لبنان “رهينة” المبعوثين

لبنان الكبير

يعيش لبنان حالة جمود سياسية بانتظار عودة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان المرتقبة، بينما ترجح معلومات “لبنان الكبير” أن مبعوث الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين الذي زار تل أبيب لتهدئة التوترات مع “حزب الله”، قد يمر على لبنان، وسيحمل في جعبته سلسلة تمنيات للسياسيين اللبنانيين لعقد طاولة حوار تضم الجميع وبمباركة فرنسية، وفي حال لم يزر لبنان بعد زيارة تل أبيب مباشرة، فهو حتماً عائد في آب للاشراف على بدء العمل بانطلاق عمليات الحفر في البلوك 9، وقد ينقل رسائل إدارته في حينها، ومن غير المعروف إن كانت زيارة هوكشتاين إلى لبنان ستتزامن مع وجود لودريان، بحيث يصبح مستقبل لبنان بين مبعوثين.

الحوار المتوقع حصوله، سيكون بين الأطياف اللبنانية، ولا يبدو أنه سينحصر بالملف الرئاسي فقط، بحيث علم “لبنان الكبير” أن مرجعية سياسية تسأل في مجالسها الخاصة: كيف يمكن عقد حوار بين الأطياف اللبنانية في ظل غياب أحد المكونات؟ وتقصد هنا الرئيس سعد الحريري. وتؤكد المرجعية أن حواراً من هذا النوع لا يمكن أن يحصل من دون تمثيل حقيقي للمكون السني. وقد أدت تساؤلات المرجعية إلى توقعات لدى بعض القوى السياسية بعودة قريبة للرئيس الحريري، من دون أن تكون هناك مؤشرات فعلية منه أو من تيار “المستقبل” على ذلك، فيما تشدد المرجعية على أن الاستحقاق الرئاسي يسير بطريقة سلسة أكثر بوجود الحريري.

أما لودريان، فمن المتوقع أن يتعرض بعد عودته الى وابل من المساءلة اللبنانية حول القرار الأوروبي المتعلق ببقاء اللاجئين السوريين في لبنان، وقد علم “لبنان الكبير” أن أكثر من فريق سياسي يحضر مطالعة طويلة بهذا الملف مع لودريان، وسيُسأل كيف يمكن بحث موضوع بقاء اللاجئين في لبنان في ظل المعاناة مع الأزمة الاقتصادية الخانقة؟ ولن يمكن للبنان طرح خطة للتعافي الاقتصادي في ظل وجود هذا الكم الهائل من اللاجئين لديه.

وعلى صعيد الحوار، يبدو أن حزب “القوات اللبنانية” لا يريد حتى اللحظة المشاركة فيه، وهذا سيشكل تحدياً أمام لودريان، إلا أن قوى سياسية عدة ترى أن موقف “القوات” تصعيدي في وجه فرنسا، كي لا يكون الحوار لمصلحة “حزب الله”، لدفع المبادرة الفرنسية التي تقضي بالتبادل بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، ولكن من المؤكد أن “القوات” لن يغيب عن حوار يجمع كل الأطراف اللبنانية في النهاية.

أما البطريرك الماروني بشارة الراعي فقد أدان التعطيل والتطاول على الدستور، معتبراً أن في لبنان “تُهدم السلطة بعدم انتخاب رئيس للجمهوريّة، على الرغم من وجود مرشّحين إثنين أساسيّين ظهرا في آخر جلسة انتخابيّة. ولسنا نفهم إلى الآن لماذا تمّ تعطيل الدورة التالية الدستوريّة، ولماذا لم يعد يدعى المجلس النيابيّ إلى إكمال دوراته، فيما المؤسّسات العامّة تتساقط الواحدة تلو الأخرى، والشعب يزداد فقراً وقهراً، وتدبّ الفوضى وتكثر الرؤوس، والأزمة الماليّة والاقتصاديّة والتجاريّة تتفاقم”.

وتساءل الراعي: “لمصلحة من تحتجز رئاسة الجمهوريّة عندنا رهينة؟ ومن يحرّرها؟ ومن له السلطان على بتر رأس الدولة؟ أين الدستور وأين القانون، وأين العدالة؟”، قائلاً: “بالنسبة إلينا، فإنّا ندين ونشجب كلّ هذا الإداء والتعطيل والتطاول على الدستور والقانون، والدولة واللعب بمصيرها ومصير شعبها”.

ولا يزال قرار البرلمان الأوروبي يتفاعل لدى مختلف الأطياف اللبنانية في ظل غياب موقف رسمي من الحكومة اللبنانية. ورأى نائب المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب أن “الموقف المخزي للبرلمان الأوروبي حول النازحين السوريين يشكّل اعتداء على السيادة اللبنانية، وعلى الدولة القيام بالخطوات اللازمة في مواجهة هذا القرار وأمثاله فإن لبنان ليس مقراً ولكنه ممر، فليعطوا الحرية للسوريين أن يذهبوا حيث شاؤوا لا أن تكون الدولة اللبنانية هي حارس لمصالح الآخرين على حساب سيادة الوطن وقراره واستقلاله”.

وتوجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إلى القوى السياسية بالقول: “إن الاتحاد الأوروبي يتآمر على لبنان بخصوص النازحين، والبرلمان الأوروبي يتعامل مع لبنان كمنفى للاجئين، ويقود حملة دولية لوصم لبنان بالعدائية والكراهية والعنصرية، بخلفية إبقاء النازحين بعيداً عن حدائق أوروبا، التي أثبتت في هذا المجال أنها نازية وفاشية وطاغية، وذات استبداد لا نهاية له”. وأكد أن “المطلوب حماية لبنان من لعبة الأمم، وطريق بيروت – دمشق وسيلة إنقاذية استراتيجية، وكذلك العلاقة فوق العادة مع دمشق ضرورة حيوية لسوريا ولبنان”.

واعتبر المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل أن القرار الأوروبي “أقل ما يقال فيه إنه مجحف بشكلٍ متوازٍ بحق لبنان واللبنانيين وبحق سوريا والسوريين لكونه يضع عبئاً ناءت بحمله قارة مثل أوروبا وتريد أن تلقي بثقله على لبنان. هو يحرم السوريين من العودة الى أرضهم وبلدهم ويريد أن يضعهم في ظروف هي أشبه بالإقامة الجبرية على الأراضي اللبنانية لكي يضمن عدم تفكيرهم في التوجه الى البلدان الأوروبية عبر المتوسط. بئس القرار أن تضع مؤسسة التشريع الأوروبية اللبنانيين والسوريين أمام خيارات كلها ساقطة بمفهوم السيادة الوطنية والقوانين الدولية”.

وأشار عضو كتلة “الكتائب” النائب نديم الجميل الى أن “التزوير الذي يقوم به حزب الله واعلامه غطى على 13 بنداً تبنى فيها الاتحاد الأوروبي كل المواقف الوطنية والسيادية التي اتخذها حزب الكتائب وكل الأطراف السيادية في البلد منذ العام 2004 ولغاية اليوم، من القرار 1701، الى سلاح حزب الله الذي يعطل الحياة السياسية في لبنان، الى الرئيس نبيه بري الذي يعطل انتخاب رئيس والى الطقم السياسي الذي يعطل الحياة السياسية”.

على صعيد آخر، التقى المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر أمس، سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري. وأفاد بيان وزعه أبو حيدر بأن “اللقاء بحث في آخر المستجدات الاقتصادية في لبنان، وكانت فرصة لإعادة إحياء مشاريع الاتفاقات ومذكرات التفاهم المشتركة بين البلدين، والتي تضم ٢٢ اتفاقية على كل الأصعدة، لا سيما منها المتعلقة بتشجيع الاستثمارات وتحفيز التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين”.

شارك المقال