد، بل يظهر أن الانقسام سيد الموقف، ولم يستطع الرئيس السابق ميشال عون فرض خيارات رئيس التيار جبران باسيل على أعضاء التكتل، الذي خسر أحد أعضائه، وهو النائب محمد يحيى بانضمامه إلى تكتل “التوافق الوطني” الذي أعلن عنه أمس، فيما تقول معلومات “لبنان الكبير” أن عدداً كبيراً من نواب التيار لن يقبل السير بأزعور، لما يعنيه من دفن اتفاق مار مخايل كلياً، ويعتبر المعترضون أن خسارة التيار لـ”حزب الله” ستكون مضاعفاتها على التيار أكبر بكثير من وصول سليمان فرنجية الى الرئاسة.
وبعد عودته من جولته على الفاتيكان وباريس، أعلن البطريرك الراعي بدء حراك جديد لإحداث خرقٍ في الملف الرئاسي، وستكون له لقاءات مع القوى السياسية ليضعها في أجواء جولته. وشدد الراعي أمام وفد من نقابة الصحافة على أنه “لا يحقّ لأحدٍ أن يلعبَ بمصير اللبنانيين، والشعب ليس بدجاج ولا بقطيع، ولا أحد يحقّ له هدم لبنان، فأصبحنا مسخرة الدول بسبب بعض السياسيين”، معتبراً أن “على رئيس مجلس النواب الدعوة إلى جلسة قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئيس، ولكن نحن نتميّز بمخالفة الدستور”.
كلام الراعي لم يمر من دون تعليق من المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، الذي أصدر بياناً توجه فيه إلى البطريرك بالقول: “نحن شركاء وطن وصناع سيادة وحماة دولة وبلد ولسنا عبيداً، ولبنان يصنع في لبنان وليس في الطائرة، والسيادة الوطنية على أبواب مجلس النواب وليست بالأوراق المحمولة جواً، وتاريخ لبنان شاهد”. وشدد على أن “لبنان ومرشح سيادته الرئاسي لن يكون إلا في مجلس النواب رمز السيادة اللبنانية وبمقدار المصالح الوطنية، وصبرنا طويل ووطنيتنا مضرب مثل ونحن في موقع القوة الوطنية التي يشهد لها العالم”.
وبينما لم يرد بري على الراعي، إلا أنه رد على التهديدات التي أصدرتها أول أمس مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى بربارا ليف، وجدد في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي التأكيد أن “أبواب المجلس النيابي لم تكن ولن تكون موصدة أمام جلسة إنتخاب رئيس للجمهورية، في حال أعلن عن ترشيحين جديين على الأقل للرئاسة وخلاف ذلك من تشويش وتهديد لا يعود بفائدة ولا ينفع لا سيما مع رئيس المجلس”.
وقالت أوساط متابعة للتطورات الرئاسية لموقع “لبنان الكبير” إن “فرنسا لا تزال على موقفها، وترى أن أنسب حل لانهاء الفراغ الرئاسي هي مبادرتها، بينما أميركا تستعجل عقد جلسة نيابية يكون فيها سليمان فرنجية وجهاد أزعور مرشحين متنافسين، وبالتالي يسقط الاثنان معاً، لتبدأ أميركا بالتسويق لقائد الجيش جوزيف عون للرئاسة كمرشح تسوية، إلا أن هذا الأمر انتبه إليه الثنائي الشيعي، والرئيس بري ليس بوارد الدعوة إلى جلسة لحرق الأسماء، هو يريد جلسة منتجة فعلاً، تخرج برئيس جمهورية للبلاد”.
من جهة أخرى، استقبل الرئيس بري قائد الجيش في عين التينة، وأفيد أن التوافق بين بري وعون تم على توقيع مرسوم ترقية ضباط من رتبة عقيد الى عميد أي دورة العام ١٩٩٤وترقيات دورتي ١٩٩٥ و١٩٩٦. ويأتي هذا الاتفاق بعد أن كان الملف موضع خلاف بين الرئيس نبيه بري وميشال عون طيلة فترة العهد.
إلى ذلك، تلقى وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، رسالة من شركة تسويق النفط العراقي التابعة لوزارة النفط تبلغه بالمضي قدماً في مضاعفة كمية الفيول أويل الشهرية المخصصة للبنان بموجب الاتفاقية السارية المفعول من 80 ألفاً الى 160 ألف طن ابتداء من شهر تموز.
قضائياً، أصدر قاضي التحقيق العسكري الأول فادي صوان، قراراً اتهم فيه “عناصر تنتمي إلى حزب الله بتأليف جماعة من الأشرار، وتنفيذ مشروع جرميّ واحد”. وأكّد صوان أن “أفعالَ كلّ من الموقوف محمّد عيّاد وأربعة فارين من وجه العدالة تنطبق على الفقرة الخامسة من المادة 549 من قانون العقوبات اللبناني والتي تنصّ على أنه إذا ارتكب جرم على موظّف رسمي أثناء ممارسته الوظيفة أو في معرض ممارستها أو بسببها يعاقب بالاعدام”.