نيابة الحاكم تستفحل… و5+1 للبنان

لبنان الكبير

على الرغم من أن بيان نواب حاكم المصرف المركزي أول من أمس هو للضغط، إلا أنه تسبب بتعليقات وردود مختلفة تطالبهم بتحمل المسؤولية وذلك خوفاً من الفراغ في واحدة من أهم المؤسسات المتبقية في الدولة، ويبدو أن الفراغ يفرّخ فراغاً، تحديداً في الملف الرئاسي الذي يعاني من غيبوبة كاملة، إلا إذا حصلت معجزة أو استطاعت جرعة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان أن توقظه من سباته حين يعود، وقد تردد أن عودته ستتأخر، لأنه سيجول على الدول المعنية بالشأن اللبناني قبل أن يحط رحاله في بيروت. ويدور الحديث في الأروقة السياسية عن أن معالجة الوضع اللبناني ستكون على شاكلة الاتفاق النووي السابق مع ايران عبر منهج 5+1، إلا أن الوضع اللبناني لا يحتاج إلى كل الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس أمن الأمم المتحدة، بل إلى دول اللقاء الخماسي الولايات المتحدة وفرنسا ومصر وقطر والسعودية، وستضاف إليها أيضاً ايران، لاجتراح حل للأزمة اللبنانية، التي استعصت حتى على الدعاء.

ومن الطبيعي أنه عندما تنهار الدولة ينهار معها الأمن الاجتماعي الذي على الرغم من كل جهود القوى الأمنية، إلا أنه لا يمكنها ضبط الوضع 100%. فبعد حادثة القرنة السوداء، التي راح ضحيتها شابان من بشري، فتح مسلح النار على مصلين خارجين من صلاة الجمعة في أحد جوامع منطقة بر الياس البقاعية، ما تسبب بمقتل شخص وجرح 5 آخرين، فيما أفاد مصدر خاص لموقع “لبنان الكبير” أن مطلق النار أصيب في قدميه بعد اشتباك مع الجيش وجرى توقيفه، ومع أن المعلومات الأولية تفيد بمعاناة المجرم من اختلالات عقلية، إلا أن هذه الحادثة تعكس مدى تفلت السلاح في البلد.

لم يعد تفلت السلاح المشكلة الوحيدة في البلد، بل تفلّت الطموح أيضاً، بحيث يحلو لوزير الداخلية من أجل طموحه في الوصول إلى رئاسة الحكومة أن يتخذ قرارات تساهم في تدمير مؤسسة قوى الأمن الداخلي. وعلى الوزير أن يدرك أن “المناصب لو دامت لغيره لما آلت إليه”، بينما مؤسسة قوى الأمن الساهرة على أمن البلد والمواطن ستبقى من بعده. فبعدما اعترف بأنه قدم اعتماداته الى رئيس “التيار الوطني الحر” سابقاً لتسهيل مروره إلى الوزارة، أخلّ هذه المرة باتفاقه مع المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان من دون أي مبرر، وأول التكهنات أنه يحاول تقديم أوراق اعتماد الى “حزب الله”، باجتهاد منه أو لأنه ربما سمع همساً كي يقدم على خطوته وارسال كتاب إلى المدير العام لقوى الأمن الداخلي مخالفاً ما كان قد اتفق به مع اللواء عثمان، ما استدعى تدخل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وابتداع حل يحفظ ماء وجه الوزير بإلغاء مفاعيل كتابه.

على صعيد حاكمية مصرف لبنان، صدر بيان عن نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي أكد فيه اتفاقه مع بيان نواب الحاكم بشأن الحاجة الضرورية الى تعيين حاكم جديد، إلا أنه أشار إلى أن البيان استوقفه عند نقطتين مثيرتين للتساؤل، قائلاً: “أولاً، التهديد بالاستقالة الذي ينطوي عليه البيان خطير للغاية في هذا المنعطف الحرج والوقت العصيب الذي يمر به البلد. يشير البيان الى المادة 18 من قانون النقد والتسليف التي تنص على آلية تعيين حاكم جديد في حال شغور هذا الموقع، ولكن في الوقت نفسه يتجاهل المادة 25 منه التي تقول بوضوح شديد بأن يتولى النائب الأول للحاكم مسؤولية الحاكم عند الشغور. ولا يمكن أن ننتقي ونختار من القانون ما نشاء. ثانياً، إن القول بعدم وجود خطة إنقاذ حكومية أمر صادم نظراً الى وجود هذه الخطة ولأن مصرف لبنان كمؤسسة كان جزءاً من الفريق الذي شارك في اعدادها ومناقشتها والاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي. نعم، نحن بحاجة إلى حاكم جديد لمصرف لبنان، لكن على نواب الحاكم تحمل مسؤوليتهم في حالة تعذر هذا التعيين”.

ورأى الوزير السابق زياد بارود أن “البيان يهدف إلى حض السلطة السياسية على تحمل مسؤولياتها، ولا تلغي مسؤولية نواب الحاكم، الذين أقسموا اليمين أمام رئيس الجمهورية وعليهم أن يقوموا بواجباتهم”، مستبعداً “ذهابهم إلى استقالة جماعية، تؤدي إلى الفراغ على مستوى المجلس المركزي ككل ولا تفيد الحالة النقدية الصعبة التي يعيشها لبنان”.

أما مستشار رئيس الحكومة الوزير السابق نقولا نحاس فكشف عن “تحرك لرئيس الحكومة خلال الأسبوعين المقبلين للحوار مع الفرقاء للوصول إلى مخرج”، موضحاً أن “هناك مخارج متعددة منها التعيين أو تسليم النائب الأول للحاكم، وإذا لم يتم التوافق على المخرجين المطروحين فهناك مخرج جديد سوف يُدرس”. واعتبر أن “من المبكر اقتراح التمديد للحاكم الحالي”، لافتاً إلى درس آلية جديدة تعطي الثقة للمصارف والمؤسسات.

على الصعيد السياسي، لا تزال الأمور على حالها، وقد انتقد إمام جامع الصفا المفتي الشيخ حسن شريفة “سياسة التراشق الإعلامي”، معتبراً أنها غير مبررة، “ويزيدون على ذلك بقصفهم السياسي العشوائي على المؤسسات التي تعمل لضرورة تسيير أمور الناس وتأمين مصالحهم وحفظ أمنهم ومنها قيادة الجيش ومعها المؤسسات الأمنية الأخرى وأيضا التصويب السلبي على اجتماعات الحكومة أو مجلس النواب وكأن المطلوب إحراق ما تبقى من البلد”.

وشدد رئيس الهيئة الشرعية في “حزب الله” الشيخ محمد يزبك على وجوب “الخروج من هذا الضياع والواقع المأسوي بصحوة ضمير ووقفة مسؤولة”، داعياً إلى “المبادرة للخروج من الفراغ الذي لم يعد يطاق، باللقاء والحوار والتفاهم على انتخاب رئيس للجمهورية حتى تنتظم المؤسسات وتمسك الدولة بزمام أمرها”.

شارك المقال