مواكبة إقليمية ودولية لـ 4 آب… كباش الحكومة والحاكمية يشتد 

لبنان الكبير

في ظل فراغ رئاسي وتجاذب مالي واهتزاز الأمن الفسلطيني، وطفلة مصابة بطلقات ابتهاج مجرم نجح في الشهادة الرسمية، وأخرى اغتصبها جدها وخالها حتى الموت، بتستر من والدتها وجدتها، ورُضّع يُرمون على قارعة الطرق، أطلت الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت، مترافقة مع مواكبة فرنسية ثلاثية، من الرئيس إلى المبعوث الرئاسي إلى وزارة الخارجية، وبيان من الكونغرس الأميركي.

ذوو الضحايا وناشطون وبعض السياسيين زحفوا من أمام فوج إطفاء بيروت باتجاه تمثال المغترب مقابل المرفأ، وتقدم المسيرة عدد من سيارات فوج الاطفاء التي أطلقت زماميرها وسط تأثر بالغ من المشاركين. بالاضافة إلى صور الشهداء، توزعت اللافتات بين المطالبة بتحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين، وبتحقيق دولي، وبين من يتهم الاحتلال الايراني، فيما ارتفعت الرايات السود معلنة الغضب والحزن. الكلمات التي تليت في الذكرى حمّلت الدولة والسلطة السياسية مسؤولية الانفجار وعرقلة التحقيق، وشددت على الوصول الى الحقيقة بوجود قاضٍ يواجه وأهالي يواجهون، وإن أخذ الأمر بعض الوقت.

وعلى الرغم من أن الاستحقاق الرئاسي يعيش عطلة آب قبل أن يعود إلى الساحة في أيلول، إلا أن تطوراً لافتاً برز على موقف “التيار الوطني الحر”، فبعد أن كان الحديث بالغمز واللمز عن تغير موقف رئيسه جبران باسيل من رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، أوضح عضو تكتل “لبنان القوي” النائب آلان عون في اتصال عبر “لبنان الكبير” أن “من الطبيعي أن تكون المسافة الممتدّة من اليوم حتى مطلع أيلول فرصة لاتفاق يجمع التيار الوطني الحر وحزب الله”، مشيراً الى أن “جبران باسيل لمّح الى أنه سيتماشى مع خيار الثنائي بترشيح فرنجية”.

وحتى ذلك الحين، يبدو أن الاستحقاق المالي والنقدي هو الذي سيحتل المشهد في الوقت الحالي، فالكباش بين الحكومة وحاكمية مصرف لبنان يشتد: الحكومة تريد أموالاً لدفع الرواتب ولسائر الانفاق العام، والحاكم بالوكالة لا يصرف إلا وفق قوانين، والقوانين غير متوافرة، ما يضع البلد في دوامة لا ينفع معها تدوير الزوايا، وترتب على الجميع تحمّل مسؤولياتهم، قبل أن يتفلت الدولار ويفرض الخيارات الصعبة.

وفي المواقف الاقليمية والدولية بمناسبة ذكرى 4 آب، غرّد السفير السعودي في لبنان وليد بخاري عبر حسابه على تطبيق X (تويتر سابقاً): “دقيقة صمت تكريماً لأرواح ضحايا انفجار مرفأ بيروت، وتضامناً مع أهالي الضحايا الذين نُشاطرهم ألمهم ونعلم كم هم تواقون الى معرفة الحقيقة”.

أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فغرّد قائلاً: “أيتها اللبنانيات، أيها اللبنانيون، إنني أفكّر بكنّ وَبكم. بعد الانفجار في بيروت من ثلاث سنوات، كنت إلى جانبكم. وسوف أتذكّر دوماً الحوار الذي دار بيننا. لبنان لم يكن وحيداً، وهو ليس وحيداً اليوم أيضاً. يمكنكم أن تعتمدوا على فرنسا، وعلى تضامننا”.

بالتزامن، قال المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان في تغريدة: “تذهب أفكاري الى الضحايا الذين أودى بهم الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت منذ 3 سنوات تحديداً”.

وكانت السفارة الفرنسية وزعت بياناً لوزارة الخارجية الفرنسية أعلنت فيه أنّها “لا تنسى ضحايا انفجار الرابع من آب”، معربةً عن “تضامنها مع عائلاتهم وأحبائهم”. وأملت في أن “يمضي القضاء اللبناني في استكمال التحقيق بكل شفافية وبعيداً من التدخلات السياسية”، مؤكدة “استمرار فرنسا في الوقوف إلى جانب لبنان كما فعلت دائماً”.

في السياق نفسه، صدر عن وزارة الخارجية الأميركية بيان قالت فيه: “يصادف اليوم (امس) الذكرى الثالثة للانفجار المدمر في بيروت لبنان، الذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص وجرح وتشريد آلاف آخرين. تواصل الولايات المتحدة الوقوف إلى جانب شعب لبنان، يستحق الضحايا وأسرهم العدالة والمساءلة لأولئك المسؤولين عن الكارثة والأسباب الكامنة وراءها”. وشددت على أن “عدم إحراز تقدم نحو المساءلة أمر غير مقبول ويؤكد الحاجة إلى إصلاح قضائي واحترام أكبر لسيادة القانون في لبنان”.

محلياً، توالت المواقف من الذكرى، وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي: “لأن الحقيقة وحدها تبلسم الجراح، فان الأمل، كل الأمل، في أن تظهر شمس العدالة في قضية انفجار مرفأ بيروت في أقرب وقت، فترقد أرواح الشهداء بسلام ويتعزّى المصابون وذوو الضحايا”.

وأشار رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أنه لو كان في سدة الرئاسة في 4 آب العام 2020 لما كان وقع الانفجار في مرفأ بيروت أساساً، “لأن الأمور في الدولة كانت ستسير كما يجب”، معتبراً أن الوصول الى العدالة في انفجار مرفأ بيروت، يستوجب “أن تكون هناك دولة وهذا ما نعمل عليه بصورة أساسية وتضع القوات كل ثقلها في هذا الملف، لكن ذلك لم يمنعنا من العمل على خطوات مرحلية علها توصلنا الى مكان ما. والخطوة الأولى التي بدأنا بالعمل عليها كانت لجنة تقصي حقائق دولية. وعندما رأينا أننا لن نستطع الوصول الى نتيجة مع مجلس الأمن للأسباب التي ذكرتها، توجهنا إلى مجلس حقوق الانسان في جنيف، وواجهتنا المشكلة عينها إذ تتطلب الأمور أكثرية في المجلس، والدول الممثلة فيه تنقسم بين من لا يريد زعل إيران ومن لا يريد مشكلات إضافية معها”.

وأكد رئيس “التيار الوطني الحر” عبر مواقع التّواصل الاجتماعي، أنّه “ليس مقبولاً بعد 3 سنوات، أن يكون التّحقيق بهذا الشّكل، وألّا يكون هناك متّهمون فعليّون إلّا بالتّقصير الوظيفي، ولا أحد متّهم بموضوع النيترات أو باحتمال وقوع عمل إرهابي”، قائلاً: “بعد تجربة القضاء الأوروبي في الفساد المالي، أنا جبران باسيل، أكثر المعارضين للتّدخّل الأجنبي والدّولي في لبنان، أُطالب بتحقيق دولي بانفجار المرفأ، ولتظهر لنا الدّول حبّها وحرصها على لبنان والحقيقة فيه”.

واعتبر المكتب السياسي لحركة “أمل” أن “المسؤولية الأساس أمام كل المعنيين هي إنجاز التحقيقات وتصويب مسارها الدستوري والقانوني بما يؤمن تحقيق العدالة لأنفس وراحة الشهداء وعوائلهم، والتحلي بالمسؤولية الوطنية في إحترام الأصول بعيداً من التسييس وإستغلال مصائب الناس لغايات ومصالح فئوية”.

أمنياً، هدأت الاشتباكات في مخيم عين الحلوة، هدوء لا يُعرف متى يعود وينفجر، فلا سبب التفجير عُرف، ولا المرتكبون سُلموا، ولم يُنزع سلاح المتقاتلين، فقط هو هدوء الضغط السياسي، الذي من غير المعلوم متى قد ينفجر مجدداً.

شارك المقال