قرنة لبنان… بين الحداد والقضاء

لبنان الكبير

تجاوز الشمال خصوصاً ولبنان عموماً قطوع حادثة القرنة السوداء بعد استنفار عام للقوى السياسية لتطويق تبعات مقتل شابين من آل طوق في المنطقة التي تشهد نزاعاً عقارياً تاريخياً بين قضاءي بشري والضنية. وشيّع الشابان في مأتم مهيب في مسقط رأسهما بشري، حضره عدد من الفاعليات على رأسهم البطريرك الماروني بشارة الراعي، وسط تشديد على الثقة بالأجهزة الأمنية والقضاء لكشف ملابسات الحادثة، في وقت شهدت فيه بلدة بشري حداداً عاماً وإقفالاً للمحال التجارية والمؤسسات السياحية.

وبينما مر قطوع القرنة السوداء، لا يبدو أن الحالة السوداء تتجه إلى الحلحلة، فالفراغ مستمر وسط شلل مستمر في الدولة بسبب إضراب موظفي القطاع العام مدّد حتى آخر تموز بناء على قرار من نقابة الموظفين. ونهاية تموز تصادف موعد الاستحقاق الأهم وهو انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وضبابية المشهد حول مرحلة ما بعده، وسط توجس شيعي من تحمل مسؤولية الحاكمية عبر النائب الأول خوفاً من نسيان سلامة ووضع اللوم على خلفه في أي تدهور إضافي في حال تسلم المهمة، فيما شهدت منصة “صيرفة” انخفاضاً ترافق مع انخفاض سعر الصرف في السوق السوداء، نتيجة تدفق الدولار الاغترابي.

في أولى المتابعات القضائية لملف مقتل الشابين في القرنة السوداء، أفيد أن قاضية التحقيق الأول في الشمال، سمرندا نصار، التي تتولى التحقيق شخصياً في الحادثة، استدعت المدير الطبي لمستشفى بشرّي الحكومي الدكتور ابراهيم مقدسي، للتحقيق معه اليوم الثلاثاء على خلفيّة التصريح الذي أدلى به الأحد عن الاصابات التي لحقت بالقتيلين، ونسف من خلاله نظرية القنص عن بعد، معتبرة أن هذا من شأنه تضليل التحقيق، ويُعتبر أيضاً خرقاً لسريته.

وقالت النائب ستريدا جعجع في تصريح: “منطقة بشرّي اليوم تواجه، ومتمسّكون بالسلم الأهلي وحريصون على القانون ويهمّنا معرفة الحقيقة وتسليم المجرمين بأسرع وقت”، مضيفة بعد مشاركتها في مراسم التشييع: “إتّصلت بقائد الجيش وأبلغني أنه لا يزال هناك حاجة الى إبقاء الموقوفين من بشرّي لبعض الوقت الى حين اتّضاح الصورة”.

وأكدت “أننا سنتابع الموضوع حتى النهاية للوصول الى حقنا في قضية القرنة السوداء بالقانون”، شاكرة “المفتي (عبد اللطيف) دريان على اتصاله واستنكاره الحادث الكبير كما رئيس الحكومة والنواب ومَن جاء من مناطق بعيدة للوقوف الى جانبنا اليوم (امس) على رأسهم البطريرك الراعي”.

وقال الراعي خلال ترؤسه مراسم الدفن في كنيسة السيدة في بشري: “نحن نؤمن بالدولة ونعرف حدودنا ونعرف القاتل وهذه ليست مجرد حادثة”. ودعا الى “ترسيم الحدود في منطقة القرنة السوداء وإنهاء الفتنة”، مطالباً بكشف “الفاعل أو الفاعلين والاقتصاص منهم”.

ولفت الى أن “شباب بشري يعلنون دائماً استعدادهم للحل، ونحن جميعاً تحت سلطة القانون العادل”، معتبراً أن “القضاء لو قام بعمله لما كنا وصلنا اليوم الى هذه المأساة، والخوف أن يستمر القضاء في تخاذله”.

وشدد النائب وليم طوق، في كلمته عقب مراسم الدفن، على أن “بشري لم تتعوّد في تاريخها على الغدر تماماَ كما لم نتعوّد نحن أن نغدر بأحد، ودماؤهما باتت الخط الأحمر لرسم حدود أرضنا التاريخية”. وقال: “لمن لا يعرفنا بعد نحن لا نفرّط بدم شهدائنا ولا نساوم على أرضنا وكرامة أهلنا و(ما تغلطوا) لأن دعوتنا لضبط النفس لا تعني أبداً التساهل وقرارنا واضح بأننا لن نرضى بأقل من توقيف مَن غدر بشهدائنا وحرّض على هذه الجريمة”.

وقدّم النائب طوني فرنجية واجب العزاء لأهالي الشابين في صالون كنيسة السيدة في بشري. وكتب عبر حسابه على موقع “تويتر”: “رهبة الموت لا يعلوها أي صوت، وحكمة أهلنا في بشري في التعاطي مع مصابهم الأليم يجب أن تُلاقى بتحقيق جديّ شفاف وسريع جداً يُحدد المسؤوليات ويظهر الفاعلين ويحقق العدالة. الرحمة لهيثم ومالك طوق والتعازي الحارة لذويهم ولأهلنا في بشري”.

وفي الموضوع الرئاسي، جدد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد دعوته الى “الحوار والتفاهم من أجل إنجاز الإستحقاق الرئاسي بأسرع وقت”، معتبراً أن ذلك هو “المعبر المتاح وطنياً ودستورياً في ظل عدم إمكان أي فريق أن يؤمن وصول مرشحه بمعزل عن تعاون الفريق الآخر”.

وقال خلال حفل تأبيني في بلدة جبشيت: “عندما ندعو الطرف الآخر الى الحوار إنما ندعوه بموجب دستوري فضلاً عن الموجب الوطني والأخلاقي، في حين نواجه دائماً بالطعن في النوايا وتحميل دعوتنا ما لا تحمله وذلك تضليلاً للرأي العام وافتراء علينا. من لا يريد الحوار ماذا يريد؟ انه لا يريد رئيساً بل فراغ يطول واستقواء بأجنبي يتوهم أن يدعم تعنته”.

أما وزير الاعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري فسأل خلال رعايته حفل افتتاح المؤتمر الاعلامي الأول الذي نظمه مكتب الاعلام المركزي في حركة “أمل” بعنوان “دور وسائل الاعلام اللبنانية في بناء الخطاب السياسي الإيجابي”: “لماذا نرفض اليد الممدودة؟ ولماذا نرفض التلاقي؟ ولماذا نرفض الحوار؟ تكثرالاسئلة، والجواب هو العناد ثم العناد ثم العناد، والعناد لا يبني أوطاناً، ولذلك يلعب الاعلام دوراً مركزياً ومحورياً في الدعوة الى التلاقي والحوار، كما يلعب دوراً في البعد والتفرقة”.

وكان عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب غياث يزبك أشار في تصريح إلى “أننا لا نزال على مرشحنا الوزير السابق جهاد أزعور”، موضحاً “لدينا اليوم رئيس مُنع من انتخابه من خلال تطيير النصاب، ولدينا بلوك لم يصوّت في الدورة الأولى لكنه كان سيصوّت في الدورة الثانية وبالتالي تأمين العدد الكافي من الأصوات”.

وعن دعوات “حزب الله” الى الحوار، قال يزبك: “يستدرجوننا الى حوار شراء الوقت، لاتهامنا بعد جلسات عدة من هذا الحوار، بالتعطيل وتجويع اللبنانيين والإصرار على مرشحنا ضد مرشحهم”.

حياتياً، وفي ظل استمرار اضراب موظفي القطاع العام، استقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وفداً من الاتحاد العمالي العام برئاسة بشارة الأسمر الذي قال: “اجتماعنا مع دولة الرئيس ميقاتي هو لمناقشة أوضاع العاملين في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة والمستشفيات الحكومية والبلديات وتلفزيون لبنان وأوجيرو، واهراءات القمح في مطار بيروت لاعطائهم حقوقهم وخصوصاً في ما يتعلق بمرسوم بدل النقل 450 ألف ليرة لبنانية عن الحضور اليومي”.

وكان ميقاتي رأس اجتماعاً في السرايا خصص للبحث في وضع مطار رفيق الحريري الدولي، شارك فيه الوزراء والمدراء العامون المعنيون. وبعد الاجتماع، فنّد وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية الاجراءات التي اتخذ القرار فيها من أجل تنظيم عمل المطار وتسييره وتسريعه بصورة فاعلة.

شارك المقال