إنسحب مرشح قوى المعارضة لرئاسة الجمهورية النائب ميشال معوّض من الساحة بعد التقاطع الذي جمع هذه القوى مع “التيار الوطني الحرّ”، وبإنسحابه هذا أكد التوافق العوني – القواتي على المرشح الجديد الوزير السابق جهاد أزعور، مفسحاً المجال لهذا الأخير ولاستكمال المعركة “من دون تعب” كما وصفها، وبعدما إقتنع بأنه لن يؤمن الـ65 صوتاً التي حارب من أجلها خلال الأشهر السبعة السابقة. لم يفاجئ انسحاب معوض أحداً لأنه كان متوقعاً وربما تأخر في الاعلان عنه. وفيما اجتمع ممثلون عن كل أطراف المعارضة في دارة معوّض أمس، رحبّت أوساط تابعة لـ “اللقاء الديموقراطي” عبر “لبنان الكبير” بتوافق “التيار” و”القوات”، معتبرةً أن “هذا تقاطع مصالح وليس بمشروع سياسي، والمبدأ الأساس والأهم أن هناك فريقاً ثانياً لديه مرشح يدعى سليمان فرنجية يتوجب علينا التحاور معه اليوم”.
وبعدما نطقها بجرأة رئيس “التيار” جبران باسيل وأعلن تأييده أزعور على الرغم من رفض “حزب الله” له، وصفت مصادر المعارضة خطاب باسيل بـ “الايجابي”، مشددةً على وجوب “أن نبقى متمسكين بهذا الترشيح وليس أن تمر المرحلة وبعدها نسقط هذا المرشح ونذهب الى آخر، وطالما إتفقنا عليه سنبقى متمسكين به لأنه يُشكل مساحة تلاقٍ واسعة ونأمل أن يتخلى طرف الممانعة عن منطق الفرض”.
وبعدما كثر الكلام عن نجاح المعارضة في إسقاط فرنجية والسير في المرحلة المقبلة بقائد الجيش جوزيف عون خصوصاً وأن “القوات” لا تمانعه، أكدت المصادر عينها أن “هذا الموضوع ليس مطروحاً بهذا الأسلوب واليوم إلتقينا مع التيار على أزعور وهذه المرحلة لهذا الأخير، أما بالنسبة الى التحليلات والتخيلات الأخرى فهي غير واردة وغير مطروحة في هذه المرحلة”.
وبينما بات واضحاً موقف المعارضة من أزعور، لا تزال الأنظار شاخصة على “اللقاء الديموقراطي” الذي سيعلن موقفه الرسمي بعد إجتماعه غداً الثلاثاء. ووصفت أوساط المعارضة أجواء “التقدمي” بـ “الايجابية” خصوصاً وأن هناك إحتمالاً كبيراً لتبنيه ترشيح أزعور.
وفي هذا السياق، لفتت مصادر نيابية تابعة لـ “اللقاء الديموقراطي” عبر “لبنان الكبير” الى “أننا كلقاء ديموقراطي نحبذ مصلحة الوطن وإجماع الوطن والتوافق على إخراج البلاد من المأزق الذي تعاني منه، والأزمة الاقتصادية الاجتماعية أكبر بكثير من الحسابات السياسية الضيقة والطائفية المذهبية”، معتبرةً أن “أي مخرج يؤمن الاصلاحات للبلاد ويصب في المصلحة الوطنية ويلبي حاجات المرحلة وأهمها الاقتصاد سنمشي به”.
وفي ظل توافق المعارضة و”التيار” على أزعور وإعتباره مرشح تلاقٍ وسطي غير إستفزازي لأي مكوّن في البلاد وأنه قادر على التواصل مع جميع الفرقاء وليس بمرشح مناورة كما يصفه “حزب الله”، تمسك فريق الممانعة بموقفه، رافضاً أزعور جملةً وتفصيلاً، بحيث أشار عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق الى أن “التوافقات البتراء لا توصل لبنان الى أي نتيجة لأن التوافق لا يستقيم الا بجناحي الوطن”. ووافقه الرأي عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله الذي رأى أن “دور المجلس النيابي انتخاب رئيس لكل اللبنانيين، وليس رئيساً لفريق سياسي نهجه الفرض والإلغاء، فهم يجيزون لأنفسهم ترشيح من يريدون، وعندما تدعم كتل أخرى صديقاً لنا يسمون ذلك فرضاً، لأن عنوان معركتهم هو رفض الرئيس القادر على التواصل مع الجميع محلياً وخارجياً، وفرض الرئيس الذي يحمل صفة المواجهة، ويجرون لمن يرشحونه اختبارات حول استعداداته لهذه المواجهة وعلى أساسها رشحوه، وهم يتوهمون أنهم بذلك يمكنهم أن يوصلوه إلى الرئاسة، ونقول لهم لا تتعبوا أنفسكم وتهدروا الوقت، فلن يصل مرشح التحدي والمواجهة إلى بعبدا أياً يكن اسمه”.
وبعد عودة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي من الخارج، أوفد السبت الماضي رئيس أساقفة بيروت المطران بولس عبد الساتر للقاء الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله في اطار المشاورات والاتصالات التي بدأها مع الأطراف اللبنانية كافة، كعملية لتسهيل اتمام الاستحقاق الرئاسي وإنهاء الفراغ القاتل في سدّة الرئاسة الأولى. وأفادت المعلومات أن نصر الله استقبل المطران عبد الساتر موفداً من البطريرك الراعي والذي أبلغه ما سمعه البطريرك عن ضرورة التحاور مع القوى غير المسيحية و”حزب الله” تحديداً لإنتخاب رئيس للجمهورية لكل لبنان. وسيستكمل عبد الساتر جولته على القوى السياسية كافة.
وقال الراعي في عظة الأحد: “لو استحضر المسؤولون السياسيّون الله، بحسب رتبهم، لكانوا انتخبوا رئيساً للجمهوريّة ضمن فترة الشهرين السابقة لنهاية عهد الرئيس العماد ميشال عون وفقاً للمادّة 73 من الدستور، ولو يستحضرون الله اليوم بعد مضيّ ثمانية أشهر على فراغ سدّة الرئاسة، وأمام الإنهيار الكامل سياسيّاً واقتصاديّاً وماليّاً واجتماعيّاً، لسارعوا إلى التفاهم والتوافق على انتخاب رئيس يحتاجه لبنان في الظروف الراهنة. فإنّا نبارك كلّ خطوة في هذا الاتجاه بعيداً عن المقولة البغيضة: غالب ومغلوب بين أشخاص أو بين مكوّنات البلاد، فهذا أمرٌ يؤدّي إلى شرخ خطير في حياة الوطن، فيما المطلوب وحدة لبنان وشعبه وخيرهما”.
أما متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة فرأى “أننا بحاجة إلى رجاحة العقل وبعد النظر، إلى حسن النية وسعة الصدر، فالتعطيل لم يعد يجدي والإستعلاء والهيمنة لا يقودان إلى مكان آمن بل يولدان ردة فعل سلبية ضارة، ومن هنا ضرورة التعقل وتقديم المصلحة العامة على كل مصلحة”.