1 آب رهان يتجدد… منصوري يشترط… عين الحلوة ينزف

لبنان الكبير

1 آب، عيد يعني الكثير للبنانيين الذين يتطلعون الى جيشهم باعتباره مؤسسة نجحت، مع مؤسسات قليلة جداً، في تجاوز أزمات وحملات من كل الأصناف، وحافطت على تماسكها وعلى قدرتها في أن تبقى محل رهان لقيامة لبنان من قاع جهنم الذي أوصله اليه تحالف الفساد السياسي – المالي – الحزبي.

لكن الاحتفالات مؤجلة… فعين على الأمن وعين على الاقتصاد وعين على السياسة، هكذا تشّعبت الأحداث أمس في لبنان. لا تزال الاشتباكات مستمرة في مخيم عين الحلوة، وطالت الجوار من صيدا وضواحيها، ولم تنفع كل المحاولات لوقف اطلاق النار، إن كان من قيادات الفصائل الفلسطينية أو من الأحزاب اللبنانية التي دخلت على خط الوساطة، وسط تساؤلات عن كيفية دخول السلاح إلى المخيم، ومن كان خلف إشعال الاشتباكات هذه المرة وما الهدف الحقيقي منها؟

بسط سلطة الدولة على أراضيها كافة هو معنى السيادة، والمخيمات من هذه الأراضي، لكن الدولة بالكاد تستطيع إبعاد غزو الفراغ عن مؤسساتها، وقد فرغ أمس رأس سلطتها النقدية، بعد أن أنهى رياض سلامة حكم 30 عاماً في المصرف المركزي، وودع على وقع الزفة والأهازيج. وشدد على أن مصرف لبنان كان العمود الفقري لصمود لبنان خلال الأزمة. وفيما كان سلامة يغادر مودّعاً، كان نائبه الأول وسيم منصوري يؤكد في مؤتمر صحافي توليه المهمة، مشدداً على رفض المساس بالاحتياط الإلزامي، وعلى ربط الاصلاحات بالتشريعات من المجلس النيابي، خاتماً مطالعته المالية والنقدية بتأكيد أن الحل الوحيد لوقف اعتماد الدولة على المصرف المركزي هو في تحسين المالية العامة.

وبينما يبدو أن قطوع الفراغ في الحاكمية سيمر من دون أضرار، على الأقل في الفترة الأولى، لا يزال الفراغ الرئاسي هو سيد الساحة، وهذا ما يتفاوض عليه “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، إلا أن ما يطلبه التيار يعتبر مساً بدستور الطائف، فيما لم يأخذ الحزب بعد موقفاً واضحاً من مطالبه، التي ترفضها غالبية القوى السياسية، فهل سيتمكن الحزب من إعادة حليفه البرتقالي إلى بيت الطاعة قبل عودة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان في أيلول؟

ويحتفل الجيش اللبناني اليوم بعيده الثامن والسبعين، وقد وجه قائده العماد جوزيف عون أمر اليوم إلى العسكريين قائلاً: “اليوم، إذ نرى المؤسسة العسكرية تواصل أداء واجبها في ضمان الأمن والسلم الأهلي بكل عزم، على الرغم من السنوات الأخيرة الحافلة بالصعوبات، والواقع المعيشي الذي يلقي بثقله على العسكريين كما على سائر اللبنانيين، ندرك أن جهودنا وتضحياتنا ودماء شهدائنا وجرحانا تبذل دائماً في الاتجاه الصحيح، خدمة للمصلحة الوطنية دون سواها”.

أضاف: “لقد شهد لبنان خلال الفترة الماضية أحداثاً متلاحقة، تركت تداعيات على أكثر من مستوى، داخلياً وخارجياً، قدمتم خلالها المثال في الإرادة والصمود والحرص على أرواح اللبنانيين، عبر نزع فتيل التوتر وملاحقة المخلين بالأمن في مختلف المناطق، بأعلى درجات الاحتراف والشفافية والتجرد والانضباط، غير عابئين بحملات التجني والاشاعات. تقفون ثابتين عند الحدود الجنوبية في مواجهة العدو الإسرائيلي. كونوا على ثقة بأن ما تبذلونه من عرق ودم هو السبب الأول في بقاء الوطن الذي تهون من أجله كل التضحيات. تمسكوا بالعهد الذي قطعتموه، واعلموا أن صمودكم سيفضي بلا شك إلى خلاص وطننا ونهوضه من أزمته حتى يستعيد دوره وتألقه”.

على الصعيد المالي، كشف النائب الأول لحاكم مصرف لبنان في المؤتمر الصحافي الذي عقده صباح أمس، إثر توليه مهام الحاكم، أنّ “المجلس المركزي في مصرف لبنان أصدر قراراً يمنع المساس بالتوظيفات الإلزامية عام 2021 واكتشفنا قناعة لدى السلطة السياسية بأن لا نية لديها للإصلاح”.

وقال منصوري: “خيارنا كان ثابتاً وواضحاً وهو أنه مهما كانت الأسباب التي تدفع الحكومة الى طلب أموال من المصرف المركزي فهي أسباب غير مبرّرة على الإطلاق ويجب أن يتوقّف هذا الاستنزاف نهائياً”. وشدد على أن “التوقيع لن يتم على أيّ صرف لتمويل الحكومة إطلاقاً خارج قناعاتي وخارج الإطار القانوني لذلك”.

وأوضح أن “البلد لا يمكن له أن يستمر من دون إقرار القوانين الاصلاحية خلال مدة الأشهر الستة المقبلة، وهي موازنة العام 2023 التي الحكومة بصدد الانتهاء منها في جلسة اليوم (امس) ولاحقاً موازنة العام 2024 ضمن المهل الدستورية، وقوانين الكابيتال كونترول وهيكلة المصارف واعادة التوازن المالي”.

وفيما أكد منصوري وجوب إقرار القوانين الإصلاحية لا سيما موازنتا 2023 و2024 وقوانين “الكابيتال كونترول” وهيكلة المصارف وإعادة التوازن المالي، اعتبر “أننا ننظر الى فترة انتقالية قصيرة تسمح بتمويل الدولة بموجب قانون”، مشيراً الى أن “تشريع الصرف من التوظيفات الإلزامية من مصرف لبنان يجب أن يكون مشروطاً برد الأموال ويجب أن يكون التشريع لفترة محددة ومشروطة وسيسمح القانون بدفع الرواتب بالدولار وفق منصة صيرفة”.

وبعد المؤتمر الصحافي انضم منصوري إلى جلسة الحكومة، وناقش مع الوزراء خلالها إمكان تشريع عملية استقراض الحكومة من المصرف المركزي، متسلحاً بموقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي قال خلال الجلسة: “دعوت منصوري اليوم لحضور الجلسة ليعرض لمجلس الوزراء الأفكار التي يريد مناقشتها ويطالب بها، وفي رأيي ان ما يطلبه يتطابق مع موقف الحكومة لجهة المشاريع الاصلاحية التي أرسلناها الى مجلس النواب. وهو يطلب اقرار تشريع يجيز للحكومة الاقتراض بالعملة الأجنبية من مصرف لبنان”.

وقال منصوري أثناء مغادرته السرايا: “الحكومة هي من تطلب المبلغ المراد اقتراضه ولم ألمس اعتراضاً من الوزراء على ما طرحته”.

وأحالت الحكومة مشروع قانون اقتراض إلى مجلس النواب، بما يبدو تلبية للتغطية التي طلبها منصوري ونواب الحاكم.

وتعليقاً على مؤتمر منصوري، اعتبر رئيس حزب “القوّات اللبنانية” سمير جعجع في تغريدة عبر “تويتر”، أن “ما سمعناه يبشّر بالخير”.

وعلى الرغم من الهدوء النسبي من مختلف القوى السياسية بانتظار عودة لودريان في أيلول المقبل، لا تزال تجارة جبران باسيل بموقع الرئاسة مستمرة، وهو يفاوض حليفه لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، ومع أنه يضع العنوان الأول اللامركزية الموسعة المالية، إلا أن حقيقة ما يريده رئيس التيار جبران باسيل هو وضع اليد على الصندوق السيادي، ويطالب بالحصة الأكبر وفق ما أفادت مصادر مطلعة لموقع “لبنان الكبير”، والحزب مستعد لشراء الرئاسة من جبران ولكنه لم يتفق معه على الثمن بعد، الا أن من الصعب أن يكون الثمن اتفاق الطائف، فقد يربح الحزب حينها جبران، ولكنه سيخسر غالبية حلفائه، وأولهم مرشحه الذي يعد نفسه ابن الطائف.

وعلى صعيد أحداث مخيم عين الحلوة، ندد رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميّل بالاشتباكات الحاصلة التي يدفع ثمنها كل اللبنانيين، مطالباً بنزع سلاح المخيمات ووضعها في عهدة الجيش اللبناني. واذ أبدى تضامنه مع أهالي صيدا، وجه تحية الى الجيش اللبناني، متسائلاً عن سبب ترك البلاد حتى شهر ايلول من دون قبطان يأخذ القرارات الكبيرة. وحمّل “حزب الله” مسؤولية تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وسعيه الى السيطرة على البلد، ورئيس مجلس النواب برفضه الدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس.

وأصدرت منطقة صيدا – الزهراني في “القوّات اللبنانيّة” بياناً أشارت فيه الى “اشتباكات عنيفة تدور مرة جديدة ومن دون مبرر، بين مجموعات فلسطينية على أرض لبنانية مسرحها هذه المرة، كما في غالب الأحيان، مُخيّم عين الحلوة، إذ تتساقط القذائف في كل الاتجاهات، ويطال الرصاص مُحيط مدينة صيدا وبعض بلدات القضاء حيث تقع الأضرار والإصابات في الممتلكات وبين السكان الآمنين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم يعيشون في دولة بات فيها السلاح غير الشرعي يقض مضاجع اللبنانيين ويستجر الويلات والخراب والدمار”.

شارك المقال