حماوة حدودية… موت رئاسي

لبنان الكبير

أخذت الأوضاع بين “حزب الله” وإسرائيل أبعاداً خطيرة في الآونة الأخيرة، بحيث بدأت مع قصة الخيم التي أقامها الحزب في أعالي كفرشوبا وأثارت مخاوف إسرائيل قبل أسبوعين تقريباً، وزادت تأزيماً مع قضم الأخيرة الجزء الشمالي من قرية الغجر التي هي أرض لبنانية، ما دفع الحزب الى توجيه تهديد بالقيام بعمل عسكري وأمني ضد إسرائيل. وعلى الرغم من التطورات، لا يزال الداخل يتخبط في مسألة الانتخابات الرئاسية بانتظار عودة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان محملاً باقتراح طاولة حوار، لكن هذا الحوار يبدو منذ اليوم أنه سيكون بمثابة حوار طرشان.

ويبدو أن إسرائيل اتخذت القرار بإزالة خيمة “حزب الله” بالقوة وأن جيشها يستعد للمعركة على عدّة جبهات وفقاً لما أشارت اليه القناة الاسرائيلية 24، مقابل تهديد الحزب بشن عمل عسكري أو أمني ضدها إن لم تتراجع عن قرار ضم الجزء الشمالي من قرية الغجر.

وعلى خلفية الاجراءات الاسرائيلية في قرية الغجر، توجه أمس النواب ملحم خلف، نجاة عون، ياسين ياسين، الياس جرادي وفراس حمدان، إلى الجنوب ووقفوا على مشارف القرية وتوجهوا الى المعنيين بالقول: “نحن نواب الأمة نقف هنا على مشارف قرية الغجر المحاصرة، على الحدود اللبنانية – السورية، لنقول جهاراً لكل العالم إن قضم العدو الاسرائيلي للجزء الشمالي من بلدة الغجر هو عدوان بالغ الخطورة على لبنان وإمعان في الاعتداء المتمادي على السيادة اللبنانية وانتهاك صارخ لكل المواثيق والقرارات الدولية، الأمر الذي لا يمكن السكوت عنه ولا يمكن تجاهله”.

داخلياً، الحوار هو المطلب الأساس للثنائي الشيعي خلال هذه الآونة وتحديداً بعد الجلسة الأخيرة التي عقدها المجلس النيابي في 14 حزيران الماضي وبرهنت على أن حظوظ مرشحه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية شبه معدومة، ولهذا لجأ الى هذه المطالبة المتكررة علّها توصله الى الطريق الصحيح وإنتخاب رئيس للجمهورية قبل مواجهة المزيد من الاستحقاقات والشغور في مؤسسات الدولة، وهذا ما ظهر أمس على لسان نواب هذا المحور وكأن الأمر جاءهم بمناشدة هذا الطلب في كل إطلالة لهم، مع العلم أن الاتصالات والرسائل المباشرة وغير المباشرة بينه وبين فريق المعارضة لم تتوقف يوماً، وهذا ما أكدته مصادر “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” عبر موقع “لبنان الكبير”.

وأوضحت أوساط “القوات” أن “التواصل موجود بين الفريقين ولكن الآفاق مسدودة، والحوارات الثنائية ليست بحاجة الى تسهيلها من أي طرف لأنها تحصل في كل الأوقات، وكل الأطراف تتواصل مع بعضها البعض إما مباشرة أو غير مباشرة، لكن كل هذه المفاوضات تقف أمام محور الممانعة الرافض اللجوء الى الدستور اللبناني”.

وأشارت هذه الأوساط الى أن “المبادرات الخارجية ترتبط بحسابات خارجية وبمصالح الدول بين بعضها البعض، وما يخصنا كلبنانيين من إستحقاقات نعلم كيفية معالجتها مع بعضنا، واليوم الثنائي الشيعي يحاول الاتكال على الأطراف الخارجية للوصول الى اتفاق دوحة جديد ليتمكن من تثبيت مواقع جديدة له في الدولة”، معتبرةً أن “من البديهي بعد إتمام الاستحقاق الرئاسي القيام بحوارات لتأليف الحكومة ولتسهيل عملها”.

ووسط هذه الأجواء، رأى عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق، أن “لبنان يمر بمرحلة حساسة واستثنائية تحتاج إلى قرارات مسؤولة وشجاعة لإنقاذ البلد ووقف الانهيار والتخفيف من معاناة اللبنانيين، وهذا لا يكون إلا بالحوار والتوافق والتلاقي، وأما رفض الحوار، فهذا يعني الاصرار على التعطيل والتأزيم وتضييع الوقت وهدر الفرص، وهذا ما أوصل البلد إلى حالة من الجمود”.

وأكد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، أن “المعبر الإلزامي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في ظل المعطيات والظروف الراهنة، هو الحوار للتفاهم حول هذا الأمر، وبديل ذلك هو تضييع للوقت، وهدر لمصالح البلاد والعباد”.

فيما اعتبر رئيس الهيئة التنفيذية لحركة “أمل” مصطفى الفوعاني أن “الحوار والتلاقي بين اللبنانيين والتفاهم هو المدخل الأساس لحل كل القضايا الخلافية”.

وربطاً بهذه المطالبات، رأت مصادر تكتل “لبنان القوي” أن “هناك حالة مراوحة غير واضحة، فالحوار على ماذا سيكون وكيف سيجري؟”، مؤكدةً أن “هناك تواصلاً مع جميع الفرقاء ولكن كل طرف لا يزال متمسكاً برأيه، ونقل رسائل معينة لا يتوقف ولكن حتى الآن ليس هناك خرق في جدار الأزمة”.

ولفتت المصادر الى أن “بعض اللقاءات السياسية مع الجانب الفرنسي أكدت انشغالهم بأوضاعهم الداخلية، والمبعوث الفرنسي الخاص جان إيف لودريان يعدّ لطاولة حوار بين اللبنانيين ولن تكون هناك أي مبادرة جديدة بل دعوة الى حوار يجمع القوى السياسية كافة، وليس هناك إسم في جولته الثانية وهذه لن توصلنا الى أي مكان”.

الى ذلك، توجه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الى النواب بالقول: “يوجد لديكم مرشّحان مارونيّان محترمان لرئاسة الجمهوريّة، فادخلوا المجلس النيابيّ وانتخبوا واحداً منهما رئيساً وفقاً للدستور الذي ينصّ في مقدّمته على أنّ لبنان جمهوريّة ديموقراطيّة برلمانيّة”، مضيفاً: “إذا لم يُتنخب أحد منهما بعد 3 دورات متتالية على الأقلّ، فاحتراماً لكرامتهما، عندئذ تتحاورون لإيجاد مرشح ثالث غيرهما. ويكفيكم إضاعة الوقت والمؤسّسات تتساقط الواحدة تلو الأخرى بانتظار الإلهام من الخارج كقاصرين”.

أما متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده فاعتبر أن “على الدولة أن تعي مخاطر إهمال ما يطال حياة الناس لأن الإهمال قد يؤدي إلى جريمة، وعدم محاسبة المجرمين يؤدي الى الفوضى وربما أبعد”.

شارك المقال