السعودية تضبط “الخماسية” لبنانياً… ولقاء الدوحة يهدد المعرقلين

لبنان الكبير

تعيش القوى السياسية حالة انتظار لحل الأزمات التي تسببت بها، تارة انتظار مبعوث فرنسي وتارة أخرى إشارة سعودية، والبعض ينتظر تدخلاً قطرياً مباشراً كما اتفاق الدوحة، وغيره ينتظر ضغطاً أميركياً، وكأن البلد يستطيع تحمل انتظار أن تضع الدول المعنية لبنان في سلم أولوياتها، بينما ملفات المنطقة والعالم هي الضاغطة على ديبلوماسيتها. وقد انتظرت هذه القوى اللقاء الخماسي الذي عقد في الدوحة أمس، متمنية أن يحدث خرقاً في جدار الاستحقاق الرئاسي الصلب، إلا أن البيان الذي صدر بعد اللقاء شدد على سيادة لبنان، والتزام النواب بواجباتهم، مع تهديد المعرقلين، فيما برزت فيه الديبلوماسية السعودية التي نجحت في تكريس لبنانية الاستحقاق.

وعلم موقع “لبنان الكبير” من مصادر متابعة للقاءات الخماسية بين الدول الصديقة للبنان، وآخرها الدوحة أمس، أن الديبلوماسية السعودية التي مثّلها السفير وليد بخاري في اللقاء، نجحت مرة جديدة في تكريس لبنانية الاستحقاق الرئاسي، عبر فرض العودة الى مندرجات “اتفاق الطائف” واحترام آليات الدستور في الاستحقاقات الدستورية.

وناقش المجتمعون في الدوحة اتخاذ اجراءات ضد المعرقلين للاستحقاق الدستوري، بينما حاول المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان الحصول على دعم الدول الأربع من المجموعة الخماسية من أجل مبادرته للحوار. ولم يأتِ البيان الختامي على ذكر الحوار، بل شدد على انتخاب رئيس بالأطر الدستورية، مطالباً القوى السياسية بتحمل مسؤولياتها، وهذا في مضمونه يعني أن مبادرة لودريان عرجاء، إلا إذا قررت فرنسا أن تكمل الطريق وحدها، كما فعلت في المرة السابقة بطرح المقايضة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، والتي باءت بالفشل.

وأهم ما أشار إليه بيان المجموعة الخماسية أنه تمت مناقشة اتخاذ اجراءات ضد أولئك الذين يعرقلون الاستحقاق الرئاسي، مع التشديد على التزام نواب البرلمان مسؤولياتهم الدستورية، بالاضافة إلى ضرورة انتخاب رئيس يلبي تطلعات الشعب اللبناني وتلبية احتياجاته الملحة، وينفذ الاصلاحات الاقتصادية لا سيما التي يوصي بها صندوق النقد الدولي. ولم ينسَ البيان أهمية الاصلاح القضائي، وتطبيق سيادة القانون لا سيما في ما يتعلق بتحقيقات انفجار مرفأ بيروت، بالاضافة إلى ضرورة تنفيذ الحكومة اللبنانية القرارات الدولية، إن كانت الصادرة عن مجلس الأمن أو جامعة الدول العربية، مشدداً على “الالتزام بوثيقة الاتفاق الوطني، التي تضمن الحفاظ على الوحدة الوطنية والعدالة المدنية في لبنان”.

وختم البيان: “تواصل كل من جمهورية مصر العربية والجمهورية الفرنسية ودولة قطر والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية دعمها الثابت للبنان وتتطلع إلى استمرار التنسيق بما يصب لمصلحة الشعب اللبناني”.

محلياً، لا يزال التراشق الاعلامي سيد الموقف، إن كانفي بملف الاستحقاق الرئاسي أو أي من الملفات الأخرى. فبعد أن شن “التيار الوطني الحر” حملة ضد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على خلفية المناقلات الديبلوماسية التي أجريت لموظفين في الفئة الثالثة في وزارة الخارجية، واتهمته باستهداف طائفة معينة، أعلن المكتب الاعلامي لميقاتي في بيان، أن “التيار الوطني الحر يستخدم كالعادة موضوع صلاحيات رئيس الجمهورية لتبرير حملته والايحاء للرأي العام بأن هناك استهدافاً لشريحة من اللبنانيين، ولكن المفارقة هذه المرة، أن الحملة استهدفت الوزير الممثل للتيار في الحكومة والذي يقاطع مع سائر وزراء التيار جلسات مجلس الوزراء”. وفيما فنّد البيان أن المناقلات أجراها وزير الخارجية ضمن صلاحياته ومن دون الحاجة إلى مجلس الوزراء، تساءل: “لو أن معالي وزير الخارجية وافق على تدخلات التيار في ما خص بعض الأسماء الواردة في قراره، هل كانت ستشن عليه وعلى رئيس الحكومة هذه الحملة؟ واستطراداً، فليتفضل مَن أوعز بشن هذه الحملة ويقودها ويثبت اذا كان دولة رئيس الحكومة قد تدخل في أي اسم من الأسماء الواردة في القرار”.

وردّاً على بيان رئاسة الحكومة، اعتبرت لجنة الاعلام والتواصل في “التيار الوطني الحر” في بيان، أن “لا حاجة الى تبيان ما يقوم به رئيس حكومة تصريف الأعمال من مخالفات دستورية ومن مدّ اليد على صلاحيات رئيس الجمهورية، وصولاً الى مسعاه المستميت لتعيينات الفئة الأولى. بيان ميقاتي يدين صاحبه بما يحمله من مغالطات وتناقضات تحمل في طياتها النوايا والأفعال العدوانية تجاه الدستور والميثاق وموقع رئاسة الجمهورية”.

واستباقاً لحوار لودريان وطروحه، أشار عضو تكتل “لبنان القويّ” النائب جيمي جبّور الى “أننا لا نقبل، انطلاقاً من مبادئنا الثابتة أن تُفرض علينا الأمور إن كان من الداخل أو من الخارج”. وأكد في حديث تلفزيوني، أنّ “موقفنا من رفض ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون مُعلن واتفاق الدوحة كان برعاية اقليمية ونرحّب بالجو المساعد للخارج ولكن اسقاط اسم لرئيس الجمهورية على الكتل النيابية مرفوض”.

وكان الرئيس السابق ميشال سليمان أصدر بياناً قال فيه: “الكتل النيابية كافة متمسكة بالطائف ولا تسعى الى تعديله وروح الطائف تنص على أخذ القرارات بالتوافق واذا تعذر فبالتصويت. نقطة توافق أساسية بين اللبنانيين، فلماذا نعطل انتخاب رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن خلافاً للمادة ٤٩؟”.

على صعيد آخر، تسلمت الأمانة العامة لمجلس الوزراء من وزارة المالية مشروع قانون موازنة العام 2023، وسيصار الى عقد جلسات متتالية لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل أولها يوم الاثنين في 24 الجاري. وكان وزير المالية يوسف الخليل قد رفع الى رئاسة مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2023، مقارناً مع قانون موازنة العام 2022 والفروق الحاصلة، وذلك لدرسه وإقراره وإحالته على المجلس النيابي وفق الأصول.

إلى ذلك، عقدت لجنة المال والموازنة جلسة برئاسة النائب ابراهيم كنعان لبحث وإقرار قانون الصندوق السيادي للنفط والغاز، في حضور وزير الطاقة وليد فياض وعدد من النواب. وعقب الجلسة قال كنعان: “ناقشنا تقرير اللجنة الفرعية للصندوق السيادي وأكدنا على ما تضمن من التزام باستقلالية ادارته وشفافية حساباته واستثماراته الخارجية، وسنعقد جلستين الخميس والاثنين لاقراره بصورة نهائية ورفعه الى الهيئة العامة ليكون جاهزاً قبل المباشرة بالتنقيب في منتصف شهر آب”.

شارك المقال